عندما كانت العنصرية تتحكم في حياة البشرية وتفرق بين أفرادها بسبب اللون والعرق وليس بسبب العمل والإنجاز ، كانت أمريكا منذ أكثر من خمسين عامًا تعيش حياة تفتقر للعدالة الاجتماعية ولا تعترف سوى بالتفرقة بين البيض والسود ، ولازالت حتى الآن في مناطقٍ منها فما تزال نار العنصرية خامدة تحت الرماد تظهر من حين لأخر .

والدليل على ذلك عمليات قتل الزنوج واستعبادهم واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية ، فلم يكونوا يتقلدون المناصب أو يسمح لهم بالتعليم مع أبناء البيض أو الزواج ومنهم ، ومن أكثر الولايات الأمريكية التي كانت ترسخ للعنصرية ولاية فرجينيا ، حيث وقعت بها حادثة غريبة تخص زواج مواطنة من ذويا لبشرة السمراء بمواطن أمريكي أبيض .

ففي 12 يونيو عام 1967م ألغت المحكمة العليا بالولايات المتحدة الأمريكية قانونًا في ولاية فرجينيا يحظر الزواج بين الأعراق بعد رفع دعاوي كثيرة تضرر أصحابها من تطبيق هذا القانون ، وقد ظهرت هذه القضية عندما تزوج اثنين من هذه الولاية ؛ ولاية فرجينيا وهما ميلدريد جيتر السمراء وريتشارد لوفينغ الأمريكي الأبيض في يونيو 1958م .

كانت ميلدريد فتاة سمراء من أصل أفريقي أما ريتشارد فكان أبيض ذو أصول أمريكية ، وبموجب قانون ولاية فرجينيا كان إتحادهم أو زواجهم غير قانوني ، هذا القانون الذي يسمى قانون النزاهة العنصرية ، ولا يمت للنزاهة بصلة القانون الذي جعل الزواج بين شخص “أبيض” وشخص “ملون” جناية يعاقب عليها القانون !

وسعيًا إلى الفرار من القانون سافرت ميلدريد وريتشارد إلى واشنطن العاصمة للزواج ، حيث كان الزواج هناك بين الأعراق قانونيًا ، ثم عادا بعد ذلك إلى فرجينيا كزوجين ، ومع ذلك اعتبرت الولاية زواجهما غير قانوني أيضًا لأنه لم يكن تحت قسم قانون ولاية فيرجينيا الذي يحظر الزواج بين الأعراق ويمنعهم من مغادرة الدولة للزواج في مكان آخر.

وبعد حوالي شهر من زواج أسرة لوفينغ ، داهمت الشرطة غرفة نومهم في منتصف الليل لاعتقالهم بسبب المعاشرة غير القانونية ! و اعترف الزوجان بالحقيقة وأنهم تزوجوا خارج الولاية بواشنطن ، وبرغم ذلك حُكم عليهم بالسجن لمدة سنة واحدة عقابًا لهم على الزواج ، وكان هناك نص في قانون فرجينيا يسمح بتعليق الحكم وعدم تنفيذه ، طالما وافق الزوجان على مغادرة فرجينيا وعدم العودة كزوجين ثانيةً .

فوافق الزوجان على المغادرة بشكل دائم للعيش مع الأقارب في واشنطن العاصمة ، ولكن زاد حنينهم لولايتهم فكتبت ميلدريد لوفينغ وهي محبطة رسالة إلى النائب العام روبرت كينيدي عام 1964م ، بسبب عدم قدرتها على السفر إلى فيرجينيا مع زوجها الأبيض ، وطلبت منه المساعدة فيما حدث لها مع زوجها بولاية فيرجينيا .

فأحالها كينيدي إلى الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية ، الذي رفع دعوى لإلغاء الحكم علي لوفينغ على أساس أن حظر فرجينيا على الزواج بين الأعراق يعد انتهاكًا للتعديل الرابع عشر من الدستور ووصلت القضية إلى المحكمة العليا ، التي استمعت إلى المرافعات الشفوية في أبريل عام 1967م ، وفي قرار بالإجماع كتبه رئيس المحكمة العليا إيرل وارن ، وجدت المحكمة العليا أن حظر الزواج بين الأعراق غير دستوري .

فتم رفض قررات محكمة فيرجينيا ، لأن قانون ولاية فرجينيا يضع قيودًا على تصرفات كل من البيض والملونين وينتهك بند الحماية المتساوية في التعديل الرابع عشر، كما أعلن أن الفروق التي تم رسمها وفقاً للعرق كانت كريهة لشعب حر تقوم مؤسساته على مبدأ المساواة بين المواطنين .

By Lars