قصة زوجة التاجرقصة زوجة التاجر

قصة “زوجة التاجر” هي قصة قصيرة من الأدب الإيطالي للكاتب “كارلو كاسولا”.

نبذة عن المؤلف :


كارلو كاسولا هو كاتب إيطالي وُلد عام 1917م ، وهو كاتب من طراز خاص ،

حيث تميزت كتاباته الأدبية بالواقعية ، حاز على جائزة “ستريجا” الأدبية الإيطالية خلال عام 1960م عن روايته “فتاة بوبي” ، توفي عام 1987م .

 

قصة زوجة التاجر


أنت تعرف زوجتي ؛ إنها تلك السيدة التي تتميز بطيبتها حيث أنها لا تزعج أحدًا ،

فهي تشبه القطة حيث أنها تسير دائمًا خلفي دون أن تتحدث ،

وحينما أعزم على القيام بأحد أسفاري وفي خضم الارتباك الذي يحدث دومًا في هذه الحالات ،

وبينما أقوم بالبحث عن شيء هنا وآخر هناك ، وأفكر جيدًا هل نسيت شيئًا ،

في ذلك الوقت كنت أراها أمامي كالقطة التي تجلس على ساقيها الخلفيتين .

كانت تنظر إليّ بعينين ممتلئتين بالدموع وكأنها ترغب أن تقول :”أعطى حتى ولو مجرد نظرة ،

انظر إلى حالي ؛ فكم أشعر بالمعاناة بسبب رحيلك!” ، آه.. حقًا كانت معاناتها واضحة ،

فكنت أتحدث إليها لأداعبها بقولي :”اهدئي ؛ عليكِ أن تتماسكي ؛ إنه أمر عادي” ،

ثم أعود مرةً أخرى لأنشغل بأمر رحيلي .

وكان الشيء نفسه (أعني العكس) يحدث حينما أعود ،

وبينما أكون في ذلك الوقت مشغولاً أيضًا بسبب تفقدي لبضائعي وقيامي بمحاسبة الحمالين أو معاقبة الخدامين المتكاسلين ؛

فكنت أراها أمامي فجأة بعينين كلهما ابتسامات ،

وكأنها تتحدث دون أن تنطق بكلمة :”هأنذا.. كم أشعر بالسعادة لرؤيتك مجددًا يا بيترو ؛ أيها الزوج الحبيب..”.

هكذا بدت الحياة جميلة في ذلك الوقت يا سيمون ،

حيث أن زوجتي كانت تتميز بمرحها مثل جرو صغير ، غير أنني لم أكن أعطيها اهتمامًا كبيرًا ،

وذلك لأننا نحن التجار قد خُلقنا هكذا كما تعلم ، لا ننشغل سوى بأعمالنا ،

ولكنني في النهاية كنت أنتبه إليها وكنت أدرك كم كانت مغرمة بزوجها بيترو .

كان من الضروري أن تراها أثناء الوقت الذي أعود فيه ،

حيث كانت السعادة تشع بكل جوارحها ، أما الآن وبعد مرور الزمن ،

وحتى لا أطيل عليك في الحديث يا صديقي العزيز ، فإنني رجعتُ من رحلة عملي المعتادة في ذلك اليوم ،

ومن يعلم لماذا شردت لبعض الوقت؟! ، فتجولتُ بالمنزل ولم أجدها ، حينها صحتُ بصوت عالٍ :”روزوتشا”.

حضرت روزوتشا على الفور بعد النداء ، فنظرتُ إليها بانتباه ثم قلتُ :”أنتِ مريضة يا روزوتشا!” ،

فأشارت بإيماءة النفي ، فتحدثتُ قائلًا :”ولكنك بالفعل مريضة ، انظري إلى حالك ،

فكم أنتِ متعبة ، حيث أن لونك شاحب وعيناك غائرتان ، فهزت رأسها وكانت تعض على شفتيها .

في ذلك الوقت أدركتُ كل شيء وتعجبتُ في ذاتي :” يا إلهي ؛ كم أنا أحمق! ،

فهذا لم يكن له علاقة بمرض ، كانت زوجتي الطيبة قد ذبلت ، حقًا لم تعد الزوجة ذات العشرين عامًا ،

إنها كانت إنسانة حزينة وكان الجميع على دراية بذلك الأمر ، فهي لم تعد تلك الشابة الصغيرة ،

فقلت لها :” ألا تتذكرين يا روزوتشا كم كنت سعيدة ؛ حينما كنت أعود من أسفاري في الزمن الماضي..”

ثم أكملتُ قائلًا :”كنتِ تطلين باسمة أمامي وأنتِ في انتظار أن أنظر إليكِ ،

لقد كنتِ تشبهين جرو صغير مرح ، افعليها مرة أخرى.، لما لا تعودي لتفعليها؟ لما لا هذه المرة؟

ألا تلاحظين أنني قد عدتُ وأننا سنقضيا الشتاء كله سويًا؟ ،

في تلك اللحظة أسرعت إلى الغرفة المجاورة كي تختبئ ،

أما أنا فلم أذهب لمعاتبتها كي لا يتحطم فؤادي حينما أراها تبكي .

يا له من شعور بالحزن الشديد أيها الصديق الطيب قد أعادته إليّ ذكريات الشباب بوجهها المبتسم ومرحها! ،

فكم أرغب في عودتها كما كانت ؛ إلى شبابها ، ليس هذا من أجلي وإنما من أجلها هي ،

إن قطتي أصبحت عجوز مريضة ، آه يا سيمون! يا له من وجع! ، فكم يود كل شخص أن يقوم بتغيير حياة من يحبهم ،

وكم يتجرع الألم حينما يراهم هكذا يشيخون حتى الاختفاء ، يا له من كنز مليء بالطيبة نخبأه بأعماق قلوبنا.،

فمهما قيل فهو عكس ذلك ، ولا نتمكن من إخراجه بأي طريقة ، كم للحياة من جوانب مؤلمة .

إقرأ المزيد من القصص على موقعنا

تابعونا على الفايسبوك

By Lars