كان في البلد حاكم ظالم وقاضي نزيه وكان هذا القاضي كثيرًا ما يعارض الحاكم ويدافع عن حقوق الضعفاء والمظلومين وضاق الحاكم ذرعًا بالقاضي ، ففكر في حيلة للتخلص منه ، فاستدعاه ذات يوم وقال عندي رسالة مستعجلة جدًا أريدك أن ترسلها للخليفة في دمشق وتعود بجوابها إلي خلال أربع وعشرين ساعة ، وأعلم أن عدم تحقيق هذه المهمة سيكلفك قطع رأسك .
وذهب القاضي إلى منزله يفكر في هذه المهمة المستحيلة ، فدخل البيت وقد اسودت الدنيا في عينيه ، قرأت زوجته علامات الذهول على وجهه فقالت له ما الأمر يا رجل وعندما أخبرها القاضي بالقصة مع الحاكم ، استاءت وقالت له لا حول ولا قوة إلا بالله إنه يريد هلاكك ، فمن المستحيل تحقيق هذه المهمة خلال 24 ساعة ، وظل القاضي يفكر لكي يهتدي لحل حتى منتصف الليل وعندئذ قام وصلى صلاة قصيرة .
ثم نزل إلى الحارة وحيدًا يروح عن نفسه وهنا رأى شيئًا غريبًا كان هذا حصانًا مهيئًا كأنه يقول له أنا في انتظارك ولم يطل القاضي التفكير بل ركب الحصان وأمره بالسير في اتجاه دمشق ، أخذت قوائم الحصان تطول وتطول والقاضي يرتفع ويبتعد عن الأرض وبعد زمن قصير أصبح جسم القاضي عاليًا لأعالي الأشجار القائمة على جانبي الطريق ، وهنا تنبه القاضي أن الحصان لم يكن حصان عادي بل شيطان في هيئة حصان .
وكان القاضي حذرًا فمد يديه إلى عمامته وأخرج منها مسلة من الحديد ووخز الحصان بين كتفيه بقوة ، فقال الحصان الشيطان غلبتني يا ابن ادم ولولا هذه المسلة لواصلت الارتفاع بك حتى كنت مع الغيوم العالية وعندئذ أزوغ لتهوي لنهايتك المحتومة على الأرض ، والآن إلى أين تؤمرني أن أذهب ، فقال القاضي إلى قصر الخليفة في دمشق ووخزه مرة أخرى بين كتفيه وفي أقل من غمضه عين كان القاضي على ظهر الحصان الشيطان داخل قصر الخليفة فقال للحراس هذه رسالة مستعجلة من الحاكم إلى مولانا الخليفة أرجو أن تسلمها له بنفسك فأنا لا أستطيع النزول عن الحصان ، فأرجو أن تساعدني في الإتيان بجوابها في أسرع وقت .
وسرعان ما عاد الحارس بجواب الرسالة فشكر له القاضي فعله ثم عطف عنان الحصان وقال له هيا وفي أقل من غمضه عين وصل القاضي إلى قصر الحاكم حيث قفز عن ظهر الحصان وجرى مبتعدًا عنه وسلم القاضي الرسالة للحاكم فقرأها وقال لقد وصلت في الوقت المناسب لابد أن تكون من أهل الحضرة يا قاضي البلاد سنحاول أن نكون أصدقاء بعد الآن ولا نختلف ..