ارتبط ظهور الطب النفسي ، بالكثير من الأمراض النفسية التي لم يستطع ، الكثير من البشر منذ القدم أن يفسروها ، فاتجه البعض منهم إلى تفسيرها ، بحالات التلبس ، وآخرون ظنوا أنها طقوس شيطانية مخيفة ، حتى أتى بعض علماء الفلسفة وعلم النفس ، ليبحثوا داخل النفس البشرية ، في محاولة منهم لعلاج مثل هذه الأمراض. وللطب النفسي قصة تطور .
لطالما كانت الأمراض النفسية ، عصية الفهم على الكثيرين ، فكانت طرق العلاج بنفس الصعوبة أيضًا ، حيث عثر المنقّبون وعلماء الآثار على الكثير من الجماجم البشرية ، التي خضعت لعمليات الثقب ، إيمانًا من القدماء بأن هذا هو ما سوف يطرد الروح الشريرة ، التي تلبست الشخص المريض ، وليس هذا فحسب بل شهد التاريخ عددًا من التفسيرات المختلفة ، للأمراض النفسية ، فقد ذكرت إحدى البرديات التي عثر عليها ، ويعود تاريخها إلى قبل 1500 عامًا ، بأن الاكتئاب والصرع والخرف والفصام ، كلها مشاعر سيئة تصيب الإنسان ، فتعمل على ثقل روحه .
بينما خط كتاب هندي يعود إلى قبل 1400 عامًا ، أن الأمراض النفسية من خوف وفصام وصرع وتشنجات ، كلها ناتجة عن نقص بعض العناصر الضرورية بالجسم ، كذلك فقد تراجع الدور الطبي في أوروبا ، عقب سقوط رومانيا الغربية عام 410م ، إلا أن الأطباء المسلمين في هذا الوقت ، نجحوا في الاحتفاظ ببعض طرق العلاج ، في عهد الإمبراطورية البيزنطية ، إلا أن الفكر المتعلق بالسحر والشعوذة وتلبس الشياطين ، كان قد اجتاح أوروبا .
أول مشفى للعلاج النفسي:
يذكر التاريخ بأن أول مشفى قد أقيم للعلاج النفسي ، كان في بغداد العاصمة في أوائل القرن الثامن ، ليلحق بتلك الفترة العالم ابن سينا ، الذي قدم وصفًا تفصيليًا للعديد من الأمراض .
بينما كانت أولى مستشفيات الطب النفسي في أوروبا ، هي مشفى بيت الحكمة ، والتي تم تشييدها عام 1330م ، لتصبح حاليًا من أعرق المستشفيات العلاج النفسي ، حتى وقتنا هذا بعد أن بدأت بمنى صغير الحجم ، ثم هدمت وأقيمت مرة أخرى ، طوال تلك السنوات الكثيرة ، وعلى الرغم من تلك السمعة الطيبة ، للمستشفى حاليًا إلا أن التاريخ يروي طرق المعاملة السيئة للمرضى بها ، على مر التاريخ .
حيث كان المرضى يحبسون داخل أقفاص ، من أجل تحجيم حركتهم والسيطرة عليهم ، بشكل أقرب إلى معاملة حيوان حبيس ، مثل العلاج الدوراني على سبيل المثال ، حيث كان المريض يثبت فوق كرسي ، ثم يتم تعليقه بالسقف ، ليدور لأكر من مائة مرة حول نفسه ، في الدقيقة الواحدة .
تطور علاج الطب النفسي:
وبحلول عام 1518م ، أمر الملك هنري الثامن ، ملك انجلترا بإقامة الكلية الملكية للأطباء ، ليحمي شعبه من المشعوذين ، ويصبح الطب النفسي ، فرعًا من فروع الطب البشري ، ليتطور هذا الفرع بعد ذلك ، إبان فترة القرنين الثامن والتاسع عشر ، ليظهر بعدها سيجموند فرويد ونظرياته المفسرة ، للاضطرابات التي يعاني منها بعض الأشخاص ، وربطها بالنوازع الجنسية ، إلا أن تلميذه وصديقه كارل يونج .
قد اعترض على هذا التفسير ، وعارض بشدة نظرية فرويد ، بأن الطفل الذكر يشعر بمشاعر جنسية ، تجاه أمه ، ليتحول مسار الطب النفسي في عام 1938م ، إلى اتجاه جديد باستخدام الصدمات الكهربائية ، ثم تحول العلاج في عام 1951م إلى الاتجاه الدوائي ، عندما اكتشف مركب الكلوربرومازين ، لعلاج حالات الهياج العصبي .
وفي عام 1987م تحول العلاج النفسي ، إلى ما يعرف بعلاج السلوك المعرفي ، ويعتمد على معرفة انفعالات المريض وسلوكياته ، وتطويعها في اتجاهات مختلفة بالأفعال البديلة ، ليتجه العلاج النفسي إلى طريقة أكثر أمنًا ، بدلاً من العقاقير المسماة بمضادات الاكتئاب ، وذلك على يد أستاذ الطب النفسي ، آرون بيك .