قصة الظل من روائع الأدب الدنماركي للكاتب العالمي ،

هانس كريستيان أندرسن  ولد في أودنسه في (2ابريل 1805م – 4 أغسطس 1875م)،

وهو كاتب وشاعر دنماركي ، وهو يعتبر شاعر الدنمارك الوطني الأول.

قصة الظل

وقد برع في كتابة القصص الخرافية ، رغم كونه يكتب في مختلف أنواع الأدب ; مثل النص المسرحي والشعر ،

بالإضافة إلى أنه يميل إلى الأسلوب المبسط ، وقد تم تقديره من الأسرة الحاكمة في الدنمارك ،

وتم ترجمت أشعاره وحكاياته إلى أكثر من 150 لغة حول العالم .

قصة الظل

بداية القصة :
في بلاد تشرق عليها شمس وضاءة ، كان يعيش عالم شاب يقضي أيامه ولياليه ، باحثًا في الكتب ،

وفي أفكاره عن جواب لألغاز هذا الكون الفسيح ، كان قد قدم من بلاد الصقيع ، من تلك الأقطار الباردة ،

التي يعيش فيها الناس داخل بيوتهم ، الدافئة المنغلقة منصرفون الى دراستهم ، وأحس الشاب الذي قد ألف الحرارة ،

وكأنه داخل فرن ساخن ، ومازال يبحث ويذوي ، حتى أن ظله نفسه قد تضاءل ، وبدى أصغر مما كان عليه في موطنه .

فقال : إن استمر الحال على حالتي هذه ، سوف يختفي ظلي ولن أستعيده مرة ثانية ،

إلا إذا غابت الشمس وأضاء المصباح ، وانعكس ظلي على الأرض أو على الجدار ،

وهو يتبعني أو يسبقني في الطريق على ضوء المصابيح ، لكنى أحس أن هذا أمر عارض .

ظل العالِم بعد سنوات :


ففي ذات نهار عندما كانت الشمس تصب لهيب أشعتها ، على الطرقات والسماء ترمي ضياء يعشي العيون ،

بدى ظل العالم شيئا ناحلا ضئيلاً تحت قدميه ، فقال له : يا ظلي البائس ،

لم يبقى منك شيئا ، ولكني لا أستطيع مغادرة هذه البلاد ، لأن دراستي تضطرني إلى البقاء فيها ،

ولكنك لست مضطرًا للبقاء فيها ، ولا دواعي تجبرك على الإقامة في حر الجحيم ،

أذهب فإني آذن إليك بالرحيل ، فلودمت على هذا الحال من الذبول سوف تموت بعد زمن قليل .

وتخيّل العالم أن ظله هز رأسه بعلامة القبول ، وقد تأكد من ذلك لأن الظل اختفى من تحت قدميه ،

فقال في نفسه : ها هو ذا قد رحل ، لأنه غير مناسب لهذه البلاد التي لا ظل فيها ،

ولكني سوف لا يبقي لي ظل أيضًا ، ولابد ألا يعلم بذلك أحد ، فقد قرأت في كتاب ،

أن رجل فقد ظله ، فحاكموه وسوف أتهم بمحاكاته ، وهل أحسنت صنعًا عندما سمحت له بالذهاب ،

ولكن سرعان ما جاءه الرد على سؤاله ، فما انقضي أسبوع حتى رأى تحت قدمه بداية ظل جديد .

لعلها بعض الجذور المتبقية من ظله السابق ، ثم إن كل شيء ينمو  بسرعة في هذه البلاد الحارة ،

وحين عاد إلى بلاده في الشمال كان ظله مناسب لجسمه ،

فانصرف إلى تأليف كتب ضخمة ، عن الحق والجمال في هذا العام ، وانقضت سنوات على هذا المنوال .

 

الظل القديم :


وذات مساء كان جالسًا في غرفته ، وسمع طرقاً على الباب ففتحه ، فوجد أمامه رجلاً طويل القامة ، نحيل جداً ،

حتى دهش لنحوله ، وسأله العالم : مع من ليّ الشرف بالحديث ؟ كان الرجل الغريب مهيبًا ،

وملابسه تدل على أنه ميسور الحال ، وله ابتسامة مشرقة ، فقال : أرى أنك لم تعرفني ، ويدهشني أن تعرفني .

لكنك لن تتخيل أن تراني على هذا الحال ، من الغنى والازدهار ، لقد أصبح لي جسد ولحم وعظام ،

إني ظلك القديم وكنت أفكر فيك أحيانًا ، ولم أنسك لأني قدمت اليك الآن ،

وأراك قد استبدلت بي ظل آخر جديدًا وجدته تحت قدميك وهذا لا يغضبني ،

إن كنت أستطيع أن أقدم لك خدمة ، فسوف أفعل عن طيب خاطر .

قال العالم وقد أدهشته الزيارة : هل أنت ظلي القديم حقًا ،قال له الظل : نعم أنا ظلك القديم بشحمه ولحمه ،

وهذا من دواعي الفخر لظلك ، ثم استأذن منه بشموخ ، وقال : اسمح لي بالجلوس أولًا.

وسواء هذا من دواعي الفخر أم لا ، فقد وضع الظل القديم ،حذاؤه على الظل الراكع كالكلب تحت قدمي العالِم ،

ثم أردف قائلًا : أرجوك أن تناديني باسمي ، فأنا لم أعد ظلك القديم الذي يتبعك ،

فاعذرني فقد تعودت على التباسط معك في الكلام ، ولكني لم افعل ذلك الآن ،

المهم لقد جئت أسالك عن وضعك المادي ، وقبل أن تقول أي شيء فمن الواضح عليك أنك لست على ما يرام .

فأجاب العالِم : فعلًا ، فقد ألفت كتب عن الحق والخير والجمال ، ولكن لم يقرأها أحد ،

فرد عليه ظله : أنت ساذج بالرغم من كثرة علمك ، فأنا قد حصلت على المال الوفير من الإطلاع على أسرار الناس ،

فكنت أمر من تحت الابواب وعبر النوافذ للبيوت ، لذلك اطلعت على ما في القلوب ،

وكان الناس يدفعون لي الكثير ، حتى لا أفضح أسرارهم ، وبذلك أصبحت غنيًا .

فقال العالِم في نفسه : إن ظل الرجل الشريف يغذى فاسداً ، وعندما يترك على هواه ،

لا يكون له عقل بل شبه عقل ، ولكنه لم يصرح برأيه حفاظًا على مشاعر زائره الذي تابع كلامه ،

وهو واثق من نفسه ، أيها العالم إن كتبتك لم تجلب عليك أموال ، فمن يهتم بالحق والخير والجمال ، وقد جئت لأعرض عليك اقتراح .

اقتراح الظل :


فسأله العالِم : وما الاقتراح ؟ ، فقال له الظل : سوف أقوم بجولة حول العالم ، وجئت أقترح عليك أن ترافقني ،

ولكن كظلي ، وهذا يناسبك تماماً ، فقد أنحلك الجوع وكساد كتبك ، حتى أصبحت كالظل ،

ولقد كبر على العالِم ، أن يكون ظلاً ، ولكن الفقر الذي خيم ببابه ، جعله يقبل هذا العرض .

السفر والأميرة الحسناء :


وانطلقا العالِم والظل سويًا ، في السيارة وسيرًا على الأقدام وراكبين على ظهور الخيل ،

وقد سارا جنبًا إلى جنب ، وأحيانا خلفه ، وأحيانا أمامه حسب اتجاه الشمس ،

حتى وصلا إلى المصيف ، وفي المصيف كانت هناك أميرة جميلة ،

جاءت لتستريح من آلام الحب ، وكان العالِم يأخذ مكانه كظل ، أما الظل القديم والذي عرف كيف يؤكل لحم الكتف ،

حاول جاهداً لفت نظر الأميرة إليه ، فكان يتعمد أن يقابل الأميرة يومياً ،

سواء في صالة الرقص أو على البحر ، ولأنه بطبيعته مهزار فكان حديثه يروق للأميرة .

وقالت الأميرة في نفسها : إن هذا الغريب ذكي ، وهو الشخص الذي يساعدني لإدارة مملكتي ،

ولكن لم تسارع الأميرة في اتخاذ قرارها ، ووجهت الأميرة عدة أسئلة له ،

لكي تختبر ذكاؤه ، وكانت قد قرأتها في كتاب علمي مختص ،

فرد عليها قائلًا : إن الأسئلة التي اقترحتيها ، يا سيدتي سهلة جدًا ، يستطيع أن يجيب عنها حتى ظلي الذي يتبعني .

فقالت له : هل هذا ممكن ؟ ، قال لها : بالطبع نعم ،

فقد تبعني وسمعني وتتلمذ على يدي على مدار السنوات ، فاسأليه ،

وأذكرك أيضًا أنه يعتبر نفسه انساناَ ، قالت الأميرة : هذا مستحيل ،

ثم اقتربت من العالِم ، وسألته عدة أسئلة وأجاب عليها بذكاء وعمق.

الأميرة والحكم :


وفكرت الأميرة في نفسها قائلة : لاشك أن هذا الرجل واسع العلم ، حتى يتبعه هذا الظل بالغ الذكاء ،

ومن سعادة شعبي أن يحكمه شخص كهذا ، وكلمت الظل في هذا الموضوع وقبل فوراً ،

على أن يقام العرس في الحال ، ولكن الظل انتابه القلق من ما تطرأ على العالِم من تطورات طارئة.

فقال للعالِم : اسمع يا صديقي ، لقد جئت أعرض عليك الجاه والمال ،

وفي المقابل تبقى على هيئتك هذه ، وسأعطيك ألف دينار سنويًا ، وأعلم أني سأتزوج الأميرة وسيكون العرس هذا المساء .

موقف العالِم:


رفض العالِم أن يكمل تلك اللعبة ، وقال للظل : لا أنا لا أقبل ذلك ، وإنك تجاوزت حدودك ،

فلن أستطيع أن أخدع العالم أكثر من ذلك ، كله إلا الأميرة ،

سوف أذهب إليها وأكشف لها ، أني أنا الرجل ، وأنك ظل يسير على هيئة إنسان .

فقال له الظل : هذا إذا ! ، ثم ذهب الظل للأميرة ، يشرح لها أن ذلك الظل يدعي أنه إنسان ،

وقد بلغ منه الجنون إلى اعتقاد أنه عالِم ، وإني ظله الذي أتبعه ،

قالت الأميرة : يا الهي ، إذا فهو مجنون ، وليس له سوى الموت ، يريحه من تلك الحالة.

فقال الظل وهو متظاهر بالحزن : ما باليد حلة ، فأنتم تعلموا ما يناسب في تلك الحالة خير مني ،

وقامت الأفراح والليالي وشارك الشعب في الاحتفال بزواج الظل من الأميرة ،

إلا العالِم فقد قتل قبل أيام ، وحكم الظل الشعب سنوات طويلة ، وكان أميرًا مقتدراً ، عالماً بأصول السياسة .

إقرأ المزيد من القصص على موقعنا

تابعونا على الفايسبوك

Lars

منشور له صلة

أبراج تبث الطاقة السلبية

أبراج تبث الطاقة السلبية والأفضل تجنبهم بين جميع الأبراج، هناك بعض الشخصيات التي قد تملأ…

دقيقة واحدة منذ

حماية الأبراج من الحسد

حماية الأبراج من الحسد العين والحسد في حياة الأبراج: كيف يتأثر كل برج وكيف يحمي…

10 دقائق منذ

نساء شغوفات حسب الأبراج

نساء شغوفات حسب الأبراج تُعدّ بعض النساء مولودات بقدرات عاطفية عالية، حيث يعبرن عن مشاعرهن…

27 دقيقة منذ

سهم السعادة مفتاح الحظ في الأبراج

سهم السعادة مفتاح الحظ في الأبراج سهم السعادة في الأبراج ودلالاته في الحظ والخارطة الفلكية…

37 دقيقة منذ

3 أبراج عليها إعادة التفكير

3 أبراج عليها إعادة التفكير في عالم الأبراج، يُقال إن لكل برج توجهات وطموحات خاصة،…

48 دقيقة منذ

النجمات الأكثر قوة وفق الأبراج

النجمات الأكثر قوة وفق الأبراج حسب الابراج هؤلاء هن النجمات الأكثر قوة.. هل أنتِ من…

ساعة واحدة منذ