قصة صوت البحر من إبداع الكاتب الإيطالي ألبيرتو مورافيا ، تدور القصة حول بطلة ، أباها أرمل ،
وهي وحيدته ، كانا يعيشان وحيدان بعيداً عن التعقيدات العائلية ،
حيث أطلق كليهما العنان لأحاسيسهما وعواطفها ، دون أن تحدها حدود .
أباها كان يضربها ، يضربها بشدة بل يصفعها بيده الغليظة ذات لخاتم الثقيل الذي يترك ألم حاد على وجهها ،
وخاصة وقت الطعام ، فهو المكان المخصص للخلافات العائلية دائماً ، وكان الضرب ليس بسبب أنها تخالفه الرأي .
ولكن بسبب أنها تخالفه بشدة ، وتكون دائمًا على حق ، وهو لا يريد الاعتراف بذلك ،
وكانت تتلقى الصفعة ومع ذلك لا تغادر المكان ولا تبكي ، بل تكمل ما تريد قوله وهي تحني رأسها على طبقها ،
ولأنه حساس كان هو يزرف الدموع ويتمم بأنه يحبها ، ثم يسألها عن مآخذها عليه ،
مما جعلها تترك العنان لكراهيته ، وهو يطلق العنان لنفسه ، وكان هذا موضوع خلافهما دائمًا .
كان عمر أباها يناهز الستين ، ومازال يستقبل فتيات الهاتف إلى شقتهم ،
وكانت هي تراقبه عبر ثقب في باب غرفتها ، وكان دائم التحرش بالخادمات دون حياء ،
بل وزادت أنه كان يحاول التحرش أيضا بصديقاتها عندما يأتين إلى زيارتها ، فيسارع لفتح الباب لهن ،
مما ولد عندها نفور من الجنس عمومًا ، بل كانت ضد الجنس عندما يسطو على عقول الناس .
وكانت علاقة الخلاف التي بينها وبين أبيها الدائمة ، جعلتها لا تحبذ فكرة الارتباط بشاب في نفس عمرها ،
بل كانت تعجب أكثر بكبار السن دائمًا ، فلطالما أثاروا اعجابها ، ولكن كان ذلك الاعجاب لا يقصد به ميولا ، بل كانت تبحث دائمًا فيهم عن الأب ، الأب الذي ينقصها .
قد يعترض البعض ويقول : ليس من الضروري المعاشرة الحميميه لرجل ،
في عمر أباها لكي تعوض الأب الذي ينقصها ، فالصداقة تكون في هذه الحالة أفضل ،
لكنها كانت لا تعتقد ذلك على الأقل فيما يخصها ، فهي ترى أن العلاقة التي تحل محل الأبوة هي العلاقة الحميمية ،
أما الصداقه تبقي شيء مصطنع جدًا ، لا مصداقية فيه .
وبعد أن مرت بثلاث أو أربع علاقات مع رجال يكبرنها في العمر ، كان لابد أن تكون وجدت الأب الذي تبحث عنه ،
وسرعان ما اكتشفت أنهم غير قادرين على ذلك ، حتى وقعت أخيرًا صريعة حب أحد الرجال ،
كان قد بدى موافق من جميع النواحي برؤيتها ، كان رجل أعمال ، شخص يتعامل كما يقولون بالأمور الاقتصادية ،
وكان جسمانيا طويل القامة ، نحيلا ، متطاول الوجه ، قاسي الملامح وكأنه قد من خشب عتيق ،
خلقياً كانت كلمة واحدة تصف علاقاته أو على الأقل معها ، لقد كان رجلًا زاهداً.
نعم رجلاً زاهدًا ، فالزهد ليس في الدين فقط ، بل في أشياء أخرى كذلك ، متساوية معه في المنع ،
والأكثر أيضا أنه كان رجلاً زاهداً في المال ، ورغم أن هذا القول يبدو مضحكاً إلا أنه حقيقي .
لم تكن تعلم تحديدًا سبب زهده في إقامة علاقة بينهما ، هل كان بسبب سنه ، أم بسبب انشغاله الدائم بأعماله ،
أم بسبب طبيعة العلاقة بينهما ، ولربما الثلاثة معاً ، أما الشيء الذي كانت واثقة منه ، أن حبه لها كان مداه بعيداً وموضوعيا ًوثاقباً.
فكان كل مرة ينظر اليها تتأكد أنه يراها تماما كما هي ، دون أن يجملها أو يضفي عليها شيء من المثالية ،
كما يفعل كل العشاق عادةً ، وهذا الأمر كان لا يمنعه من التعبير عن حاجته إليها ، فقد اقترح عليها عدة مرات ،
أن تهجر أباها لتعيش معه ، لكنها كانت تعلم في الوقت نفسه أنها لم تكن تخطر بباله ولو للحظة واحدة ، عندما لا تكون موجودة أمامه.
كان رجلًا حبه ممتزجًا بالواقعية ، والعدائية أحيانًا ، فقد كان رجلًا خير في كل شيء ،
وهوي عرف أنه سوف يعيش من جديد ، ربما مع بعض التغيير ما كان قد عاشه ورآه من قبل ،
هذا هو عشيقها ، فذات يوم قامر في مضاربة في منتهى الخطورة ، فخسر فيها كل أمواله ،
وأشهر افلاسه ، وقد علمت من الجرائد قبل حتى أن يخبرها لأنه كان مشهورًا جدًا .
القرار :
وعندما هرعت إليه وجدته بنفس الملامح اللامبالية الباردة البعيدة ، ولكنه فجأة وبشكل غير طبيعي ،
حزم جميع حقائبه ، لدرجة ظنت أنه سوف يهرب بدونها ، ولكنه طمأنها بسرعة وقال لها أن اللحظة قاسية ،
وأنه ينوى البدء من جديد وبسرعة ، واقترح عليها أن تقوم معه برحلة ، وهكذا ستكون عنده امكانية التفكير ، وترتيب أوراقه بشكل أسرع وبدء العمل .
وافقت فوراً وتخيلت شكل مكانا لقضاء العطله ، مثل شاطئ لوكابري ،
ولكن حين وقع نظرها مصادفة على تذكرتي الطائرة ، الموضوعتين على الطاولة ،
مؤشر عليها بتاهيتي ، فودعت أباها الحقيقي حسب الدم ، وذهبت مع أباها البديل حسب الجنس .
جلسا في الطائرة متجاورين ، هو برأسه الجميل رأس الرجل الاقتصادي المضارب في البورصة ،
رأس مستقيم وذكي ، وهي منحشرة به منقطعة إليه طيلة ساعات الطيران الطويلة والمضنية ،
تناولا معاً وجبات الطائرة ، وناما معاً تحت غطاء الطائرة ، ونظرا معاً نحو الغيوم الكبيرة ، التي تنقلهم الطائرة من فوقها .
أدركت بالفعل أنها تحبه في تلك اللحظات ، وأدركت أن من الأسباب التي ضاعفت من حبها له ،
هو أنه يحافظ على برودته ، تجاه الكارثة التي كان يعيشها .
وصلا إلى إحدى الفنادق ، الكائنة على شاطئ البحر ، وبدأ يعيشا حياة العشاق الهادئة ،
ففي الصباح كانا يذهبا للسباحة في البحر ، وبعد الظهر يتنزهان في السيارة ويتوقفان في الأماكن الأكثر جمالًا ، الشيء الذي كانت تحبه كثيرًا .
وكانت تستمتع بتضارب الأمواج وصوت الهدير الصادر منها ، وهي متمددة بجواره على شاطئ البحر ،
وكان الصوت في البداية يبدو كأنه غير مسموع ووحيد ثم بعدما قامت بالتركيز شعرت كأن صوت البحر يردد كلمة حب .
كانت سعيدة بالفعل ، لدرجة ظنها ذات يوم انساقت للمسرة فقالت لصديقها ، الذي كان يجلس بجوارها صامتاً كعادته ،
أنها تسمع صوت من هدير الأمواج كلمة واحدة وقالت الكلمة ، وبالكاد ابتسم لها بطريقته الباردة قائلًا أنه يريد هو الآخر أن يسمع هدير البحر ، ليري ان كان سيكتشف كلمة .
وأنصت جيدًا للبحر وقال لها ، أن الأمواج تلفظ كلمة مختلفة ، عن الكلمة التي قالتها ، فسألته أية كلمة ،
هز لها رأسه وأجاب مختلف ، ثم وقف وقال لها ، أنه سيذهب ليهاتف أحد العاملين لإحضار السيارة التي سوف يستخدمونها بعد الظهر في نزهتهم .
غفت مدة تقارب نصف الساعة تقريبًا ، حتى أتي لها أحد العاملين مبتسما كعادته لجميع السائحين ،
ليخبرها أن صديقها انتحر ، أطلق رصاصة على رأسه للتو ، عندما كان في مقصورة الهاتف ، وخر صريعاً على الأرض تحت الجهاز .
بعد مرور فترة زمنية عادت إلى إيطاليا ، حيث استعادت حياتها مع أبيها الحقيقي ، وقد أصبحت أكثر نعومة وتفهماً ،
وقد اعتقدت أنها لن تبحث مرة أخرى عن أب آخر ، فالإنسان لا يملك إلا أباً واحدًا وأبيها الوحيد تركته هناك في مقبرة تاهيتي ،
وربما تنتهي بالجواز من شاب من عمرها ، يدعي أنه يحبها .
كانت تقول أنه ليس من الضرورى أن يكون الانسان محبوبا ، بل أن يكون محبًا ،
فهي ممتنة لذلك الشخص الزاهد في المال لأنه كان محبوبا من قبلها ، لا تعلم وربما كان لا يحبها ،
كان كل ما يشغلها تلك الكلمة التي سمعها من أمواج البحر ، تلك الكلمة المختلفة عن كلمتها ، لدرجة أنه عندما سمعها لم يبقي لديه سوي الانتحار .
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…