قصة هذه الأرض التي نسكنها حصل الكاتب ألبارو لوزانو على دكتوراه في التاريخ ،
وهو كاتب إسباني وُلد عام 1967م ، وعمل في السلك الدبلوماسي عام 2001م ،
تميز بكتابة الروايات التاريخية المعاصرة ، كما تألق في فن كتابة القصة القصيرة ،
ومن أهم قصصه قصة “هذه الأرض التي نسكنها”.
قصة هذه الأرض التي نسكنها
القصة :
عادا لرؤية بلادهما بعد العديد من السنوات التي قضياها في المنفى ،
كان منحنى الطريق معروفًا بالنسبة إليهما منذ وقت طويل من الزمن ،
أشارا إلى أحد الأماكن التي كانا يشعران فيها بالسعادة في الماضي ،
اقترب مانويل من رأس ابنه مارثا ونظر إلي عينيه الكئيبتين ، كان يحاول أن يجد الأمل وكأنه وعد مُنتظر .
كانا يمشيان ببطء وكأنهما يبحثان عن تقليل الخطوات التي أجبرهما عليها العنف ليتركا كل ممتلكاتهما ،
منذ عام انتهت الحرب ، وعُقد السلام بين تصفيق البعض واللامبالاة والتشكيك من البعض الآخر ،
وكان الصفح والنسيان مفروضين بموجب مرسوم السلام ، وكثر الحديث عن الضحايا والتعويضات ،
وامتلأت المكاتب الحكومية بآلاف الرجال والنساء ؛ لإثبات أحقيتهم في الحصول على تعويض عن ضحاياهم ؛ بعد أن عادت إليهم أراضيهم منذ أعوام.
تحدث أحدهما قائلًا : من هنا تقترب المزرعة ،
إنني اتذكر الآن الحيوانات الكثيرة التي حصلنا عليها من جارنا المُزارع خوسيه ؛ كما ألحقنا الضرر بالأعشاب ،
فقال الابن : إنني مُتعب وأشعر بالجوع ، فأجابه الآخر قائلًا : لا تقلق ؛ بمجرد وصولنا سنجدا أمك قد أعدّت شيئًا من الطعام لأجلنا .
نظر مارثا فشاهد بيته القديم في نهاية الطريق ؛
حيث أصبح مجرد خراب من أربعة جدران لازالت واقفة في وسط الأرض الرمادية ؛
التي تشهد على أوقات العنف والموت ،
ربطا الحصانين ودخلا إلى أطلال البيت ليتنفسا من هواءه ؛ وكأنهما استيقظا من كابوس مُفزع ،
والآن يريدان أن يعترفا فقط أنهما من عالم الأحياء ، وقال الأب لابنه : لقد وُلدت في هذه الغرفة .
ركنا مانويل ومارثا على الجدران ؛ وكأنهما يريدان أن يُكملا رحلة اعترافاتهما ؛
هنا في هذا الفناء قاموا بقتل ابنه الآخر جوليان ؛ حيث أطلقوا عليه النار ثلاث مرات ،
توقفا عن النظر إلى أحد الأشجار الميتة ، تعانقا وعلما أن استمرارها في المكان سيجلب لهما ما هو أقسى من ذلك ،
استعادا الأرض ؛ كما أصابهما الحزن على الموتى ، تقدما إلى الأمام بالرغم من أحزانهما .
في الصباح استقبلا بروليو وخوسيه في منحنى الطريق ،
وتحدث مارثا قائلًا : هذه الأرض ميتة ولا تصلح للزراعة وأخبرنا المكتب الحكومي أنه من الأفضل بيعها ،
أخذ مانويل حفنة من الرماد بين يديه ليشمها ، كانوا يزرعون النخيل خلال أخر خمسة عشر عامًا ، والآن سيقوما ببيع الأرض ،
ولكن المُشتري أخبرهما انه سيجلب من أجلها العديد من الآلات والعمال والمواد الكيماوية ؛ لذلك عرض القليل من المال .
قال خوسيه : إذن ماذا ستفعلان الآن ؟ ،
فأجاب مارثا : إن الوضع سيئ جدًا لذلك جئنا إليكما لنعرفا ما إذا كان يوجد مُشتري آخر يدفع لنا أكثر من ذلك المبلغ بقليل ،
فقال مانويل : وموتانا ماذا سنفعل بهم ؟ .. هذه الأرض لنا ولن نتركها ،
فأجابه مانويل : إن الأرض ليست للموتى ؛ إنها للحياة ؛ إذا بقينا هاهنا سنموت جوعًا .
شعر مانويل أن الشمس تعاقب جسده ، نظر بحزن إلى عائلته ،
ولكن بالحزن الأكثر والألم الأشد إلى هذين الرجلين اللذين يتحدثان عن بيع الأرض ،
والعودة للحياة في أحد المدن التي لا ينتميا إليها ؛ حيث سيصبحان من الغرباء طيلة حياتهما ،
فأسرع قائلًا : شكرًا لكما ؛ إنني أُفضّل أن أعيش في أرضي وأنا جائع ؛ من أن أعيش غريبًا في أحد الأحياء.
قام مانويل ومارثا بالحفر في أعماق الأرض المُستنفذة ، وقاما بوضع بذور الذرة ،
قال مانويل : إن دماء موتانا هي التي أماتت هذه الأرض ، كانت الأيام وتمر ولم يحدث جديد ،
وقد اقترب طعامهما على النفاذ ، ذهبا بوسط المزرعة واستلقيا على أمل أن يُغلقا عيونهما ،
وحينما شاهدا أن أحد البراعم قد نبتت ؛ شعرا بفرحة الانتصار .
القصة مترجمة عن اللغة الإسبانية
بعنوان : Esta tierra que habitamos
إقرأ المزيد من القصص على موقعنا