يمتلئ التراث العربي بالقصص النادرة والحكايات الطريفة الساحرة ؛ حيث أن العرب تميزوا بإبداعاتهم وخفة ظلهم وروعة قصصهم التي تميزت بالمذاق الخاص لكل من يقرأها أو يستمع إليها ، ومن بين تلك القصص الطريفة قصة القاضي الذي عضّ أذن المتهم في عهد الخليفة العباسي .

وردت بعض الأنباء إلى الخليفة العباسي بأن هناك قاضي يعض أذن المتهم أثناء محاكمته ؛ فتعجب الخليفة مما قد سمعه وقرر أن يتحقق بنفسه من ذلك الأمر الذي لا يُصدق والذي أثار فضوله لمعرفة ماذا يحدث بالضبط .

قام الخليفة العباسي في أحد الأيام بالتنكر في ملابس التجار ببغداد وذهب معه مجموعة من الحراس الذين تنكروا في زي عامة الشعب ، وجلسوا داخل قاعة المحكمة بالمقاعد الخلفية في انتظار ما سيفعله القاضي أثناء المحاكمة .

دخل القاضي إلى قاعة المحكمة ثم تم استدعاء المدعي والمدعي عليه ، وبعد القيام ببعض الإجراءات الروتينية التي تقام في القضايا ؛ وجهّ القاضي سؤاله إلى صاحب الدعوى عن السبب الذي جعله يقوم برفع دعواه ضد المدعي عليه ، فأجابه المدعي : يا سيدي القاضي ؛ لقد اقترض مني صديقي مئة دينار منذ أكثر من عام ولم يقم بتسديد ولو درهم واحد حتى وقتنا الحالي .

تعجب القاضي متوجهًا إلى المدعي عليه بالسؤال عن سبب التأخير في سداد دينه لصديقه ، فأجابه المدعي عليه قائلًا : يا سيدي القاضي ليس معي أموال لكي أستطيع سداد ذلك المبلغ ، هنا تحدث المدعي قائلًا : إذن سأقبل بأن يدفع نصف ذلك المبلغ الذي اقترضه يا سيدي القاضي .

لم يوافق المدعي عليه باقتراح صديقه صاحب الدعوى ، وهنا فكر صاحب الدعوى في تقليل المبلغ حتى يستطيع الحصول على أي شيء من أمواله ، ولكن كلما كان يقلل المبلغ كلما كان يزداد المدعي عليه إصرارًا على رفض الدفع بحجة أنه لا يملك أموالًا .

وهكذا ظل صاحب الدعوى يقلل في المبلغ المطلوب على أمل الحصول على أي مبلغ من ماله ؛ حتى وصل به الأمر إلى أن طلب سداد دينار واحد فقط ؛ غير أن المدعي عليه لم يوافق رغم ما قدمه صاحب الدعوى من تنازلات كثيرة .

وكان الخليفة يتابع وهو غاضب جدًا مما يراه وينتظر حكم القاضي بحق ذلك المديون الذي لا يريد سداد أي مبلغ ، حينما يأس صاحب الدعوى من الحصول على أي مبلغ من أمواله ؛ قام بالتنازل كليةً عن الدعوى ، ولكن هنا نهض المدعى عليه مطالبًا القاضي بأن يقوم بصرف تعويض مادي لأجله قيمته خمسة دنانير ؛ وذلك لأن هذه القضية قد عطلّته عن العمل في ذلك اليوم ، وحينها لم يتماسك القاضي فذهب وعضّ ذاك الرجل المديون من أذنه .

By Lars