أجرت الولايات المتحدة الأمريكية ، استطلاعًا للرأي استهدف من خلاله الأطباء ، وذلك بشأن فكرة الموت الرحيم ، وبلغت عينة الدراسة أمثر من عشرة آلاف طبيب ، وافق حواليس 16% منهم على تلك السياسة وتطبيقها ، إذا ما طلبت أسرة المريض ، بينما أقر 29% من أفراد العينة ، أن الأمر قد يتم وفقًا لظروف المريض ، وحالته الصحية ، بينما رفض 16% منهم أن يتم إنهاء حياة أي شخص ، دون أن يكون ذلك طبيعيًا بشكل تام ، فما هو الموت الرحيم ؟
الموت الرحيم هي كلمة ذات أصل يوناني ، وهي عبارة عن اصطلاح يشير إلى الكيفية ، التي قد يقدم عليها الشخص لإنهاء حياته ، تخفيفًا لما يلاقيه من آلام ومعاناة ، وقد عرفت اللجنة البريطانية المختصة بآداب مهنة الطب ، هذا المفهوم بأنه إجراء التدخل المتعمد ، معلن النية لإنهاء حياة ، من أجل التخلص من معاناة مستعصية الحل .
وللموت الرحيم طرق عدة ، منها الطوعي وغير الطوعي ، والقسري الذي يتراوح بين الإيجابي والسلبي ، فالموت الرحيم الطوعي لا يعد جريمة ، أما غير الطوعي يعد جريمة جنائية ، تستوجب المحاكمة والعقاب .
العالم الاسترالي ديفيد جودال يطبّق الموت الرحيم :
هذا النوع من التخلص من الحياة ، لم يمارس على المواطنين العاديين فقط ، بل قام به بعض المشاهير أيضًا ، على مستوى العالم ومنهم العالم الاسترالي ديفيد جودال ، الذي تطوع إلى إنهاء حياته منذ أيام خلت ، عقب أن بلغ من العمر 104 عامًا .
ديفيد جودال هو عالم نبات استرالي ، ولد في 4 إبريل عام 1914م ، وقدم الكثير من الأبحاث العلمية المؤثرة ، في علم البيئة لاسيما دراسات النبات ، وعاش جودال وحيدًا في استراليا ، بمدينة بيرث قبيل أسابيع قليلة من مغاردته إلى سويسرا ، حيث تقاعد عن العمل بحلول عام 1979م ، ولكن ظل مشاركًا ومساهمًا في مجاله بالعديد من الاستشارات .
وكان جودال قد بلغ من العمر 102 عامًا في عام 2016م ، كان جودال قد استاء خلالها من حياته ، ورغب بشدة في الانتهاء منها ، ولكنه لم يفلح في الحصول على نهاية لحياته في استراليا ، حيث ولد ونشأ وذلك نظرًا لأن استراليا تسمح بتلك السياسة ، ولكن في حالة أن يصاب الشخص بمرض عضال لا يفلح معه العلاج .
غادر جودال استراليت نحو سويسرا ، والتي تسمح بسياسة الموت الرحيم منذ عام 1942م ، وذلك عقب زيارة أخيرة له في فرنسا ، قضاها برفقة أحفاده ، ليغادر بعدها صوب سويسرا ويطالب أطباء جمعية إكزت انترناشيونال ، التي ساعدته على التخلص من حياته ، بأن يستخدموا جسده في الأبحاث العلمية ، أو ينثروا رفاته وألا يقيموا له جنازة .
ولم يكن العالم جودال يعاني من أية أمراض ، ولكنه أراد لتخلص من حياته ، نظرًا لما تعرض له من مواقف سيئة في العام المنصرم ، خاصة مع تقدمه في العمر ، وأقام جودال مؤتمرًا صحفيًا بحضور أفراد عائلته ، قبيل وفاته ليخبرهم بسعادته في إنهاء حياته بيديه ، ليلقى الأكاديمي والعالم جودال وفاته في حدود الساعة 10 ونصف من صباح يوم 10 مايو 2018م ، إثر حقنه بمادة نتوباربيتال.
طبيب ساعد المرضى على إنهاء حياتهم بالموت الرحيم :
الطبيب الأمريكي كيفوركيان ، ولد في ولاية ميتشجان الأمريكية ، وكان والديه مهاجرين آرمنيين ، درس كيفوركيان وتخرج من ثانوية بونتياك المركزية ، ليدرس بعدها الطب في جامعة ميتشجان .
وبحلول عام 1980م بدأ كيفوركيان ، في كتابة مقالات يؤيد فيها ما عُرف بالموت الرحيم ، وذلك من خلال مجلة الطب والقانون الألمانية ، وفي عام 1987م ، قدم كيفوركيان الكثير من الاستشارات بشأن الموت الرحيم ، حتى قامت ولاية ميتشجان بسحب ترخيص ، مزاولة مهنة الطب منه في عام 1991م ، ليتم منعه آنذاك من تقديم أية استشارات طبية للمرضى .
وساعد كيفوركيان أكثر من 130 مريض ، في اتخاذ قرار الموت الرحيم ، خلال الفترة بين عامي 1990م و1998م ، وكانوا جميعًا من المرضى الميؤس من حالاتهم الطبية ، ولم يكن لكيفوركيان دورًا في تلك المسألة ، سوى تقديم المعدات لهؤلاء المرضى ، وشرح مبسط لكيفية فعل هذا الأمر .
وكان كيفوركيان ييقوم بربط المريض ، مع تصويب محقن على يده ، في وضعية تمكن لمريض من قتل نفسه ، عن طريق بعض أنواع الحقن المخدرة ، إلى جانب قناع الرحمة ، وهو عبارة عن قناع متصل باسطوانة ممتلئة بغاز أول أكسيد الكربون ، يرتديه المريض ليستنشق الغاز السام .