قصة الحصان الهرم إنني لا أجد من جهتي ما يحزنني ، أكثر من مشهد حصان هرم في يوم ماطر ، وسط حقل مقفر .
نبذة عن المؤلف :
رواية من روائع الأدب الفرنسي ، للمؤلف إميل فرانسوا زولا ، ولد في باريس في فرنسا 2 ابريل عام 1840م ،
فهو كاتب فرنسي مؤثر في المدرسة الأدبية التي تتبع الطبعانية ،
ومن أشهر أعماله غموض مارسليا ، مادلين ، الكرثة ، الحقيقة ، توفي إميل زولا ، عن عمر 62 عاماً .
ضاحية مونروج :
كنت أتنزه أيام في الأراضي الخلاء في ضاحية مونروج ، والسماء الشتائية تغم قلبي ،
إن كان هناك على وجه الأرض بقعة يسكنها شجن أبدي وبؤس وشاعرية مفجعة ، فهي تلك الحقول الموحلة ،
الممتدة عند أبواب باريس ، مثل عتبة من الطمي القذر لعروس مدن العالم .
هنا وهناك تنشق الأرض بفظاعة ، لتكشف عن مقالع قديمة مهجورة ، شاحبة وعميقة ،
مثل أحشاء مبقورة في الهواء الطلق ، لا شجرة واحدة ، وحدها دواليب الرافعات الضخمة ، تلوح أمام الأفق الخفيض الرتيب .
الأراضي لديها ذلك المظهر البائس المقزز ، والدروب تلتفت وتطول بكآبة ،
عند كل منعطف أكواخ متداعية وأكوام من الحطام والركام ، بتموجات ألوانه السقيمة ،
ومشاهده التي تنقطع فجأة ، وجروحه الفاغرة مطبوع بحزن بلاد مزقتها يد الانسان .
وفيما كنت أتقدم ، لمحت عند أحد المنعطفات حصاناً هرماً مربوطاً إلى عمود ، كان يحني رأسه ومنخاره ينفثان بخاراًعلى الأرض ،
كان الحيوان المسكين يرتعد ، تهزّه ارتعاشه متواصلة ، يقف منتصبا مادياً هزيلاً ، تحت السماء الداكنة ، والمطر الرقيق المتساقط ينساب على طول ضلوعه .
كان ثمة تناغم بين ذلك الحصان وتلك السماء الشتائية وذلك الحقل الكالح ،
مثل هذا البؤس في محله تماماً وسط هذا المشهد الكرب ، هنا لكل من المخلوق والريف دموعه ، وكم كانت أليمة شكوى ذلك الكائن وذلك الخراب .
شعرت برحمة عظيمة تملأ قلبي ، واقفاً أمامه أطرقت ناسياً نفسي ، متأثراً بتلك الملامة ،
الأليمة التي كنت أستشفها في نظراته ، لست أدري إن كنت رأيت ذلك في منامي ،
لكنني سأنقل لكم الكلام الذي وجهه إليّ الحصان الهرم : سوف أموت غداً ، يمكنني إذاً هذا المساء أن أفتح قلبي ،
وأخفف عنه ، لست واثقاً من أنني سأتمكن من تحسين قدر أشقائي ،
لكنني سأنقل لك على الأقل حقيقة هي ثمرة سنوات حياة طويلة من حياة حصان فيلسوف .
إليك هذه الحقيقة : العمل يثري الرجال ، والعمل يقود الأحصنة إلى المسلخ ، في ذلك ظلم صارخ ،
بودّي أن أؤمن بأن الله وهبكم ذكاء أكبر من ذكائنا ، لكنه أعطاكم ذلك الذكاء حتى تمنحوا خلقه السعادة .
انظر إليّ أشقاءك بالغوا في استغلال قواي ، وكلّما خدمتهم ، ازدادوا قسوة حيالي ،
اليوم جسدي المسكين يطلب الثأر ، ثمة قانون عادل ينص على مكافأة العامل بحسب المهام التي أنجزها ،
نطالب بأن العامل ، بموجب هذا القانون وبأن نكسب في سنوات شبابنا الراحة والعناية اللتين تطالب بهما شيخوختنا .
ولا تجادلني بأننا حيوانات ، فلا نستحق سوى الضرب ، وبأننا خلقنا من أجل ارضاء الانسان ، بل نحن أشقاؤكم ،
أشقاء بسطاء العقول ، وسيأتي يوم تحاسبون فيه على استخدامكم لنا ،
عندها ستحسب عليكم كل آلامنا جرماً ، إننا مطيعون ، كونوا إذاً طيبون ،
نقبل بأن نخذكم طوال حياة كاملة ، اقبلوا إذا بمنحنا موتاً أفضل من ذلك .
إذا كان في قلبك رأفة ، أنت عابر السبيل ، فردّد لأشقائك ما قلته ذلك ، لن يستمعوا إليك ،
لكنني على الأقل لن أحمل معي الحقيقة الفلسفية التي قضيت حياتي برمتها برمتها لصياغتها .
آه ! كم أنني حيوان حزين وكم ستكون حزينة الأرض التي سأدفن فيها !
صمت الحصان الهرم ، أو بالأحرى استيقظت ، كان المطر لا يزال ينهمر خفيفاً ، ألقيت نظرة أخيرة إلى المشهد الكئيب الرتيب ،
إلى الحصان الخائر القوى وإلى هذه الوحول ، ثم دخلت باريس التي كانت تضيء ثرياتها مبتهجة ، غير آبهة للضباب والبرد .
انتفضت على قلة مبالاتنا وأنانيتنا ، وودت تحقيق الأمنيات الأخيرة للحيوان المسكين ،
أعتقد أن أي حقيقة جديرة بالبوح بها ، قلما أترحم على مصير مونروج التي ستتحول غداً ،
إذا ما واصلنا على وتيرتنا هذه ، إلى القصور وحدائق عامة ، لكنني أترحم على مصير الحصان الهرم ،
وأطالب من أجله بمأوى غير المسلخ ، ماذا نقول ؟ دار للعجزة ! بكل جدية !.
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…