قصة بعد عشرين عامًا كان الشرطي يتمشى في دركه بخطو عنيف ، وما كان هذا العنف تظاهرًا ،

ولكنه عادة ، وما كانت به حاجة للتظاهر ، والناس ندرة في الطريق ، فقد كانت الساعة العاشرة مساء ،

والشوارع تكاد تخلو من روادها تحت لفحات الريح الباردة ، وما فيها من بوادر المطر .

قصة بعد عشرين عامًا

نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الأميركي ، للمؤلف أو .هنري ولد عام 1862م ، في كارولاينا الشمالية ،

وتوفي عام 1920م في نيويورك ، من أشهر أعماله قلب الغرب والمصباح المزركش أعاصير وغيرها من روائع المؤلفات .

قصة بعد عشرين عامًا

الشرطي وحراسة الليل :
كان يختبر الأبواب وهو يمر بها ، ويهز عصاه في حركات لطيفة معقدة ،

ثم يلقي نظرة واعية على الطريق الهادئ بين الحين والحين ، وكان بهيكله القوي واختياله الطفيف ،

صورة باهرة لحراس الأمن والسلام ، وكان الحي كله من الأحياء التي لا تسهر ،

ولقد ترى فيه بين الفنية والفنية نورًا ينبعث من حانوت سجائر ، أو مطعم يعمل طوال الليل ،

ولكن معظم الأبواب كانت أبواب متاجر أو مكاتب مر عليها منذ أن أغلقت وقت طويل .

 

بعد عشرين عامًا :


وعندما وصل الشرطي إلى منتصف بناء معين اتأدت خطاه فجأة ، فقد وجد في مدخل مظلم لمتجر حدائد ،

رجلا يستند إلى الجدار ، ويضع بين شفتيه سيجارا لم يشتعل ،

ولم يكد الشرطي يتجه نحوه حتى بادره الرجل قائلًا : اطمئن يا شاويش ،

انى أنتظر صديقا قد وعدته من عشرين عامًا على هذا اللقاء ، ولكن يبدو ذلك مضحكا كما ترى ،

ولكني مستعد للإيضاح إذا شئت أن تطمئن إلى أن كل شيء في أمان ،

فمنذ ذلك الحين كان في موضع هذا المتجر مطعم !

 

لقاء آخر رغم الظروف :


قال الشرطي : لقد أزيل منذ خمسة أعوام .! وأوقد الرجل عود ثقاب ، أشعل منه سيجارة ،

فبدا في ضوئه وجه أصفر مريع الأشداق ، ذو عيون صارمة ، وندبة صغيرة بيضاء على مقربة من حاجبه الأيمن ،

وتألقت ماسة ضخمة من دبوس على ربطة عنقه في وضع غريب ،

ثم قال : في مثل هذه الليلة منذ عشرين عاما تعشيت في ذلك المطعم مع جيمي ويلز أخلص أصدقائي ،

وأنبل رجل في الوجود ، ولقد نشأنا معا في نيويورك .

 

وكنت في الثامنة عشرة وكان جيمي في العشرين ، وكنت على أن أرحل في صباح اليوم التالي مهاجرًا إلى الغرب ،

باحثا عن الثروة ، أما جيمي فما كانت قوة تستطيع أن تزحزحه من نيويورك إذ كان يراها خير مكان على وجه البسيطة ،

وتعاهدنا في تلك الليلة على أن نتلاقى بعد عشرين عامًا ،

في نفس المكان ونفس الوقت ، أيا كانت الظروف ، ومن حيثما شطت بنا الديار ،

وتوقعنا أننا في غضون العشرين عامًا يكون كل منا قد قرر مصيره ، ونال حظه من الثراء ، كيفما كان هذا الحظ والمصير .

 

الصديق القديم :


قال له الشرطي : ياله من شيء مثير ، وأن بدا لي ما بين اللقاءين كأمد طويل ألم تسمع قط عن صديقك منذ كان الفراق ؟ ،

فقال : أجل .. أجل لقد تراسلنا ولكن إلى حين ، ولم يمض إلا عام أو عامان حتى كان كل منا يجهل عن صاحبه كل شيء ،

فالغرب كما تعلم تيه هائل ، ظللت أخب جاهدا وأضع فيه ،

ولكني واثق أن جيمي سيلاقينني الليلة ان كان على قيد الحياة ، فقد كان دائمًا أخلص وأوفى صديق على وجه الحياة ،

ولم ينسى أبدًا ، ولقد قطعت ألف ميل لأقف الليلة في مدخل الباب ، وما أبخسه من ثمن إذا جاء الصديق القديم .

 

حان موعد اللقاء :


وأخرج الرجل ساعة رصع غطاؤها بقطع من الألماس ، ثم قال : انها الآن العاشرة إلا ثلاث دقائق ،

وقد كانت العاشرة تمامًا حين افترقنا ، في نفس هذا الموضع على باب المطعم !
سأل الشرطي : ولعلك نجحت في  الغرب ؟

أجابه : أجل وكل رجائي أن يكون جيمي قد نال ولو نصف ما نلته من توفيق ،

أنه على طيبته لم يكن من هذا النوع المجاهد الطموح ، وجمع الثروة ليس بالأمر اليسير ،

فقد كان عليّ لأجمع ما جمعت منها أن أنافس قومًا يتوقدون ذكاء إن المرء ليضيع في نيويورك ،

في حين أنه يستطيع أن يقهر الغرب ولكن بحد السيف .

 

انصراف الشرطي :


هز الشرطي عصاه وقال : سأمضي لشأني ، وآمل أن يوافيك صاحبك ،

أتراك ترحل إن لم يحافظ على موعده بالدقيقة ، قال الآخر : لا أظن ذلك ، سأنتظر نصف ساعة على الأقل ،

وإذا كان جيمي حيا في أي مكان على سطح الأرض فلن يتأخر ، وداعًا يا شاويش ،

قال الشرطي وهو يستأنف جولته ، ويختبر أقفال الأبواب كما يفعل طبت مساء يا سيدي ..

 

وصول المنتظر :


كان المطر الآن ينهل رذاذا ، والريح قد استحالت نفحاتها الباردة ، إلى صرصر عاتية ،

وحث المشاة القلائل في الحي خطاهم في صمت وكآبة ، رافعين بائق معاطفهم ، ودافنين في الجيوب ،

وفي متجر الحدائد كان الرجل الذي قطع ألف ميل ليفي بوعد مع صديق صباه ،

يكاد تحقيقه يستحيل واقفًا يدخن سيجارة وينتظر !

وطال انتظاره نحو عشرين دقيقة ، ثم ظهر شخص مديد القامة يعبر الطريق مسرعًا إلى الجانب الآخر ،

ويرتدي معطفا طويلاً رفع بنقيته حتى غطت أذنيه ، ويتجه رأسًا صوب الرجل المنتظر ،

حتى إذا أتاه سأله في شيء من الشك : أهذا أنت يابوب ؟ وقال الرجل الواقف بمدخل الباب : جيمي ويلز ؟

 

حال وأحوال :


صاح القادم الجديد وهو يصافح صاحبه بكلتا يديه : يا الله إنه بوب بعينه ، ماض كأنه سيف القضاء ،

لقد كنت موقنًا أنني سأجدك إذا كنت مازالت على قيد الحياة ، ما أطول حقبة عشرين عامًا من عمر الزمان ،

لقد أمحى المطعم القديم ، وكم كنت أود لو كان باقيًا لنتعشى فيه من جديد يا بوب ،

ترى كيف عاملك الغرب أيها الخل العجوز ؟ .

خير ما يستطيع ، أعطاني كل ما سألت ، لشد ما تغيرت يا جيمي ما حسبتك قط بهذا الطول !

وهل وفقت في نيويورك يا جيمي ؟ ، نوعا ما ، والآن هيا بنا بوب تعال معي إلى مكان أعرفه ،

نستعيد الذكريات والأيام الخوالي ، مشي الرجلان يتأبط أحدهما ذارع الآخر ،

وظل الرجل القادم من الغري يروي قصة نجاحه والآخر ينصت جيدًا ، وهو غاطس في معطفه .

وكان على ناصية الطريق مقهى تتلألأ بالكهرباء ، ووقف الرجل القادم من الغرب في مكانه ،

بينما سحبه صديقه من ذراعه وصاح : انك لست جيمي ويلز ، ولقد تكون العشرون عامًا دهر طويلًا ،

ولكنها لم تغير أنفا رومانيا أشم ، الى هذا الأنف المدبب الصغير … قال الرجل المديد القامة :

بيد أنها تكفي أحيانا لتحويل رجل طيب إلى رجل شرير ، أنك مقبوض عليك منذ عشر دقائق يا بوب ،

وقد أبرقت لنا شيكاغو تقول لنا أنك ربما هبطت علينا ، ولها معك حساب ،

وأظنك ستمضي معي في هدوء ؟ أليس كذلك ؟ ليس من الحكمة مقاومة الشرطة ؟

 

رسالة وحمل كئيب :

قصة بعد عشرين عامًا
أحب أن أعطيك رسالة طلب مني أن أسلمها إليك ، ولك أن تقرأها في ضوء النافذة ،

إنها من الشرطي ويلز ! فتح الرجل القادم من الغرب الرسالة ، كانت يده ثابتة أول الأمر ،

حتى ان بدأ في قراءتها ، ارتعشت يداه ، كانت الرسالة صغيرة ، كتب فيها : بوب ،

لقد كنت في ملتقانا على الموعد في الوقت المحدد ، أوقدت لك عود الثقاب لكي تشعل سيجارتك ،

رأيت فيك وجه الرجل المطلوب في شيكاغو ، ولأمر ما عز عليّ أن ألقي القبض عليك ،

فانتحيت ناحية ، واستحضرت رجلا في ثياب مدنية يحمل عني هذا الحمل الكئيب !

إقرأ المزيد من القصص على موقعنا

تابعونا على الفايسبوك

Lars

منشور له صلة

هذه الأبراج تودع الفقر في الأيام القادمة

هذه الأبراج تودع الفقر في الأيام القادمة الأيام المقبلة تحمل وعودًا مشرقة لبعض الأبراج، حيث…

ساعتين منذ

توقعات الابراج اليوم الثلاثاء 18/6/2024 مهنيا وصحيا وعاطفيا

  توقعات الأبراج اليوم  من اشهر علماء الفلك حصريا لموقع عرب كلوب في مقال يتجدد…

11 ساعة منذ

توقعات الابراج اليوم الاثنين 17/6/2024 مهنيا وصحيا وعاطفيا

  توقعات الأبراج اليوم  من اشهر علماء الفلك حصريا لموقع عرب كلوب في مقال يتجدد…

يومين منذ

طاقة اسم أريج تحليل شخصية صفات الاسم

طاقة اسم أريج تحليل شخصية صفات الاسم اسم "أريج" هو اسم عربي جميل يعبر عن…

يومين منذ

طاقة اسم ابتهال تحليل شخصية صفات الاسم

طاقة اسم ابتهال تحليل شخصية صفات الاسم اسم "ابتهال" هو اسم عربي جميل يحمل معاني…

يومين منذ

طاقة اسم أروى تحليل شخصية صفات الاسم

طاقة اسم أروى تحليل شخصية صفات الاسم اسم "أروى" هو اسم عربي جميل ومعبر، يُستخدم…

يومين منذ