قصة ضحية من ضحايا الاعلاناتقصة ضحية من ضحايا الاعلانات

قصة ضحية من ضحايا الاعلانات عرفت فتى طيباً توفي العام الماضي ،

بعد حياة لم تكن سوى معاناة طويلة ، منذ أن بلغ سن الرشد ، مشى كلود على هدى المنطق التالي :

إن مخطط حياتي مرسوم بالكامل ، ليس عليّ سوى أن أسلم بصورة عمياء بمنافع عصري ،

يكفيني حتى أتماشى مع التقدم وأعيش في هناء تام ، أن أقرأ اللافتات والصحف صباحاً ومساءً ،

وألتزم تماماً بما ينصحني به هؤلاء المرشدون المتفوقون ذو الأحكام المبرمة ،

في ذلك تكمن الحكمة الحقيقية والنعيم الوحيد الممكن .

قصة ضحية من ضحايا الاعلانات

نبذة عن المؤلف :
رواية من روائع الأدب الفرنسي ، للمؤلف إميل فرانسوا زولا ، ولد في باريس في فرنسا 2 ابريل عام 1840م 

وتوفي إميل زولا ، عن عمر 62 عاماً ،  في 29 سبتيمبر عام 1902م ،  وقد تم نقل رفاته بعد وفاته بـ 6 سنوات إلى مقبرة العظماء .

قصة ضحية من ضحايا الاعلانات

الاعلانات :
انطلاقاً من ذلك اليوم ، جعل كلود من اعلانات الصحف واللافتات سنة حياة له ،

أضحت الدليل المعصوم الذي يبيت في جميع المسائل ، لم يشتري أي غرض ولم يقدم على أي عمل إلا ما أوصاه به صوت الاعلان ،

صوت يعلو فوق كل الأصوات ، هكذا عاش المسكين في جحيم حقيقي ..

المنزل :


كان كلود اشترى قطعة من الأراضي المستصلحة حيث لم يكن من الممكن البناء على أعمدة رافعة ،

المنزل مشيد وفق نظام معماري جديد كان يترنح في الريح ويتفتت تحت الأمطار والعواصف .

في الداخل ، المواقد المجهزة بأنظمة مانعة للدخان تبعث دخاناً خانقاً ، الأجراس الكهربائية تصر بتعنت على لزوم الصمت ،

الحمامات المطابقة لنموذج بارع تحولت إلى بالوعة كريهة من القذارة ، قطع الأثاث التي كان يفترض أن تتبع آليات دقيقة ، ترفض أن تنفتح وتنغلق .

سرقة ومعاناة :


كان هناك خصوصاً بيانو آلي لم يكن في الواقع سوى أرغن يدوي رديء ،

وخزينة منيعة لاتخلع ولا تحرق حملها لصوص على ظهرهم في إحدى ليالي الشتاء وفرّوا بها بطمأنينة كاملة .

لم تكن معاناة كلود المسكين تقتصر على أملاكه ، بل كان يتألم في شخصه أيضاً ،

ملابسه كانت تنشق في وسط الشارع ، كان يبتاعها في تلك المحلات التي تعلن عن تخفيضات كبرى بسبب التصفية .

ضحية الاعلانات :


التقيته ذات يوم أصلع تماماً ، خطر له أن يبدل شعره الأشقر بشعر أسود ،

مسترشداً كما على عادته بحبه للتقدم ، السائل الذي استخدمه لأجل ذلك جعل شعره الأشقر يتساقط ،

وكان في غاية السرور لأنه بات في وسعه استخدام مرهم معين سوف يمنحه بالتأكيد شعراً أسود أكثر كثافة من شعره الأشقر السابق بمرتين .

ضحية اعلانات العقاقير :


لم أعدد كل العقاقير التي ابتلعها ، وبعدما كان قوي البنية ، بات هزيلاً فاقد الأنفاس ،

عنها بدأت الاعلانات تقضي عليه تماماً ، ظنّ أنه مريض ، فعالج نفسه بوصفات الاعلانات الممتازة ،

وسعياً منه لمضاعفة مفعول الأدوية ، حرص على اتباع جميع العلاجات في آن ،

إذ احتار في أمره أمام فيض من المديح المنصب بالتساوي على جميع العقاقير .

استخفاف الاعلانات والتحول :


استخفت الاعلانات أيضا بذكائه ، ملأ مكتبته بالمؤلفات التي أوصت بها الصحف ،

وضّبها وفق نظام تصنيف بالغ الحذاقة ، فرتّب الكتب وفقاً وطبقاً لجدارتها ،

أعني بذلك بحسب تدرج الغنائية في المقالات التي كانت دور النشر تدفع لكتابتها ،

تكدست لديه جميع الحماقات وجميع الشناعات المعاصرة .

ولم نر يومًا هذا الكم من الفظاعات المعيبة المتراكمة ،

وألصق كلود بكثير من الحرص على ظهر كل كتاب الإعلان الذي كان قد دفعه لشرائه ، بهذه الطريقة ،

حين كان يفتح كتاباً ، يعرف مسبقاً قدر الحماسة التي يفترض أن يبديها حياله ،

فيضحك أو يبكي طبقاً للصيغة المعلنة له ، هكذا تحول إلى أبله مكتمل البلاهة .

ضحية اعلانات العقاقير :


الفصل الأخير من هذه المأساة ، كان محزناً حقاً ، قرأ كلود عن امرأة تسير في نومها وتشفي جميع العلل ،

فسارع إليها لاستشارتها بشأن الأمراض التي يعاني منها ،

تكرمت وعرضت عليه أن تعيد إليه شبابه ، فكشفت له السبيل للعودة إلى سن السادسة عشرة إلى الأبد ،

كان الأمر يقتصر بكل بساطة على أخذ حمام وتناول عقار معين ،

ابتلع العقار وغطس في الحمام وعاد في الزمن إلى شباب مطلق ، إلى حد أن عثر عليه بعد نصف ساعة مختنقاً في مغطسه .

النهاية والوفاة :


حتى بعد وفاته ، ظل كلود ضحية الاعلانات ،

فهو طلب في وصيته أن يدفن في نعش مجهز بنظام تحنيط آني حصل أحد بائعي العقاقير قبل فترة وجيزة على براءة اختراعه ،

انشق النعش إلى نصفين في وسط المدفن وانزلق الجثمان المسكين وسقط في الوحول ،

مما استوجب دفنه مع الألواح الخشبية المحطمة ،

تبلل ضريحه المشيد بالحجارة الكرتونية والرخام الزائف منذ أمطار الشتاء الأول ،

وسرعان ما لم يبق منه فوق الحفرة سوى كومة متعفنة بلا اسم .

إقرأ المزيد من القصص على موقعنا

تابعونا على الفايسبوك

By Lars