قصة غابة على الأوتوستراد للبرد ألف شكل ، وألف طريقة يتحرك بها العالم ،
فهو يعدو مثل قطيع من الخيول على شاطئ البحر ، وينقض مثل سرب من أسراب الجراد في الريف ،
أما المدن فإنه يحل مثل نصل سكين فيقطع الشوارع ، ويتسلل عبر شقوق البيوت غير المدفأة … قصة من روائع الأدب الايطالي المعاصر .
قصة غابة على الأوتوستراد
نبذة عن المؤلف :
يعتبر ايتالو كالفينو من أبرز الشخصيات المهمة والفريدة للأدب الايطالي المعاصر ،
فهو روائي وناقد صحفي لعب دوراً مهما في الحياة الفكرية الإيطاليه ، ولد ايتالو كالفينو في 15 أكتوبر 1923م ،
في سانتاغيو لاس فيغاس بجزيرة كوبا ، لأب أستاذاً في الزراعة ، وأم أستاذة في علم النباتات ،
وفي عام 1949م خرجت
مجموعته القصصية الأولى بعنوان وأخيراً يأتي الغراب .
وفي عام 1952م صدرت ثلاثيته المعروفة باسم ، أجدادنا ،
والتي صورت قوة موهبته وقدرته على تصوير الأساطير والتحليق في الوصف الخيالي ، وتواصلت كتاباته ومؤلفاته ،
حتى توفي في 16 سبتمبر 1985م ، وكانت آخر كتاباته التي لم يتم اكمالها ،
ولكن قامت زوجته بجمع فصولها ، تحت الشمس المرقطة .
المساء البارد:
في ذلك المساء نفذت من منزل ماركو فالدو آخر قطعة من الحطب ،
وجلست العائلة بأكملها متدثرة بمعاطفها وهي تنظر إلى قطع الجمر تشحب في المدفأة ،
ومن أفواه أفرادها تتصاعد سحب البخار مع كل تنفسٍ .
لم يعد أحد منهم يتكلم ونابت السحب بالتكلم عنهم فكانت الزوجة تطلقها طويلة مثل التنهدات ،
والأولاد ينفثونها على مجموعات متناغمة مثل فقاعات الصابون ،
أما ماركو فالدو فقد كان ينفخها إلى الأعلى بلا انتظام أشبه بومضات نبوغ سرعان ما تختفي .
وأخيراً عزم ماركو فالدو على القيام بأمر ما ، سأذهب لأبحث عن الحطب ، من يدري أني لم أجد شيئاً منه ،
فدس أربع أو خمس صحف بين سترته وقميصه ، ليجعل منها درعاً يقيه ضربات الهواء ،
وخبأ تحت معطفه منشاراً طويلاً ، وهكذا خرج في الليل تتبعه عائلته بنظراتها الطويلة المفعمة بالأمل ،
مصدراً صوت حفيف أوراق مع كل خطوة من خطواته ويبرز معها ، المنشار بين حين وآخر من أعلى ياقة معطفه .
إنها لكلمة سهلة ! الذهاب للبحث عن الحطب في المدينة ،
توجه ماركو فالدو على الفور نحو قطعة من حديقة عامة تقع بين طريقين ، كان المكان خالي بأكمله ،
تفحص ماركوفالدو الشجيرات العارية واحدة تلو الأخرى مفكراً بعائلته التي تنتظره بأسنان مصطكة .
كان ميكيلينو الصغير ، الذي تصطك أسنانه من البرد ، يقرأ كتاباً من الحكايات استعاره من مكتبة المدرسة الصغيرة ،
ويتحدث الكتاب عن طفل ، ابن لأحد الحطابين ، خرج بفأسه ليقطع الحطب من الغابة ،
فقال ميكيلينو لنفسه : هذا هو المكان حيث يجب أن نذهب ، إلى الغابة هناك ! حيث الحطب ..
وقد ولد وترعرع في المدينة لذلك لم يكن قد رأى أبداً غابة ، ولا حتى عن بعد ،
اتفق مع أخويه قارناً القول بالفعل ، فأخذ أحدهم فأساً ، والثاني خطافاً ، والثالث حبلاً وحيّوا أمهم ، ثم ذهبوا للبحث عن الغابة .
ساروا أولاً في المدينة المضاءة بالمصابيح فلم يروا إلا المنازل ، أما الغابات فلم يعثروا على أثر ظل لها ،
ورغم أنهم التقوا ببعض العابرين القليلين لكنهم لم يجرؤوا على سؤالهم أين توجد الغابة ،
إلى أن وصلوا وهم على هذه الحال إلى حيث تنتهي بيوت المدينة وحيث تصبح الطريق أوتوستراداً .
رأى الأطفال الغابة على جانبي الطريق ، حيث كانت تمنع رؤية السهل نباتات كثيفة من الأشجار الغريبة ،
لها جذوع رفيعة جداً مستقيمة أو مائلة ، ولها جمة مفلطحة وممتدة من أكثر الأشكال غرابة ومن أغرب الألوان أيضاً ،
حيث كانت تضيئها السيارات العابرة بأضواء مصابيحها ، فتبدو الأغصان على شكل معجون الأسنان ،
أو وجوه ، أجبان ، يد ، آلة حلاقة ، زجاجة ، بقرة ، أو إطار سيارة ، وجميعها مزينة بأوراق من حروف الأبجدية .
فرحة الأطفال :
قال ميكيلينو : مرحى ! هذه هي الغابة ! ، كان أخواه ينظران إلى القمر من بين تلك الظلال الغريبة مسحورين ،
وصاحا : كم هو جميل ، فدعاهما ميكيلينو فوراً ، مذكراً إياهما بالهدف الذي جاءوا من أجله ، الحطب ،
وهكذا قطعوا شجرة صغيرة على شكل زهرة الربيع الصفراء ، وأحلوها إلى قطع حملوها إلى البيت .
وعندما عاد ماركو فالدو إلى البيت بحمولته الضئيلة الأغصان ، الرطبة وجد المدفأة موقدة !!..
فسأل مشيراً إلى بقايا اللوحة الإعلانية التي احترقت بسرعة كبيرة ،
باعتبار أنها مصنوعة من الخشب المعاكس : من أين جلبتم هذه ؟.. فأجاب الأطفال : من الغابة ! ..
سألهم : وأين الغابة ؟.. أجابوا : تلك الموجودة على طريق الأوتوستراد . إنها ملأى بها !
ولأنه رأى أن الأمر بسيط هكذا ، وأن هناك حاجة من جديد إلى الحطب ،
فانه وجد من الأجدى له أن يفعل مثل الأطفال ، عاد ماركو فالدو للخروج بمنشاره وذهب إلى الأوتوستراد ،
كان الشرطي استولفو من شرطة المرور قصير النظر ، وبحاجة إلى استعمال النظارات ليلاً ،
وهو يقود دراجته أثناء الخدمة ، إلا أنه لم يجرؤ على البوح بذلك مخافة أن يشكل ضرراً على مستقبله الوظيفي .
أبلغ في ذلك المساء عن واقعة ، أن عصابة من الأطفال يقطعون اللوحات الاعلانية على الأوتوستراد ،
فانطلق الشرطي استولفو بمهمة تحققٍ ،
وعلى جانبي الطريق رافقت غابة الصور الغريبة المرمية له والناصحة استولفو الذي كان يتفحصها الواحدة تلو الأخرى ،
وهو يدير عينيه القصيرتي النظر ، وها هو ضوء مصباح الدراجة يفاجئ طفلاً صغيراً متسلقاً على لوحة ما ،
كبح استولفو جماح دراجته ! هيه ، أنت ماذا تفعل هناك ؟ هيا انزل فوراً !
لكن ذلك لم يتحرك ، كان يمد له لسانه اقترب استولفو منه فرأى أنها صورة دعاية لنوع من الأجبان تصور طفلاً يلعق شفتيه ،
فقال استولفو : هكذا إذاً ، وعاد أدراجه بأقصى سرعة ، بعد ذلك بقليل ،
وفي ظل لوحة ضخمة أضيء وجه حزين خائف فصاح : قف هناك ! لا تحاول الهرب ! لكن أحداً لم يهرب ،
إنه وجه إنساني متألم رسم وسط قدم مليئة بالمسامير اللحمية ،
إنها دعاية مفتت المسامير اللحمية ، فقال أستولفو : آه عفواً وانطلق مبتعداً .
أما لوحة الاعلان عن حبوب الصداع ، فقد كانت تصور رأساً ضخماً لرجل وضع يديه على عينيه من شدة الألم ،
مر أستولفو فأضاء المصباح ماركو فالدو المتسلق على قمة اللوحة وهو يحاول قطع قطعة منها بالمنشار ،
وقد حاول أن يتضاءل بعد أن بهره الضوء ، ومكث هناك بلا حراك ممسكاً بأذن من الرأس وقد وصل منشاره إلى منتصف الجبهة .
درس استولفو الاعلان بعناية وقال : آه أجل إنها حبوب ستابا ،
إعلان فعال واكتشاف ذكي ، إن ذلك الرجل الصغير فوق مع ذلك المنشار يعنى أن الصداع النصفي يقص الرأس إلى نصفين !
لقد فهمتها فوراً ! ورحل من هناك ،
ران الصمت والبرد فتنهد ماركو فالدو متنفساً الصعداء وجلس على حامل اللوحة غير المريح وعاد إلى عمله ،
وفي السماء المضاءة بالقمر انتشر النعيق المخفف للمنشار وهو يقص الخشب .
نساء الأبراج الأكثر دلالاً هذه هي أبراج النساء الأكثر دلعاً ودلالاً يتمتع بعض الأبراج بسمات…
كيف يتفاءل كل برج ما الذي يجعل كل برج يشعر بالتفاؤل والأمل؟استكشاف الجوانب التي تحفّز…
أكثر الأبراج عصبية هل برجك بينها ترتيب الابراج حسب عصبيتها تختلف الأبراج عن بعضها في…
رقم حظك من تاريخ ميلادك يمكنك معرفة رقم الحظ الخاص بك بطرق مختلفة، تعتمد إحداها…
حظك في الزواج حسب برجك الزواج وأسراره يمثلان جانبًا مثيرًا للكثيرين، وتلعب الأبراج دورًا كبيرًا…
معرفة الحظ والنصيب من الاسم يُعتقد في بعض الثقافات والمعتقدات أن الحظ والنصيب قد يُستدل…