تفننت شعوب العالم بمختلف لهجاتها ومعتقداتها في صناعة الأساطير الشعبية التي يمتزج فيها الخيال بالواقع ، وقد نالت هذه الأساطير شهرة على أوسع نطاق داخل المجتمعات ، وأصبحت محط استماع واستمتاع لكل من يسمع بها أو يقرأها .
لقد نالت الدول الأوروبية حظًا وفيرًا من صناعة تلك الأساطير ، ومن بين الأساطير الأوروبية أسطورة الألمانية التي تُدعى رامبيل ستيلتسكين (بالألمانية) Rumpelstilzch وقد اشتهرت الأسطورة باسم شخصية رامبيل أو جعيدان ؛ وهو قد ظهر في ألمانيا على أنه شخصية خيالية ، وقد قام الأخوان غريم بجمع قصة هذه الشخصية ووضعها في طبعتهما المعروفة باسم “الأطفال والحكايات المنزلية” ، وظهرت هذه القصة أيضًا في طبعات أخرى .
أحداث القصة في الأسطورة :
تحكي الأسطورة عن رجل طحان كان يريد أن يصبح شخصية مهمة بالمجتمع ؛ فقام بتأليف كذبة حيث أخبر الملك أن ابنته لديها القدرة الخارقة على تحويل القش إلى ذهب ، قام الملك على الفور باستدعاء ابنة الطحان وحبسها وحدها داخل غرفة معزولة بأحد الأبراج ووضع معها دولاب غزل وبعض القش .
ثم أصدر أوامره لها بأن تقوم بتحويل ذلك القش إلى ذهب وهددها إن لم تفعل ذلك فسيقوم بقطع رأسها ؛ وهناك رواية تقول بأن الملك هددّ ابنة الطحان بالحبس المؤبد إن لم يتحول القش إلى ذهب.
شعرت الفتاة بالحزن الشديد واليأس من وضعها ؛ غير أنه قد ظهر إليها بصورة مفاجئة كائنًا غريب الشكل يشبه القزم ، وقام بتحويل كل القش الموجود بالغرفة إلى ذهب مقابل حصوله على قلادة الفتاة ، وفي صباح اليوم التالي رأى الملك أن القش قد تحول بالفعل إلى ذهب .
فطمع الملك في المزيد من الذهب فقام بنقل الفتاة إلى غرفة أوسع والتي كانت مليئة بالقش ، وهنا جاء القزم مرةً أخرى ليساعد الفتاة في تحويل القش الموجود بالغرفة إلى ذهب مقابل أن يحصل في هذه المرة على خاتمها .
وفي الصباح التالي أخذ الملك ابنة الطحان إلى غرفة أكبر ووعدها بأنه ستزوجها إذا تمكنت هذه المرة أيضًا من تحويل كل ما في الغرفة من قش إلى ذهب حتى تمتلئ الغرفة ؛ ولكنه هددها أيضًا بالقتل إن لم تتمكن من فعل ذلك ، وفي تلك المرة لم تعد الفتاة تمتلك أي شيء لتعطيه إلى القزم مقابل تحويله القش إلى ذهب .
وحينما أتاها القزم أخبرته بالحقيقة ؛ فقال لها أنه على استعداد لمساعدتها وتحويل القش إلى ذهب ولكن في مقابل أن تمنحه مولودها الأول بعد أن تتزوج ؛ فوافقت الفتاة خوفًا من أن يقتلها الملك .
حينما وجد الملك أن الغرفة قد امتلأت بالذهب ؛ أوفى بوعده إلى الفتاة وبالفعل تزوجها ؛ ولم يمر الكثير من الوقت حتى وضعت الفتاة طفلها الأول ، ثم ذهب إليها القزم وطلب منها أن تمنحه ذلك المولود كما وعدته في السابق ، حاولت الفتاة أن تنقذ طفلها وعرضت على القزم كل الثروة التي تملكها حتى لا يأخذ ابنها .
وافق القزم على طلب ابنة الطحان ولكنه وضع لها شرطًا كي يتحقق لها ما تريد ، وكان الشرط هو أن تقوم بتخمين اسمه الصحيح خلا ثلاثة أيام ، حاولت الفتاة كثيرًا الوصول إلى تخمين صحيح لاسم ذلك الكائن على مدار أول يومين ، ولكنها كانت تشعر بالعجز حتى حضر إليها رسول ليخبرها بالاسم الحقيقي لذلك المخلوق .
أخبرها الرسول أنه كان يمر من الجبل الذي يعيش به ذلك الكائن الشبيه بالقزم فسمعه وهو يردد ويغني “غدًا .. غدًا .. غدًا ؛ سأذهب إلى بيت الملك ، لا أحد هناك يعرف ما هو اسمي.. أنا رامبيل ستيلتسكين” ، وبالفعل ذهب القزم في اليوم الثالث ليسأل الفتاة عن تخمينها لاسمه ؛ فصدمته الفتاة بإجابتها قائلة : “رامبيل ستيلتسكين” ، فعاد القزم بعد هذه الإجابة إلى بيته وهو يشعر بالغضب والاندهاش ولم يظهر مرة أخرى .
النسخة المعدلة من الأسطورة :
تم تعديل نهايات بعض الأساطير ، وقد تم تغيير نهاية أسطورة رامبيل حيث ظهرت في النسخة المعدلة أنه حينما شعر بالغضب من معرفة ابنة الطحان باسمه ؛ قام بضرب باطن الأرض بقدمه اليمنى ؛ ثم أمسك فيما بعد بقدمه اليسرى حتى قام بتمزيق نفسه وشقها إلى نصفين حتى سقط على الفور قتيلًا .