نشأت دوريس باين في ثلاثينيات القرن الماضي في بلد مناجم الفحم الواقعة في شرق فرجينيا ، وكانت توصف بأنها ملكة جمال السيدات فقد كانت ترتدي قبعة فخمة ، وتلبس بأناقة شديدة وتتخيل نفسها تعيش حياة بعيدة عن ظروفها الفقيرة ، فقدرتها هذه على الظهور بنفسها كشخص آخر جعلتها تستفيد من ذلك وتربح بشدة ، حيث تحولت من طفلة صغيرة بريئة إلى أحد أشهر اللصوص والمجرمين المتخصصين بسرقة الجواهر في العالم .
فعلى مدى ما يقرب من 70 عامًا ، سافرت إلى 32 دولة باسم مستعارًا ، وتسع جوازات سفر في رحلة تستحق أن يطلق عليها فيلم المحيط ، وسرقت الكثير من الجواهر وتم اعتقال باين وسجنها أكثر من مرة ، وتتفق قصتها حاليًا مع فيلم Codeblack Film ، حيث كانت باين ابنة لأبًا أميركيًا من أصول إفريقية ، كان أميًا واعتاد أن يضرب زوجته دائمًا .
ويبدو أن تلك الأشياء كان لها تأثير عميق على نفسية دوريس ، فكل تلك الأشياء تم وضعها في عقل الفتاة الصغيرة ، التي قررت أنها لن تكون أبدًا تحت رحمة أي رجل ، وكانت دوريس تقول دائمًا “سأكون القاضي وأتحكم في مصيري ، وكان هذا أبرز دوافعها للجريمة ، وبتتبع مسار حياة دوريس باين يكاد يكون من المستحيل معرفته بدقة ، لأن الأسماء والتواريخ تتغير في قصصها بوتيرة مذهلة .
ومن الصعب معرفة مدى جرائمها حيث قالت باين نفسها في مقابلة عام 2013 م : عندما زادت إساءة والدي لأمي ، استقللت حافلة إلى بيتسبرغ وسرقت ماسة ، ثم أعطيت المال لوالدتي للخروج من المدينة بعيدًا عن والدي ، كانت باين في سن السادسة عشر في ذلك الوقت ، ورغم ذلك ادعت أنها كانت في الثالثة والعشرين من عمرها ، ومهما كان الدافع الذي دفعها للسرقة أول مرة .
فقد أدركت باين أن لديها موهبة كبيرة في التنكر وخفة اليد ، حيث كانت ذات مظهر مهذب وجذاب ولها موهبة لجعل الناس يثقون بها ، وفي أوروبا قد يكون كسب ثقة الناس أمرًا بسيطًا ، عن طريق مثلًا ارتداء الملابس المناسبة وفي مناسبة أخرى قامت باين بدور الممرضة الخاصة لصديق قوقازي ، والذي كان يقول عنها “يمكنني أن أصطحبها إلى أي مكان” ، مثل ميلانو وباريس ونيويورك ولندن وطوكيو .
كان خداعها يتلخص في أنها تزور أي متجر جواهر ، وهي تحمل بيدها محفظة أنيقة وترتدي الملابس القيمة ثم تنزل إلى ملعبها المفضل ، وهو سرقة المجوهرات حيث تؤكد تقارير الجريمة مرارًا وتكرارًا على مدى جاذبيتها وتأنقها وهي تدخل تلك المحلات ، وفي الوقت الذي عامل فيه الأمريكان الأفارقة كمواطنين من الدرجة الثانية ، أوضح في الفيلم الوثائقي عنها أن الناس تجاهلوا بشرتها وأخذوها بمظهرها الأنيق الثري .
فقد كانت تبدو وكأنها تنتمي لتلك الطبقة الثرية عندما تدخل أحد محلات المجوهرات ، ثم تطلب من مندوب المبيعات رؤية مجموعة متنوعة من القطع المحددة المميزة ، وكانت تحرك الجواهر بين يديها بسرعة مذهلة ، مما يؤدي إلى انزلاق وإخراج إحدى الجواهر من يديها إلى معصميها ، ثم بعد ذلك تتلاشى الجوهرة بشكل غامض ، والغريب أنها كانت تكسب ثقة مندوب المبيعات وبعد ذلك تجد طريقة لإلهاء البائع ، وإخفاء القطعة التي تريدها ثم تودع البائع وتخرج من المتجر مع ابتسامة عريضة ، وكأن شيئًا لم يكن .
وبين عام 1952م ومنتصف 1970م استخدمت دوريس العديد من الحيل ، لجمع الكثير من الجواهر ، فحصلت على أكثر من 100،000 دولار من ثمن الجواهر في مونتي كارلو ، ثم ارتكبت خطًأ مع قطعة راقية من الجواهر المرقمة بملصق عليها ، مكون من تسعة أصفار كانت مدونة على هذا الملصق ، وعندما وصلت إلى المطار كانت الشرطة تنتظرها وتم القبض عليها وقتها .
وأثناء وجودها في الحجز تمكنت من اقتلاع حجر من مكانه بغرفة الحجز ، التي كانت تطل علي البحر المتوسط ورمت الحبل من نافذتها إلى البحر الأبيض المتوسط ، وفي نهاية المطاف هربت من براثن تطبيق القانون إلى نيويورك ، لم تكن الحياة على الدوام سهلة ولكن بالنسبة إلى باين ، كان اندفاعها الإجرامي حافزًا كبيرًا لها بل “كان تحديًا .
وكانت تقول دائمًا كلما كانت السرقة أدق ، كان التحدي أكبر كما ساعدت التجارب العنصرية التي كانت تمر بها في المتاجر عندما تتلقي بعض الإهانات العنصرية في تشجيعها على السرقة ، حيث كانت تقول سأسرق هؤلاء عقابًا لهم و حتى الآن مازالت باين تكافح من أجل العثور على أي من الضحايا الحقيقيين لجرائمها .
وتقول إنها لا ترى نفسها كمجرمه ولكنه شخص ما يتفوق على عالمها ، ولقد أخبرت الصحافيين أنها بتاريخها بالسرقة تم اعتقالها خمس مرات أو أكثر ، وفي مرة منهم كان هذا أثناء ارتدائها لشريط بالكاحل مليء بالجواهر ، وتم إطلاق سراحها مؤخرًا في سبتمبر 2017 م ، عن عمر يناهز 86 عامًا ، وفي الفيلم الوثائقي الذي صور عنها : أكدت باين أنها لا تشعر بندم شديد حول حياتها المثيرة للجريمة ، وذلك حين قالت لا أندم على أن أكون لصًا للجواهر .