قصة المعمّر المئوي كنت أصادف في كل مساء معمراً ، ابن مائة عام طويل القامة ،
جالساً على مقعد على مصطبة حديقة لوكسمبروغ ، كان يجلس في ظل أشجار الكستناء في الصيف ،
وفي أشعة الشمس الشاحبة في الشتاء ، شارداً في أفكاره ، وذقنه متكئ إلى مقبض عصاه .
قصة المعمّر المئوي
نبذة عن المؤلف :
رواية من روائع الأدب الفرنسي ، للمؤلف إميل فرانسوا زولا ، ولد في باريس في فرنسا 2ابريل عام 1840م ،
وهو كاتب فرنسي مؤثر في المدرسة الأدبية التي تتبع الطبعانية ، ومن أشهر أعماله غموض مارسليا ، مادلين ، الكرثة ، الحقيقة .
تأمل :
كان المئوي يتأمل الفتيات الصغيرات ، يلعبن عند أسفل مقعده ، فيدرن في حلقات ويرمينه بضحكاتهن العذبة ،
لاشك أنه كان يفكر في مهده ولحده ، كان يجذبني فيه هدوءه الرصين الوديع ووجهه المجبول بالطيبة ،
المطبوع بالتجارب ، كان يطيب لي الاستماع إليه يتكلم عن الحياة ، وهو الذي اختبر أفراحها وأتراحها .
في أحد أيام آذار ، يوم كانت فيه السماء قاتمة وقصر لوكسمبروغ يرتفع شاحباً كئيباً تحت الغيوم الرمادية ،
قال لي المئوي بصوت يملؤه الحزن والحنين ، وهو يقلب التراب برأس عصاه : أتعلم يا بني عرفت السماوات الكثير من الأيام ،
الماطرة منذ أن ولدت ، وعيناي زرفتا الكثير من الدموع .
ألّمت بي المصيبة مع كل ولد فقدته ، أبنائي وأحفادي توفوا ، وها أنا وحيداً ،
سئمت الخلود في قرن لم يعد قرني ، لا تتمن يوماً أن تتخطى متوسط عمر البشر ،
الموت استراحة ضرورية ، إنه يثلج صدر العجوز مثل قبلة عشيقة ، كانت لي أحزاني ،
وكان لي أحزان الأيام الطوال التي عشتها ، عايشت تعاقب خمسة ملوك وإمبراطوريتين وثلاث جمهوريات ،
كنت شاهداً على كل الأخطاء التي يمكن لشعب أن يرتكبها على مدار قرن ، تذكّر تاريخنا ! كم من الدموع سكبت وكم من الدماء أريقت !
اليوم تحت سماء آذار المكفهرة ، حين أسائل الماضي ،
أحسد الذين ولوا أحسدهم لأنهم في التراب يجهلون آخر عار لحق بنا وآخر دموع ذرفناها ،
أشفق على نفسي لأنني مازلت على قيد الحياة ،
وأشفق على هذا العالم الذي سكنته أطول مما ينبغي ، الذين يموتون صغاراً محظظون ، السموات ترأف بهم !.
جاء شهر آيار ، ووجدت العجوز المئوي جالساً على المقعد نفسه ،
كان قصر لوكسمبروغ يتألق تحت شمس السماء الذهبية المشعة ، والنسمات تعصف عابرة ،
فوق العشب حاملة معها أريج البنفسج اللطيف ، بادرني المئوي بابتسامة طيبة : يا ابني ،
هذا يوم جميل إضافي في سلسلة الأيام الجميلة في العالم ، أذكر كل فصول الربيع التي عرفتها في عمرى ، كلّ أفراحي .
كم أن الحياة حلوة وكم يطيب العيش في الهواء الدفيء ، مئة ربيع لم تقو على استنفاد حبي للشمس ،
ولو مرت مئة عام أخرى ، فسأظل أتحسر على أوراق الشجر الأولى وأشعة الشمس الأولى ،
الانسان يعود شاباً ويتجدد مع كل سنة جديدة ، اليوم عمري عشرون ربيعاً .
إنني ممتن للحياة على كل مسراتها التي أنعمت عليّ بها ، رأيت حول موقدي أولادي وأحفادي حتى الجيل الرابع ،
وفرحت بأنني أب لقبيلة كاملة حتى الآن ، في وسط وحدتي ، أبارك الحياة لأن الحياة هي أيضاً الذكريات ، أستمد سعادتي من أفراحي الماضية .
أعطي لي أن أكون شاهداً على أحداث مهيبة ، قرني كان قرناً عظيماً ، فيه اكتسب الانسان الحرية والعلم ،
أرحل وعزائي في هذا العالم هو قناعتي بأننا نسير نحو النور بخطى بطيئة إنما ثابتة ،
أنسى مشقاتنا حين أفكر بروح الحقيقة والعدالة التي نستهدي بها وتدفعنا قدماً ، أسأل الربيع أن يهبني سنوات جديدة ومديدة !.
تلك هي الحياة بصرختيها الأبديتين ، صوت اليأس وصوت الثقة ،
خيّل لي في الأيام الأخيرة القاتمة أنني أرى فرنسا جالسة على مقعد المعمّر المئوي ،
تبكي أبناءها الذين رحلوا ، محطة تتوق إلى التراب ، لكنني أراها اليوم بآمالها المنتعشة ،
تبتسم لماضيها وتضع ثقتها في مستقبلها ، تتمنى بجموح العيش ، تتمنى حياة طويلة ، حياة أبدية تقودها إلى الحرية ، إلى النور .
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…