تعتبر رواية إيمي واحدة من أهم كتابات الكاتب الأمريكي تيموثي شاي آرثر ، والتي جسد فيها مشهد بسيط بين أم وابنتها ناقش فيه قدرة الله وبديع صنعه من خلال أسئلة بريئة طرحتها الطفلة إيمي على والدتها السيدة غروف ، لتصل معها في النهاية إلى الحقيقة الكاملة .

نبذة عن الكاتب:
تيموثي شاي آرثر هو واحد من أشهر المؤلفين الأمريكيين ، الذي يعود تواجدهم على الساحة الأدبية للقرن التاسع عشر ، ولد عام 1809م وتوفي عام 1885م ، وقد عمل فيقصصه وروايته على ترويج القيم والمعتقدات السليمة للطبقة المتوسطة الراقية ، ومن أشهر أعماله ملاك في التنكر ، إرادة ، إيمي.

قصة الرواية :
نادت السيدة غروف من الباب المفتوح نحو الحديقة ، لكن لم يأت جواب لقد كانت الشمس قد بدأت في المغيب منذ نصف ساعة تقريبًا ، وكانت أشعة فراقها تلمع باللونين الذهبي والأرجواني ، وكانت هناك غيوم قليلة تنزل وحدها على حافة السماء من الغرب ، وفي الشرق كان القمر الكامل يرتفع  بكل جماله ، مما جعل  النجوم شاحبة وهي التي كانت تتألق في السماء .

أخذت السيدة غروف تسأل : أين هي ايمي؟ هل رآها أي أحد ؟ فقال شقيق إيمي الذي كان مشغولًا في العمل بسكينه على قطعة من خشب الصنوبر ، وهو يحاول أن يصنع زورقًا : رأيتها تصعد الدرج منذ نصف ساعة ، ذهبت السيدة غروف إلى سفح الدرج ، ونادت مرة أخرى ولكن لم يكن هناك أي رد ، أعادت السيدة غروف كلماتها : أنا أتساءل أين يمكن أن تكون الطفلة ؟

ثم قالت لنفسها أين هي وبدأ شعور طفيف من القلق يعبر عقلها ، لذا صعدت الدرج بحثًا عنها ووجدت أن غرفة باب نوم ايمي مغلقة بإحكام  ، ولكن عند فتحها للباب شاهدت السيدة غروف بنتها الصغيرة جالسة في النافذة المفتوحة ، وهي تتفقد في جمال السماء المقمرة وكانت شاردة بخيالها لدرجة أنها لم تسمع صوت دخول والدتها .

نادت والدتها وقالت مرة أخرى : ايمي أنتِ هنا ، فبدأت الطفلة تنتبه ثم قالت بسرعة : يا أمي ! تعال وانظري ! أليس هذا جميلًا ؟ فردت السيدة غروف قائلة : ما الذي تنظرين  إليه يا عزيزي؟ ثم جلست إلى جانبها ولفت ذراعها  حولها ، فقالت إيمي أنظر وأتأمل في القمر والنجوم ، والبحيرة بعيدًا عن التل و انظر ما هذا الطريق العظيم من الضوء الذي يقع عبر الماء !

أليس جميلًا فهذا يجعلني أشعر بالهدوء والسعادة ، وأتساءل لماذا أنه يشعرني بالهدوء ؟ فابتسمت السيدة غروف وهي تقول لها : هل أخبرك السبب ؟ فقالت إيمي نعم ما هو السبب؟ فردت عليها أمها قائلة لقد صنع الله كل ما هو جميل ، ردت إيمي باهتمام : أوه ، نعم ، أنا أعرف ذلك.

فأكملت السيدة غروف قائلة : لقد خلق الله كل جميل من أجل الإنسان ؛ لأن الإنسان هو أعلى شيء في الخلق وأقرب إلى الله ، كل الأشياء التي دونه خلقت من أجل صالحه ، أي أن الله جعل الإنسان يستخدمها في الحفاظ على حياة جسده أو حياة روحه .

وهنا قالت إيمي : ولكني لا ا أرى ما يمكنني أن استخدمه من القمر والنجوم” ، فأجابت والدتها : لقد قلت فقط قبل دقيقة أن جمال هذا المساء وضوء القمر يجعلك تشعرين بالهدوء والسعادة ، فقالت إيمي : أوه ، نعم! هذا صحيح ؛ وكنت ستخبرينني عن سبب ذلك.”

قالت الأم : أولًا دعيني أذكرك أن القمر والنجوم يعطونا الضوء بالليل ، وأنه إذا حدث إن ابتعدت عند أحد الجيران بعد غروب الشمس ، فسيكون وجودهم مفيد جدًا في أن يظهر لكِ طريق المنزل ، فقالت إيمي : أوه حقًا لم أفكر في ذلك عندما تحدثت عن عدم رؤية ما يمكنني الاستفادة من وجود القمر والنجوم .

فنظرت إليها السيدة غروف بود ورقة وهي تقول : لقد صنع الله كل ما هو جيد وجميل من أجل مصلحة الإنسان كما أخبرتك للتو ، وكل واحد من هذه الأشياء الجميلة والخلابة يأتي إلينا بمباركة مزدوجة ، واحدة لأجسادنا والأخرى أن القمر والنجوم لا يعطي الضوء فقط هذا المساء لجعل الطرق المظلمة واضحة ، ولكن وجودهم الهادئ يملأ أرواحنا بالسلام .

ويفعلون ذلك لأن كل الأشياء الطبيعية هي من خلق الله ، فلديهم وظيفة خلقهم الله من أجلها منها ما نعلمه ومنها ما لا نعلمه بل يعلمه الله ، ولكن نشعر بها في أرواحنا هل تفهمين أي شيء مما أعنيه يا صغيرتي إيمي ؟ فقالت إيمي أفهم  قليلًا ، أنتِ تقصدين أن الله هو داخل القمر والنجوم ، وكل شيء آخر صنعه ؟

فأجابت الأم : ليس بالضبط هذا ما أقصده ولكنه قد صنعه ، وأن كل شيء من صنعه شفاف كمرآة قد ترى فيها أرواحنا شيئًا من محبته وحكمته التي تنعكس فيها ، ففي الماء نرى صورة الحقيقة ، وإذا تعلمنا فسوف نرضي عقولنا المتعطشة ونتطهر من النجاسة ، وفي الشمس نرى صورة من محبته  تعطينا النور ، والدفء وكل الجمال والصحة لأرواحنا .

فسألت إيمي والدتها في لهفة وماذا في القمر ؟ فأجابت الأم القمر بارد وهادئ ، ليس دافئًا ورائعًا مثل الشمس التي تخبرنا بمحبة الله مثلما تعلمت من الحقائق ، ولكنه يصبح دافئًا ومشرقًا بالحب فهو يظهر لنا الطريق في أوقات الظلام لذا يجب أن نفهم الكثير عن هذا ، والمهم أن نضع في ذاكرتنا أن كل شيء جميل نشاهده هو مما يصنعه الله .

وهو يعكس شيئًا من طبيعته ونوعه لأرواحنا ، وهذا هو السبب في أنه جميلًا وكبيرًا ، فتلك الأشياء النقية والحلوّة من الطبيعة تملأ قلبك بالسلام أو السرور عندما تنظرين إليها  ، ولفترة وجيزة بعد ذلك جلسا ينظران من النافذة ، وكلتاهما تشعران بالسلام في حضور الله وبديع صنعه ، ثم سمعوا صوتًا بالأسفل ، فابتسمت أيمي ، وقالت : ها قد وصل أبي ثم أمسكت بيد أمها وذهب لمقابلته في الأسفل .

By Lars