تُعتبر الألوان من ركائز الحياة الأساسية التي من المفترض أن يميزها ويراها كل مُبصر ، والأصل في الألوان هي تلك الألوان السبعة المعروفة باسم قوس قزح ، والألوان هي التي تُشكلّ الحياة وتجعل لها معنى وقد تفقد الحياة لذتها إذا فُقدت الألوان .
فماذا إذن لو كانت هناك حياة طُبعت كلها باللونين الأبيض والأسود فقط ، فهل سيكون للحياة طعم مختلف أو أنها ستبدو حياة بلا معنى ، قد يعجب البعض من حياة لا يوجد بها سوى لونين ولكنها حقيقية ، فهناك جزيرة في المحيط الهادي لا يرى أهلها إلا بلونين فقط .
قصة الجزيرة الغريبة :
توجد جزيرة في أرخبيل بالمحيط الهادي بالقرب من إندونيسيا والفلبين وتُعرف باسم “جزيرة ينجيلاب” ، لا يستطيع سكان هذه الجزيرة التمييز بين ألوان البحر أو السماء أو الخضرة ، حيث لا يستطيعون رؤية الألوان الزاهية الجميلة ، وذلك لأنهم فقط لا يميزون إلا لونين فقط وهما الأبيض والأسود .
يعيش 700 شخص في هذه الجزيرة الغريبة ، وجميعهم لا يرون سوى اللونين الأبيض والأسود ، ويعود السبب وراء ذلك الأمر الغريب إلى إصابة سكان هذه الجزيرة بعمى الألوان منذ صغرهم ، وقد تم انتقال ذلك المرض إلى الأبناء نتيجة للعوامل الوراثية وهو المرض المعروف باسم “عمى الألوان الكلي”.
من المعروف أن هذا المرض نادر جدًا أن يحدث في العالم ، غير أنه قد حدث بالفعل في تلك الجزيرة ، وقد انتقل إلى سكان الجزيرة بالتتابع نتيجة للعوامل الوراثية التي لعبت دورًا رئيسيًا في ذاك الحدث الغريب.
ما هو الذي حدث لأهل جزيرة ينجيلاب :
لقد أصيبت تلك الجزيرة لسوء حظها بإعصار شديد خلال عام 1775م ، وقد قُتل جميع سكان الجزيرة في ذلك الإعصار ولم ينجو سوى نحو 20 شخص فقط ، ثم حدثت مجاعة كبيرة عقب وقوع ذلك الإعصار ، وكان الملك نانماركي موانينيزد هو أحد الأشخاص العشرين الذين نجوا من الهلاك ، وكان هذا الملك مصاب بعمى الألوان .
كان الزواج من الأجانب أمر مرفوض تمامًا لدى سكان هذه الجزيرة ، فتزوج جميع الناجين من بعضهم البعض ، مما جعل مرض عمى الألوان منتشرًا بينهم وبين أبنائهم والأجيال المتعاقبة على مر الزمان .
لم تكن المشكلة فقط في مجرد رؤية الألوان لأهل هذه الجزيرة ، بل امتد الأمر أيضًا لعدم قدرتهم على الشعور بمذاق الطعام حتى وإن كان فاسدًا ، كما أنهم يعانون من الحساسية الشديدة ضد أشعة الشمس ، ولا يتمكنون على الإطلاق من العمل تحت ضوء الشمس ، حيث أن الأمر يبدو في غاية الصعوبة بالنسبة لهم .
لقد حُرم سكان جزيرة ينجيلاب نعمة التمييز بين الألوان ورؤيتها ، ولكن الله تعالى قد منحهم نعمة في نظرهم أفضل من جميع العالم ، حيث أنهم يستطيعون الرؤية أثناء الليل أفضل من حالنا ، فهم مثلًا يستطيعون رؤية سمكة تسبح في أحد المناطق المجاورة لهم بوضوح تام ، وهو الأمر الذي يبدو صعبًا على أي شخص يمتلك الرؤية بشكل عادي .
بما أن أهل جزيرة ينجيلاب الغريبة يستطيعون الرؤية بوضوح أثناء الليل ، فهم يسهرون من أجل العمل وقضاء احتياجاتهم ، ويقومون باصطياد الأسماك ليلًا ، حيث أنهم لا يستطيعون العمل أثناء النهار نتيجة لتلك الحساسية القوية من أشعة الشمس .