التفكير فيما سيخلفّه المستقبل من آثار سلبية على بعض الأماكن أو الأشياء أو حتى الكائنات ؛ قد يدفع الإنسان إلى السعي لمحاولة تجميل واقع المستقبل وتجنب الآثار السيئة المتوقعة ، وهو الأمر الذي دفع غواصًا مصريًا لإقامة متحف من النفايات التي تمت إعادة تدويرها تحت الماء ، وتحديدًا مياه البحر الأحمر الموجودة بمنطقة دهب في جنوب سيناء ، وذلك من أجل حماية البيئة البحرية وجذب أكبر عدد ممكن من السياح .
فكرة متحف فني من النفايات تحت الماء :
قام الغواص المصري “عبدالرحمن مكاوي” وهو مؤسس مجموعة I dive_tribe المختصة بالغطس في البحر الأحمر في السعي إلى تنفيذ متحف من النفايات تحت الماء ، حيث أنه من المعلوم أنه سيحدث انخفاض ملحوظ في عدد الشعاب المرجانية في شتى البحار الموجودة في العالم ؛ وذلك خلال فترة زمنية تتراوح ما بين ثلاثين عامًا إلى سبعين عامًا ، ومن هنا جاءت فكرة المتحف الفني تحت الماء .
قرر مكاوي مع مجموعة من الغواصين المتطوعين أن يقيموا المتحف من أجل المحافظة على الحياة البحرية ، وكذلك لجذب أكبر عدد من السائحين ، وبالفعل تم تنفيذ الفكرة بنجاح خلال عام 2012م ، حيث استخدم فريق العمل النفايات والمخلفات التي أُعيد تدويرها في صناعة أشكال فنية جذابة تحت الماء ، وذلك كي تتربى الحيوانات البحرية على مجسمات المتحف ، ولتنمو عليه الشعاب المرجانية التي باتت مهددة بالاندثار .
شكل المتحف تحت الماء :
تمكن فريق العمل من صناعة قطع فنية صديقة للبيئة ، كما أبدعوا في عرض تماثيل خاصة بشخصيات تمثل الحضارة الفرعونية مثل شخصية “بس” وهو رمز السعادة والاحتفال عند الفرعونيين ؛ وشخصية “حورس” الذي كان يُستخدم كرمز للحماية ، وقام الفريق أيضًا بعمل دوائر إسمنتية ومعدنية وذلك كي تصبح مأوى آمن للأسماك كبيرة الحجم ، كما أنها تعمل على تسهيل عملية السباحة للأسماك الصغيرة ، وتقوم كذلك بحماية الشعاب المرجانية .
وقد تم تنفيذ تمثال ضخم أصبح هو الأكثر شهرة من بين كل التماثيل الموجودة ، حيث أنه تمثالًا معدنيًا لفيل بدا بحجمه الحقيقي ، والذي قام ببنائه هو أحد المتطوعين في فريق العمل باستخدام بعض المعادن وأنابيب قديمة تم تطهيرها تمامًا من أي مواد كيماوية سيئة أو ضارة ، وذلك تجنبًا لحدوث أي ضرر تحت الماء ، حيث أنهم يعملون جاهدين للحفاظ على كل ما هو جميل .
وقام أحد الفنانين من كلية الفنون الجميلة بالمساهمة في فكرة المشروع من خلال نحت بعض التماثيل من أجل عرضها في هذا المتحف الفني المتميز ، حيث قام بذلك الفنان حامد محمد وهو مدرس بقسم النحت في كلية الفنون الجميلة بالأقصر ، والذي قام بنحت ثلاثة من التماثيل ، أما الرابع فقد فضلّ تنفيذه أمام جمع من الجماهير في مدينة دهب ، وذلك من أجل إتاحة الفرصة لمشاهدة هذا الحدث الرائع على أرض الواقع قبل أن يتم عرضه تحت الماء .
جذب السياح :
تم تنفيذ فكرة المتحف الفني تحت الماء من أجل جذب 300 ألف سائح سنويًا ، حيث هناك الكثيرين من هؤلاء السياح ممن يعشقون الغطس في مياه البحر الأحمر التي من بينها منطقة دهب التي أقيم فيها المتحف ، وقد نجحت فكرة المشروع التي حظيت باهتمام كبير من الجهات السياحية التي تعمل على الحفاظ على البيئة البحرية وجذب السياح إلى تلك المناطق بشكل جذاب ومتميز .