قصة طيور العقعق أحضر صديق لي ، هو مصور للوحات الغريبة ، لوحتين تضمان مشاهد طبيعية حافلة بالجليد ،
وفيما كنا نتجاذب أطراف الحديث في قاعة الاستقبال ، ورحت أبدي اعجابي باللوحتين .
قصة طيور العقعق
نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الياباني ، للأديب الياباني ، الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1968م ،
وهو الأديب والروائي ياسوناري كاواباتا ، ولد كاواباتا في أوساكا – اليابان في 14 يونيو عام 1899م ،
ويعد ياسوناري كاواباتا هو الأديب الياباني الذي ترجم له أكبر عدد من الأعمال ،
يحظى به مبدع ياباني إلى اللغة العربية .
قصة طيور العقعق
الشك :
انبعث واقفًا ، فجأة ، وخرج إلى الشرفة المطلة على الحديقة ، قال : لديك طيور عقعق في حديقتك ،
قال: طيور عقعق ؟ أهذه طيور عقعق ؟ ، أجل ، لم أستطيع إلا بالكاد تصديق هذا ،
ولذا كررت السؤال : هناك طيور عقعق هاهنا في كاماكورا ؟ ،
وفي ضوء عدد الساعات التي أمضاها صديقي في رسم مشاهد الريف ،
لم يساورني كبير شك في أنه كان يعرف عم يتحدث .
طيور العقعق :
على الرغم من ذلك ، فقد كانت دهشتي عظيمة إزاء سماع أن الطيور التي ترتاد حديقتي هي طيور عقعق ،
ذلك أني ما إن تفوه بكلمتي طيور العقعق حتى حلق ذهني عائدًا ، إلى الطيور التي يأتي على ذكرها الشعر الياباني كثيرًا ،
وفكرت بصفة خاصة في جسر الأحلام الأسطوري ، وهو جسر شيدته عبر درب التبانة طيور العقعق .
التي عقدت أجنحتها صانعة منها جسرًا ، لتمكن الفتى الراعي التير ،
والفتاة النساجة فيجا من الحفاظ على لقائها السنوي ، في ليلة السبعة المزدوجة ،
هكذا إذن فهذه هي الطيور التي ارتادت حديقتي كل يوم ،
ومن قبيل المصادفة أنه ما كان يمكن أن يكون قد انقضى أكثر من أربعة أو خمسة أيام ،
وفق التقويم الغربي بين السبعة المزدوجة ، أي السابع من يوليو ، وبين تسمية صديقي لزواري المقبلين عبر الأفق .
مصطلح كاساساجي :
ربما يكون مخطئًا ، ولا تكون هذه الطيور طيور عقعق ، في نهاية المطاف ، ومع ذلك فانه عندما يكون لدينا زوار ،
ويتصادف أن تتبدى الطيور للعيان ، حتى أجد نفسي في كل الأحوال أقول شيئًا ، من قبيل : انظروا هاقد أقبلت طيور العقعق !
وعندما أبلغني صديق أن هذه الطيور هي طيور عقعق ، لم أكترث حتى بالنهوض ،
فقد اعتدت كثيرًا على رؤيتها في الحديقة ، وبدلاً من ذلك أشرت قائلاً : حوالي اثني عشر منها تهبط لدينا على الدوام .
وبدلاً من الخروج إلى الشرفة لإلقاء نظرة عليها ، فضلت التفكير فيها ،
هذه الطيور التي لها في ذهني ارتباطات قوية ، فهناك العديد من الاصطلاحات الشعرية بين أسماء الأشياء العادية ،
ولكن كلمة كاساساجي ، وهي الكلمة التي تشير إلى طيور العقعق ، تخلل بقوة عارمة ،
للغاية الشعر الياباني ، بحيث أني أوشك أن أسمع صوت تلك الرفرفة المترعة بالحنين ، ينبعث متصاعدًا في أعماقي .
طيور أشجار الحديقة :
بعد أن لاحظت أن الطيور غالبًا في الحديقة ، سألت صديقي بالفعل ، في أكثر من مناسبة ،
عما إذ يكن عرف أي نوع من الطيور هي ، إنها أكبر من أن تكون أوناجادوري ،
أي طيور عقعق لازوردية الأجنحة ، ترى ماذا عساها تكون ؟
على الرغم من أنني عجزت عن ربط هذه الطيور باسم محدد ،
إلا أنني وصلت إلى التطلع لمقدمها في زياراتها للحديقة ولا مكانية رؤيتها يومًا بعد آخر وعامًا بعد عام ،
وهي تحلق منطلقة من أشجار الحديقة عاليًا ، وتتهادى على مهل وسط العشب بحثًا عن الطعام ،
ولكنني لم أستطيع أن أضمن ما تأكله قط .
الطيور أصدقاء قدامى :
ليست داري بعيدة عن المعبد الكبير ، ووراء الدار تل ، وفيما وراء ذلك جبال تحلق منها ، في أوقات مختلفة من العام ،
أسراب من طيور صغيرة عبر الوادي لتهبط على التل ، وبعض هذه الطيور ، قبّرات ، حدآت سوداء ،
عنادل يابانية ، وبومات سكوب ، عاشت فيما يبدو ، على امتداد سنوات ، على التل وأصواتها يسهل تمييزها ،
والاستماع إليها يدخل السرور في النفس ، وعندما كنت أسمع شدو العندليب ،
أو صوت بومة سكوب ، وقد انغمست في الغرور المتمثل في الاعتقاد أن الطيور أصدقاء قدامى تعود لرؤيتي .
وبعد أن أقمت في الدار عشرين عامًا ،
من دون أن تغييب عني الطيور ولو مرة واحدة في عودتها في الموسم المحدد ،
وصلت إلى افتراض أنها هي الطيور ذاتها التي تعود عامًا بعد عام .
العندليب :
لم يكن مدى طول عمر الطيور ، قد خطر ببالي إلى أن وجدت نفسي ذات يوم أسأل صديقي :
أتساءل كم يبلغ عمرالعنادل أو الحدآت ؟ إنني أعتقد أنها العنادل ذاتها والحدآت ؟
إنني أعتقد أنها العنادل ذاتها والدآت عينها ، أتساءل كم جيلا من الطيور زارتنا على امتداد عشرين عامًا ؟
في الربيع الباكر يبدو العندليب كأنه وليد يلثغ ، ولكن بعد آخر ، ومن خلال الممارسة المستمرة ،
فإن لثغة الطفولي يتحول إلى شدو عندليب ،
والآن ها آنذاك أشرع في التساؤل عما إذا كانت الطيور قد نسيت كيف تشدو ،
أو ما إذا كانت بينها طيور صغيرة تتعلم الشدو للمرة الأولى .
ذكريات مع الطيور :
لابد أن أجيالا عديدة من الطيور قد عاشت وماتت على التل الواقع خلف الدار ، على امتداد العشرين عامًا الماضية ،
كيف أمكن لي الاعتقاد أن الطيور نفسها قد واصلت الحياة ، بعد كل هذه السنين ،
الآن وقد علمني صديقي اسم الطيور التي ترتاد الحديقة ،
فإن الكلمة يبدو أنها تخللت خواطري إلى حد أنني أشعر كما لو أنني لمست قلب الشعر الذي ينشده شعب عتيق .
مواصفات طير العقعق :
لطائر العقعق صوت غير جذاب ، وهو يحرك جسمه الرشيق بعصبية بالغة ،
وإنني لأجد أن هناك القليل فيما يتعلق بهذا الطائر مما يعيد إلى الأذهان صورة طيور العقعق التي انحدرت إلينا من الشعر الياباني ،
صورة الطيور التي تشكل جسر الأحلام ،
ومع ذلك فإنني في الوقت نفسه أجد أن من المستحيل النظر إلى الطيور ، من دون القيام بهذا الربط .
في الشعر وفي الحياة اليابانية :
إن الطيور التي تحلق عاليًا ، في حديقتي لا تعرف ، بالطبع ،
أنها تدعى بطيور العقعق ، أو أنها مطوبة في الشعر العتيق ، إنها حقًا تتوهج بالحيوية ،
لقد نشأ صديقي الذي يصر على تسميتها بطيور العقعق ، في جزيرة كيوشو النائية .
إقرأ المزيد من القصص على موقعنا