كانت فريدة طفلة صغيرة ، تبلغ من العمر سبع سنوات ، وكانت فريدة من الأطفال النجباء ، حيث كانت تتسم بحضور ذهني ، ونشاط غير مسبوق ، وخفة ظل ممتعة ، وحيوية ، وروح إيجابية ساطعة ، كما عرفت بتفوقها الدراسي ، وسرعة تحصيلها لدروسها ، وكانت دومًا من الأوائل بين زملائها .

ذات يوم من الأيام ، كانت فريدة في فصلها الدراسي ، تتلقى بعض الدروس ، والحصص من أحد أساتذتها الأجلاء ، وكان الدرس عن أهمية ترشيد استهلاك المياه ، بدأ المعلم في شرح الدرس ، وبيان أهمية المياه في حياتنا ، وكيف أنها سر الحياة على وجه الأرض ، وبينما يشرح المعلم الدرس ، إذ بفريدة ترفع يدها فجأة ، هنا توقف المعلم ، وأذن لفريدة بالحديث .

قالت فريدة : ” من زجهة نظري المتواضعة ، أستاذي الفاضل ، أنه لا ينبغي أن يقل الماء أبدًا ، فقد منحنا الله سبحانه وتعالى الماء ، وجعله سر الحياة ، فكيف لنا أن نحافظ على المياه ، وأن نرشد في استهلاكه ، فهو باقٍ مهما كان ” ، رد المعلم بحكمة : ” يا فريدة ، نعم ، قد حبانا الله جل علاه ، ورزقنا المياه ، وهي بمثابة شريان الحياة ، ولكن الأنهار ، والبحار ، والمحيطات ، في حالة من النقصان ، وبعض المياه معرضة للجفاف ، وبعضها الآخر قد جف بالفعل ، لذا وجب علينا الحفاظ على كل قطرة مياه ” .

انتهت الحصة ، وفي نهاية اليوم الدراسي ، أخذت فريدة تتناقش مع رفيقاتها عما شرحه المعلم ، وأخبرتهم ، بأنها غسر مقتنعة تمامًا بما قاله المعلم ، فالمياه لا ينبغي أن تجف من على سطح الأرض ، ومن ثم ذهب الجميع كل إلى منزله ، وكانت مجهدة كثيرًا ، فنامت ، حتى ترتاح قليلًا .

وبينما هي في نومها ، إذ أحست بعطش شديد ، فنهضت على الفور ، كي تشرب ، ذهبت إلى المطبخ ، وقامت بفتح الثلاجة ، وأخذت تبحث فيها عن ماء ، فلم تجد ، فهرولت إلى صنبور المياه ، وفتحته ، فلم تجد به ماء ، فأسرعت تطرق الأبواب على جيرانه ، تطلب أن يزودها بزجاجة من الماء ، فلم تجد لديهم أي ماء أيضًا .

وقد أخبروها بانقطاع الماء في مدينتهم بأكملها ، وقد ورد في نشرات الأخبار ، أنه لا وجود للماء في المدينة بأكملها ، هنا جعلت فريدة تفرك في عينيها ، لا تصدق عدم وجود ماء ، وأرادت أن تتأكد ، فذهبت إلى بيتها ، وفتحت التلفاز ، فوجدت الأخبار حقيقة ، فأخذت تبحث في أي مكان ، تشتري منه ، ولو قارورة ماء فقط ، فلم تجد أبدًا .

ولما غلبها العطش ، والإعياء ، استظلت بشجرة كبيرة ، فراعها أمر الشجرة ، حيث وجدتها تبكي ، وتئن أنين الأطفال ، فتعجبت لذلك ، وقالت في نفسها : ” أ يبكي النبات ؟ ولم تبكي الشجرة من الأساس ؟ ” ، فسألتها على الفور : ” أيها الشجرة الخضراء ، ما يبكيك ؟ ” فقالت الشجرة : ” لقد أسرفتم في استخدام المياه أيها البشر ، حتى نضب ، وأصبحنا في خطر جميعًا ” ، هنا شعرت الفتاة بالحرج الشديد ، فهي بالفعل ، أسرفت كثيرًا ، ولم تحافظ على الماء .


فجأة رأت قطرة ماء ، تجري ، فجرت ورائها ، وتسألها عما أصابها ، وعلمت من القطرة ، أنها تجري من الناس ، لأنهم يطاردوها ، كي يشربوها ، فاستنكرت فريدة ذلك ، فأخبرتها القطرة ، أن البشر هم السبب ، أساء كل منهم في استخدام المياه ، وأن القطرة ستفر إلى عائلتها المختبئة ، فترجتها أن تخبرها بمكان عائلتها من الماء ، لأنها عطشى ، وكادت تموت ، فقالت القطرة : ” شريطة أن تحافظي علينا مهما كان ، فوعدتها فريدة ، وذهبا ، حتى ارتوت ، وعاش الكل في سعادة .

By Lars