قصة فنجان شاي رسمت السيناريو في ذهني وكنت أسترجع المشهد المتخيل عدة مرات ،

كيف ستفتح لي الباب فأرتمي في حضنك ، وقد تنفلت الحرقة من طاقتي على التحكم بها ،

فأشهق ، ثم سأحكي لك عن الحادثة ، أو ربما في سيناريو بديل ، يجب أن أتماسك وأسرد تفاصيل الحادثة أولا ،

ثم أبكي ذلك البكاء المؤجل في حلقي منذ أكثر من ساعة .

 

نبذة عن المؤلف :


قصة من روائع القصص الأوزبيكي ، للمؤلفه آيدن حاجييفا ، ولدت آيدن في بخاري ،

نشر لها أكثر من عشرين مجموعة شعرية ، ومجموعات من القصص الأوزبيكي الرائع ،

ونشر لها قصة ندى الصباح باللغة الروسية ، وقصص وقصائد للأطفال .

قصة فنجان شاي

كبرياء مجروح :
كان يجب أن أتخيل التفاصيل القادمة للقائنا قبل وصولي إلى البيت ، لأنها هي التي سندتني من السقوط في الطريق العام ،

حبست دمعتي كي لا أستثير شفقة المارة في الطريق ، أو ألفت انتباه ركاب الحافلة بعد الصدمة التي تلقيتها .

تخيلت كيف سأدخل إلى البيت بعد أن أضغط على زر الجرس ، لن أفتح بالمفتاح قلت لنفسي ،

ولن أضغط طويلا على زر الجرس كي لا أثير فزعك ،

وعندما تفتح ستراني أغطي خدي الأيمن بكفي ، وسأبدأ في قص الحكاية التي جرحت كبريائي مساء اليوم .

 

ضحية العنف :


سأقول لك بعد أن أهدأ إنني ما كنت قادرة على ترك نصف وجهي المصاب مكشوفا للعيان مثل عورة ،

صحيح أنني كنت ضحية للعنف في الشارع ، لكنك تعرفني جيدا ، وتعرف كم أكره التصرف بسيكولوجية الضحية .

 

الهروب من الإرهاب إلى الإرهاب :


تذكر عندما لجأنا إلى هذا البلد هربًا من قمعين إرهاب السلطة وإرهاب الأصوليين ،

وتذكر اليوم الذي قدمنا فيه للجوء هنا ، يومها تحدثت بقوة مع الموظف البريطاني المكلف بملفنا ،

قلت له : أنا وزوجي وابنتي لن نبقى هنا ، بعد زوال الأسباب التي تهدد حياتنا بالخطر ،

نحن لا نحلم ببلادكم كجنة بديلة بل ملجأ يمنحنا الحياة الآمنة إلى حين لم يبد عليك الارتياح من ردودي وانتقدتني بعد أن خرجنا ،

إنني خاطبت الموظف البريطاني كما لو أن وجودنا في بلاده منة ، لا طلبا للأمان .

 

استجواب واهانة :


كان يجب أن تكون نبرة صوتك أخف حدة ، وأنت تتحدثين إليه ،  قلت من دون أن تنظر في وجهي ،

ونحن نسير باتجاه محطة القطار القريبة من وزارة الداخلية في منطقة كرويدن ،

انزعجت أنا من الهواء البارد ومن تحاملك عليّ ورددت بنبرتي إياها ،

التي لم تعجبك فقلت : لكن موظف دائرة الهجرة استجوبنا استجواب المجرمين المتسللين إلى حدود بلاده .

 

تصمت عندما لا يروق لك كلامي ، تتركني أحكي وأنفعل ، وتلتزم أنت الصمت تكبرًا ،

 يغضبني صمتك في لحظة مفتوحة على الحوار فأبدو في حضرة تجاهلك امرأة ثرثارة .

 

كأس من النبيذ وسيجارة :


على أية حال سيناريو اليوم باحتمالاته المتعددة لم ينجح ،

فعندما ضغطت على جرس الباب وقلبي يدق توجسًا من اللحظة التالية التي ستصدمك وتجعلك تشاركني الحالة المؤجلة :

الكراهية في المجتمع الغريب وكيف حدث ما لم نتوقعه ، هذا الذي هربنا منه في بلاد قست علينا كثيرًا في السنوات الأخيرة ،

حدث قد يجعلنا نعيد التفكير بفكرة المنفى والأمان ، إن هو تكرر معنًا ، إلا أنك عندما واجهتني كنت تحمل بكلتا يديك كأس نبيذ وسيجارة .

 

القضية الوطنية :


انشغلت الكفان عن أي فعل آخر كأن تقرر أن تحتضني مطمئنًا إياي ماسحًا بيدك على رأسي ،

في الأصل لم تكن أنت الذي فتحت لي الباب ،  لقد فتحت أنا بمفتاحي ، لأنك لم تسمع رنين الجرس ،

كنت وصديقاك الآخران تتناقشون بصوت عالي في القضية الوطنية ،

جلوسًا في شرفة الشقة المطلة على منحدر جميل في حي هامستيد ،

لا بد أنك لمحت طيفي ينسحب بسرعة من الصالة فلحقت بي .

 

سر خدي الأيمن :


لم تسألني عن سر خدي الأيمن الذي استرخت عليه كفي ، ما بك وأردفت بتعليق آخر قبل أن تسمع إجابتي ،

لم أتمكن من إحضار البنت وانشغلت بضيوفي هل تذهبين أنت ،

هكذا إذن رششت الملح على الألم ، ليستعر أكثر بعدم انتباهك لحالتي وكنت لحظتها أجلس على حافة السرير واجمة ،

من صفعة الأسئلة الباردة على كلا الخدين ثم خمنت متسائلًا هل هو ضرسك ، لا تعرضت للعنف في الشارع .

 

محقق شرطة وليس صدر حبيب:


لا تزال يداك منشغلتين بما تحمل وطالت مساحة الرماد المحروق من السيجارة ، فتحركت صوب النافذة ونفضتها في الهواء الخارجي ،

كأن لم تستوعب الحدث ، أم أن استوعبته وكنت تحلله منطقيًا ، يا أستاذ الفلسفة عندما سرحت قليلًا .

سألتني عن مواصفات المرأة المعتدية وإن كانت معروفة لدي وما هو دافعها ،

تحولت إلى محقق شرطة وكنت لحظتها احتاج إلى صدر حبيب !.

 

الحادثة :


باخت الحكاية وفشل السيناريو الذي كان سيخفف عني وقع الصدمة و الإهانة ،

لو أنه تم كما تمنيت قبل ساعة وأثناء سيري في شارع مزدحم ، اقتربت مني امرأة ضخمة الجثة ،

لاحظت توجهها السريع نحوي خانني ذكائي واستبعدت أي نية سيئة ،

لكنها فاجأتني بدفعة من كتفها الممتلئة ، ورمت بجسدي النحيل ناحية الجدار الخاصة بأحد المحلات ،

فعلت ذلك وهي تصرخ بسهتيرية اذهبي إلى الجحيم ، ولولا أنني حميت وجهي بكفي لتعرض رأسي لما هو أخطر .

 

السياسي اللاجيء والمعتدية المنتصرة :


لم أروي لك الحادثة كما اشتهيت أن تروي ، فقد حولت أنت التفاصيل إلى مجرد إجابات على أسئلة ،

مثل كيف ومتى ولماذا تعتقدين أنه موقف عنصري ، لم تكن في جلسة حوار فكري أيها السياسي اللاجئ ،

كنت في غرفة النوم مع امرأتك التي لم تصح بعد من هول الصدمة ، إن لم تتعمد المرأة المعتدية ،

ما فعلته كانت توقفت بعد شهقة الألم ، وبعد أن تجمع المارة حولي لمساعدتي ، لكنها أكملت السير منتصرة .

 

العنصرية :


لماذا أنا ، هذا ما أردت أن تقوله لي بتهكم ،

حسنًا ربما كان الاعتداء ردة فعل سريع على أحداث العنف ، التي شهدتها مدينة مانشستر قبل أسابيع ،

بين شباب آسيويين وآخرين من البيض ،

ربما أن بشرتي السمراء استفزت تلك المرأة وهنا يصنفون الأفراد حسب لون بشرتهم…

هكذا تتكرر الأسئلة في الاستمارات لتطال كل الألوان ،  ياترى إلى أي الألوان أنتمي أنا في الشارع .

 

عنفًا مجانيًا :


هل تراه كان عنفًا مجانيًا من النوع الذي يحذف كل يوم مثل : عجوز يضرب في بيته من قبل مراهقين ،

وعجوز أخرى تسرق في الطريق بعد أن رماها أحدهم أرضًا ، ليسلبها مبلغ تقاعدها الرسمي الذي تسلمته للتو من مركز البريد ،

ربما كانت المرأة المعتدية عصبية وكنت أنا ضحيتها وربما كانت هناك دوافع أخرى لفعلتها .

قصة فنجان شاي

لجوء سياسي ومسيرة عمر :


لم تكن اللحظة مفتوحة للاحتمالات وأنا أتألم وألجأ إليك ، كانت لحظة لا تحتمل أكثر من التعاطف ،

برد الغضب في داخلي ، ولكنه لم يهدأ وأنت يداك مشغولتا بسيجارة وكأس نبيذ.

بدأ المطر بالهطول فمنح زجاج الحافلة صبغة انعكاس المرايا ،

تتداخل المشاهد المضيئة من داخل وخارج الباص ، مع مشاهد من مسيرة عمري ،  الحب ، الزواج ،

النشاط السياسي لكلينا ، الملاحقة ، قرار مغادرة البلاد بعد تهديدات الاغتيال التي وصلتنا ، انتقالًا إلى هنا ،

ثم متابعتي لدراسة الهندسة الالكترونية ، وابنتي التي أتركها عند جليسة أطفال حين يكون أبوها خارج البيت .

 

أنا وابنتي ونادية :


عملي في أوقات الفراغ في المقاهي وتوزيع المنشورات الدعائية الخاصة بمطاعم البيتزا والسوبر ماركت ،

مقابل أجر زهيد يدعم مصاريفنا ، كم دارت معي ابنتنا نادية ولم تكن تجاوزت الرابعة من عمرها ،

تسابقني لتضع أوراق الإعلانات الملونة في فتحات الأبواب المخصصة للبريد ،

يحول كلانا التعب إلى لعب ونضحك فيخف تأنيب الضمير بداخلي لأني أشغل طفلتي معي في تحصيل لقمة العيش .

قصة فنجان شاي

لا أريد شفقة عامة :


تمر المشاهد أمامي بسرعة وأنا أحدق إلى اليمين ، إلى زجاج النافذة المغبش قليلًا برطوبة مطر ،

أنهى صحو يوم صيفي في لندن  ، أم تراها غبشة عيني وقد تسربت رطوبة دمع جهدت أن أتحكم فيه ،

كتمت الدمع بألم لأنني لا أريد شفقة عامة من حولي ، من أشخاص منهكين بعد يوم عمل طويل مغموس بالتفاصيل المرهقة .

 

فرصة عمل بامتيازات :


أمسك الدمع في محجريهما وأقول لنفسي لماذا لا أتذكر اللحظة السعيدة ، مثل نجاحي في الجامعة البريطانية ،

الذي جلب لي عرضين للعمل بشروط ممتازة ، لماذا لم تبد مبتهجًا مثلي عندما قرأت عليك رسالة شركة الهواتف تلك ،

التي أبدت حماسًا للبحث الذي قدمته في الماجستير عن تكنولوجيا الاتصالات ، الرسالة التي جلبت لي فرصة عمل بامتيازات لا تقاوم .

 

صفعة أعادت التوازن :


مبروك قلتها على مضض ، كأنك استكثرت تفوقي في البلد الغريب ، كأنك غضبت من رفيقة درب لم تواسك في وحدتك ،

هل هذا هو سر وجومك قبل قليل ، ارتحت لصفعة أعادت التوازن إلى صورتي في ذهنك ،

وكما يجب أن تبقى ، زوجة سياسي منفي غريبة في بلد غريب ، وليست لاجئة تتمتع بحق النجاح والثناء بمفردها ،

رفيقة درب ليس مهمًا أن يحمل تقديرها في كل شيء درجات جيدة .

قصة فنجان شاي

جليسة الأطفال الانجليزية  :


عندما فتحت الباب ونزلت لحقت بي وصحت من أعلى السلم ، وقلت : إلى أين أنت ذاهبة ،

وعرضت أن تذهب بنفسك لإحضار الطفلة من عند الجليسة ، لم أجبك خرجت من المبنى وأنا أتحدث إلى مسز روبنسون السيدة الإنجليزية ،

التي نترك عندها صغيرتنا نادية ، حين يكون كلانا خارج البيت .

قبل ساعات عدت أنت لتلحق بموعدك مع الصديقة ، وتجاهلت حقيقة أن هذه السيدة دقيقة في مواعيدها ،

وترفض أن يترك الأطفال عندها إلى ما بعد الساعة السادسة ، امرأة إنجليزية بإمتياز ، موسوسة بالانضباط ،

سأضطر لمواجهة تقريعها الذي تصدره بصوتها الرفيع ، وهي تفتح لي الباب زامة شفتيها الرفيعتين فتنكشف خطوط التجاعيد التي بدأت تكثر حولهما .

لكن أحزر ماذا حصل ؟ صرخت المرأة عندما رأتني قائلة يا إلهي ! من فعل بك هذا ،

انفرطت دموعي للمرة الأولى هذا االيوم ، ونست مسز روبنسون تأنيبي لأن الطفلة غفت في الداخل.

 

فنجان شاي مع  مسز رونسون :


أمسكت بكفي طويلًا بين يديها ، وهي تربت عليهما بعد أن أجلستني على أريكة كانت فاخرة يومًا ،

وبهت لونها مع الزمن راحت تواسيني ! وأنا أحدق في وجهها محاولة اكتشافها من جديد,

أهي ذاتها المرأة التي كنا نشبهها بالمسز تاتشر ، توجهت إلى المطبخ وأحضرت كمادة من القماش القطني مبلولة بمياه باردة ، وضعتها فوق خدي المتورم .

وقالت : يجب أن نسجل محضرًا عند الشرطة غدًا الوقت تأخر الآن على ذلك ،

لا يمكن أن يمر فعل تلك المرأة الشريرة من دون عقاب !.. أما الآن يا عزيزتي فاسترخي قليلا وسأعد لك فنجانًا من الشاي ،

أنا متأكدة أن الشاي سيعيد الدفء إلى كفيك الباردتين .

إقرأ المزيد من القصص على موقعنا

تابعونا على الفايسبوك

Lars

منشور له صلة

توقعات الأبراج اليوم حظك اليوم الاربعاء 9/4/2025 نيسان ابريل افريل

توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…

8 ساعات منذ

abraj alyawm 9/4/2025 حظك اليوم

abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…

8 ساعات منذ

توقعات الأبراج اليوم حظك اليوم الثلاثاء 8/4/2025 نيسان ابريل افريل

توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…

يوم واحد منذ

abraj alyawm 8/4/2025 حظك اليوم

abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…

يوم واحد منذ

توقعات الأبراج اليوم حظك اليوم الاثنين 7/4/2025 نيسان ابريل افريل

توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…

يومين منذ

abraj alyawm 7/4/2025 حظك اليوم

abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…

يومين منذ