ساعد جاك بارسونز في ابتكار علم الصواريخ ، لكن أنشطته الدنيئة جعلته غير معترف به في التاريخ الأمريكي ، فعالم الصواريخ اليوم غالبًا ما يكون اختصارًا لـ “العبقرية” ، لذا يحظى أولئك القلائل الذين يعملون في هذه الصناعة بالتسجيل في التاريخ .
ولكن منذ زمن ليس ببعيد كان علم الصواريخ يُعد مجالًا من الخيال العلمي ، وكان يعتقد أن الأشخاص الذين درسوه كانوا أكثر غموضاً من الخيال نفسه ، وقد كان جاك بارسونز هو الرجل الذي فعل أكثر من غيره ، لتحويل علم الصواريخ إلى حقل محترم .
وهو الشخص الذي كان يبدو أنه قد خرج مباشرة من قصة خيال علمي ، فهو من ساعد في الحصول على مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا من على الأرض ، وقد صنع اسمًا لنفسه في هذا العلم ولكن جاك بارسونز ليس بالتأكيد نوع الشخص الذي تتخيله .
رائد عالم الصواريخ :
كانت القصص الغريبة التي قرأها جاك بارسونز في مجلات الخيال العلمي ، هي التي جعلته مهتمًا بالصواريخ في الواقع ، حيث بدأ بارسونز الذي ولد في لوس أنجلوس في 2 أكتوبر 1914م ، تجاربه الأولى في فناء منزله الخلفي ، حيث كان يبني صواريخ أساسها البارود .
وعلى الرغم من أنه تلقى تعليمًا في المدرسة الثانوية فقط ، فقد قرر بارسونز وصديق طفولته إد فورمان ، الاقتراب من فرانك مالينا وهو طالب دراسات عليا في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ، وتشكيل مجموعة صغيرة مكرسة لدراسة الصواريخ ، وقد أشاروا إلى أنفسهم باسم “فرقة الانتحار” نظرًا لطبيعة عملهم الخطرة .
وفي أواخر الثلاثينيات عندما بدأت فرقة الانتحار في إجراء تجاربها المتفجرة ، كان علم الصواريخ ينتمي إلى حد كبير إلى عالم الخيال العلمي ، وفي الواقع عندما اقترح المهندس والأستاذ روبرت جودارد في عام 1920م أن صاروخًا يمكن أن يكون في يوم من الأيام قادرًا على الوصول إلى القمر ، حينها سخرت منه الصحافة على نطاق واسع ، بما في ذلك صحيفة نيويورك تايمز .
(ثم مع الوقت صارت الصحيفة مجبرة فعليًا على إصدار تراجع في عام 1969م عما نشرته سابقًا ، عندما كان أبولو 11 في طريقه إلى القمر ، وقد أدركت فرقة الانتحار بسرعة أن جاك بارسونز كان عبقريًا في إنتاج الوقود الصاروخي ، وهي عملية دقيقة تنطوي على خلط المواد الكيميائية بالكميات الصحيحة تمامًا ، بحيث تكون متفجرة ومع ذلك يمكن السيطرة عليها .
ولقد تم استخدام نسخ الوقود التي طورها لاحقًا بواسطة (NASA) ، وبحلول فجر الأربعينيات اقترب مالينا من الأكاديمية الوطنية للعلوم ، للحصول على تمويل لدراسة “الدفع النفاث” ، وفجأة لم يعد علم الصواريخ مجرد خيال علمي غريب .
ففي عام 1943م رأت فرقة الانتحار السابقة ، التي كانت تعرف باسم Aerojet Engineering Corporation) ) أعمالها شرعية ، لأنها لعبت دورًا حاسمًا في تأسيس مختبر الدفع النفاث التابع لناسا ، وعلى الرغم من المزيد من التدخل الحكومي ، حدث مزيد من النجاح والفرص لجاك بارسونز ، لكن حياته الشخصية تضمنت بعض الأسرار المروعة .
حياه شخصية سيئة السمعة :
في الوقت الذي كان فيه جاك بارسونز رائدًا في التطورات العلمية ، التي من شأنها أن تساعد في النهاية على وضع الرجال على سطح القمر ، كان يشارك في أنشطة من شأنها أن تشير على أنه رجل مجنون .
ففي أثناء تطويره لعلم الصواريخ ، كان بارسونز يحضر اجتماعات أوردو تمبلي أورينتس بقيادة البريطاني الشهير أليستر كراولي ، وكان كراولي يشتهر باسم “الرجل الأشرس في العالم” ، وقد شجع أقاربه على إتباع أمره بشعاره “افعل ما تريد”، وكانت العديد من عقائد OTO ترتكز أكثر على تحقيق الرغبات الفردية (خاصة الجنسية) بالتواصل مع الشيطان .
وقد شارك بارسونز وأعضاء آخرون في بعض الطقوس الغريبة ، بما في ذلك تناول الكعك المصنوع من دم الحيض ، ولم يكتفي بارسونز بتلك الشعوذة والسحر مع تقدم مسيرته بعلم الصواريخ ، بل على العكس تمامًا لقد تعمق فيها وتم تعيينه قائد الساحل الغربي من OTO في أوائل 1940م ، وتوافق مباشرة مع كراولي .
حتى أنه استخدم الأموال التي ربحها من أعماله التجارية الصاروخية ، لشراء قصر في باسادينا وسمح له بعمل مغامرات جنسية ، مثل إهداءه أخت زوجته البالغة من العمر 17 عامًا للطقوس والعربدة ، وقد قالت زوجة فرانك مالينا إن القصر كان “مثل المشي في فيلم فيلايني حيث كانت النساء يتجولن في لبس غامض مع ماكياج الغريب .
وبعضهن كان يرتدين ملابس مثل الحيوانات ، فبدا الأمر كأنه حفل تنكري وقد تجاهل مالينا غرابة شريكه ، ولكن قال لزوجته جاك يفعل كل أنواع الأشياء الغريبة ، ومع ذلك لم تكن الحكومة الأمريكية قادرة على وقف أنشطة بارسونز الليليّة بسهولة ، حيث بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في مراقبه بارسونز عن كثب .
وفجأة أصبحت المراوغات والسلوكيات التي كانت تميز حياته دائمًا بمثابة مسؤولية للأمن القومي ، وفي عام 1943م تم شراء أسهمه في Aerojet لصناعة وتطوير الصواريخ ، وتم طرده أساسًا من الحقل الذي ساعد في تطويره وأصبح بدون عمل .
فدفن بارسونز نفسه في أعماق في السحر ، ثم تحولت الأمور إلى الأسوأ عندما أصبح العالم السابق على مقربه من كاتب الخيال العلمي رون هابورد L. Ron Hubbard . ، حيث شجع هوبارد بارسونز على محاولة استدعاء إلهة إلى الأرض في طقوس غريبة شملت “الطقوس الدينية ، ورسم الرموز الغامضة في الهواء بالسيوف ، وتقطير دم الحيوانات ، ومع ذلك سرعان ما اختفى هوبارد مع صديقه بارسونز .
وفاة جاك بارسونز :
بعد ذلك خلال فترة الذعر الأحمر التي بدأت في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي ، تعرض بارسونز مرة أخرى للمراقبة من جانب الحكومة الأمريكية ، بسبب تورطه مع المجموعة الشاذة والشعوذة لدى جماعة OTO ، وبدأت الحكومة تشك في تعاونه مع حكومات أجنبية ، وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي يتبعه.
فظل تحت الشبهة ودون أمل في العودة إلى العمل الحكومي ، ثم اختتم بارسونز استخدام خبراته في مجال المتفجرات للعمل على تأثيرات خاصة في صناعة السينما ، وعلى الرغم من أنه خبير لم يتوقف بارسونز عن التجارب الصاروخية المتهورة في الفناء الخلفي ، والتي كان يقوم بها منذ صغره في النهاية .
وفي 17 يونيو 1952م كان بارسونز يعمل على المتفجرات لمشروع فيلم في مختبر منزله ، عندما دمر انفجار غير مخطط له المختبر وقتله ، وتم العثور على الرجل البالغ من العمر 37 عامًا مع كسر في العظام ، والساعد الأيمن وتدمير نصف وجهه تقريبًا ، مما أرداه قتيلًا .
وعندما حققت السلطات في وفاته وجدت أن بارسونز قد انزلق ببساطة مع مواده الكيميائية ، وخرجت الأمور عن السيطرة إلا أن ذلك لم يمنع بعض أصدقاء بارسونز من الإشارة إلى أن بارسونز لم يرتكب خطًأ قاتلاً، وأن حكومة الولايات المتحدة ، ربما أرادت فقط التخلص من هذا الرمز المحرج لأمريكا برغم تاريخه العلمي الكبير