قصة كتفا المركيزة نائمة في سريرها الفسيح ، تحت الستائر العريضة من الستان الأصفر ، عند الظهر ،
حين يرن جرس الساعة البلوري ، تفتح عينيها أخيراً ، الغرفة دافئة ، السجاد ،
الستائر المندسلة فوق الأبواب والنوافذ ، تحولها إلى عش وثير لا يتسرب إليه البرد ،
تتمدد فيها مساحات من الحرارة والعطر ، هنا يخيم ربيع أبدي ..
قصة كتفا المركيزة
نبذة عن المؤلف:
رواية من روائع الأدب الفرنسي ، للمؤلف إميل فرانسوا زولا ، ولد في باريس في فرنسا 2ابريل عام 1840م ،
في خلال سنوات حياته كتب العديد من المقالات والقصص القصيرة والمسرحيات والروايات ،
فهو كاتب فرنسي مؤثر في المدرسة الأدبية التي تتبع الطبعانية ، ومن أشهر أعماله غموض مارسليا ، مادلين ، الكرثة .
المركيزة الطيبة :
ما إن تستيقظ المركيزة من تماماً ، حتى يستولى عليها هيجان مفاجئ ،
ترد عنه الأغطية وتقرع الجرس لمناداة جولي .. سيدتي نادتني ؟.. قولي لي ،
هل إن الجليد يذوب ؟ آه يا لها من مركيزة طيبة ،
كم كان صوتها منفعلاً وهي تطرح هذا السؤال ! أول فكرة راودتها كانت لهذا البرد الفظيع .
تلك الريح الشمالية التي لا تحس بها ، غير أنها تهب حتما بقسوة على كل أكواخ المساكين ،
وهي تسأل ان كانت السماء رأفت ، إن كان بوسعها التمتع بالدفء بلا ندم ، ودون أن تفكر في جميع من يرتعدون من البرد .
هل أن الجليد يذوب جولي ؟ قدمت لها الخادمة مبذل الصباح الذي دفأته لها أمام نار مشتعلة ،
وقالت : آه يا سيدتي ، الجليد لا يذوب بل هو يزداد شدة على العكس عثروا منذ قليل على رجل مات برداً في عربة نقل تبتهج المركيزة مثل طفله ،
وتصفق وتصيح : عظيم ! حسنا ، سأذهب بعد الظهر للتزلج على الجليد !!
تزيج جولي الستائر ببطء ، حتى لا يتدفق الضوء فجأة ويؤلم عيني المركيزة الجميلة ،
تلك العينين الرقيقتين : تدخل زرقة وهج الثلج وتملأ الغرفة بنور زاره ، السماء رمادية ،
لكن بلون بهي يذكر المركيزة بفستان من الحرير الرمادي اللؤلؤي كانت ترتديه بالأمس في حفل راقص في الوزارة ،
ذلك الفستان مزين بزخارف مخرمة بيضاء شبيهة بشرائط من الثلج التي تراها على حواف السطوح تحت السماء الشاحبة .
بالأمس كانت متألقة بحيلها الجديدة من الألماس ، أوت إلى سريرها في الخامسة صباحًا ،
وهي لا تزال تشعر ببعض الثقل في رأسها ، غير أنها جلست أمام مرآة ،
ورفعت جولي خُصل شعرها الشقراء الكثة ، انزلق المبذل عنها فظهرت كتفاها عاريتين ، حتى وسط ظهرها .
ثمة جيل شاخ أمام مشهد كتفي المركيزة ، منذ أن جازت سلطة قوية للسيدات المرحات
في ارتداء فساتين مكشوفة الكتفين والرقص في قصر تويلري ،
والمركيزة تجول بكتفيها على غوغاء الصالونات الرسمية ، بمواظبة جعلت منها الرمز الحي لمفاتن الامبراطورية الثانية .
كان لابد لها من اتباع الموضة وتوسيع تقويرة فساتينها حتى أسفل الظهر تارة ،
وحتى عمق النهدين طوراً ، وهكذا غمازة بعد غمازة ، كشفت السيدة العزيزة عن كل ما يخفيه صدرها من مفاتن ،
ما من بقعة صغيرة في صدرها أو ظهرها إلا وباتت معروفة من ساحة لامادلين إلى ساحة سان تومي الأكويني ،
أضحى كتفا المركيزة المعروضتان بسخاء الشعار الشهواني للعهد الإمبراطوري ..
لا داعي بالطبع للاستفاضة في وصف كتفي المركيزة ،
فهما بشعبيتهما تضاهيان جسر بون نوف ، كانتا على مدار ثمانية عشر عاماً من ضمن قائمة العروض العامة الشائعة ،
ما إن يلمح الواحد بقعة صغيرة منها في أحد الصالونات أو المسارح أو أي مكان آخر حتى يصيح :
يا للصدفة ! المركيزة ! ها هي العلامة السوداء على كتفها اليسرى !
وفي مطلق الأحوال فهما كتفان رائعتان ، كتفان بيضاوان مكتزتان مثيرتان ،
مرت عليهما أنظار حكومة برمتها فزادتهما نعومة وملاسة ، مثل تلك البلاطات التي تصقلها أقدام الحشود مع الزمن .
طرحت المركيزة الحياء جانبا ورفعت كتفيها الى مصاف مؤسسة ،
وكم قاتلت من أجل الحكومة التي تختارها هي ! .. تنشط بلا كلل ، حاضرة على كل الجبهات ،
في قصر تويلري في السفارات ، عند الوزراء أو مجرد الأثرياء من أصحاب الملايين ،
توزع الابتسامات لإعادة المترددين إلى الصفوف ، وتستنفر سلطان كتفيها الناصعي البياض .
فتكشف في أيام الخطر عن زوايا صغيرة خفية ولذيذة مقنعة أكثر من حجج الخطباء ،
قاطعة أكثر من سيوف الجنود ، وللظفر بصوت ناخب تهدد باجتزاز أطراف قمصانها الصغيرة ،
إلى أن يستسلم أعضاء المعارضة الأشد شراسة ويلعنون مناصرتهم لها ،
كتفا المركيزة بقيتا دوما على جمالها كاملاً ، دوما مظفرتين ،
حملتا عالما برمته ، من غير أن تأتيهما تجعيده واحدة تخدش رخامهما الناصع .
في ما بعد ظهيرة هذا النهار ، عند الخروج بين يدي جولي ،
ذهبت المركيزة مرتدية ملابس بولندية فاتنة على الجليد ، هي تتزلج ببراعة ،
كان البرد قارسا في الغابة والريح الشمالية تخز أنف تلك السيدات وشفاههن ،
وكأن الهواء ينفخ رملاً رقيقاً في وجوههن كانت المركيزة تقهقه بضحك ، تجد البرد لطيفاً ،
كانت تذهب بين الحين والآخر لتدفئ قدميها أمام النار المشتغلة في مواقد مبعثرة على ضفة البحيرة الصغيرة ،
ثم تعود وتلج في الهواء المجلد لتتزلق مسرعة مثل سنونو يحلق لصق الأرض.
في طريق العودة ، رأت المركيزة في أحد الشوارع المتفرعة من جادة الشانزليزيه فقيرة تصطك عند أسفل شجرة ،
تكاد تموت من البرد ، يا لها من مسكينة !!
تمتمت بصوت متحسر ، وبما أن العربة كانت مسرعة بحيث لم يتسن للمركيزة أن تبحث عن صرتها ،
رمت للفقيرة باقتها ، باقة من أزهار الليلك البيضاء لا يقل ثمنها عن خمسة ليرات .
تفسير حلم قول لا إله إلا الله على الجن لابن سيرين رؤية الجن في المنام…
فنجان برج الحوت اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…
فنجان برج الدلو اليوم الاحد 6/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الدلو ماذا يقول فنجانك يا…
فنجان برج الجدي اليوم الاحد 6/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الجدي ماذا يقول فنجانك يا…
فنجان برج القوس اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال قراءة دقيقة للرموز والإشارات…
فنجان برج العقرب اليوم مع قارئة الفنجان المبدعة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…