كثيرًا ما يقم علماء الأحياء البحرية بعمل التجارب والاختبارات على المخلوقات الحية التي تعيش في البحر ، لمعرفة مدى ذكاءها وكيفية تعاملها مع مثيلاتها من المخلوقات البحرية ، وطبيعة تكيفها مع الأجواء المتغيرة ، لأن سلوك الحيوانات كسلوك الإنسان يتغير باختلاف المواقف التي يتم وضعه فيه ، فقد يكتسب سلوكًا أو يفقد أخر .
ومن تلك التجارب تجربة أجراها بعض العلماء على سمك القرش ، فأتوا بخزانًا كبيرًا من المياه ووضعوا به سمكة من أسماك القرش تركوها تسبح بحرية ، ثم بعد فترة قصيرة أطلقوا العنان لبعض الأسماك الصغيرة لتسبح مع سمكة القرش في نفس الخزان .
فقامت القرش بمهاجمتهم والتهامهم جميعًا ، فقام علماء الأحياء البحرية بوضع قطعة صلبة من الألياف الزجاجية القوية في منتصف الخزان لتحول بين الأسماك الصغيرة وسمكة القرش .
فبدأت سمكة القرش بمهاجمة الأسماك الصغيرة ، كما فعلت في المرة السابقة ، ولكنها تلك المرة اصطدمت بالألياف الزجاجية الموجودة في منتصف الخزان ، وظلت السمكة تحاول مرارًا وتكرارًا لمدة ساعة تقريبًا ثم توقفت عن الهجوم بعد أن أصابها التعب والإعياء .
تم تكرار نفس التجربة لعدة أيام متتالية مع سمكة القرش ، حتى لاحظ العلماء تغيرًا في سلوك تلك السمكة ، فقد بدا أنها أصبحت أقل عدوانية ، كما أن محاولاتها لمهاجمة الأسماك الصغيرة صارت قليلة جدًا بالمقارنة مع سلوكها الأول في الهجوم .
فقد تولد لدى القرش اعتقادًا بوجود حاجز بينها وبين الأسماك الصغيرة ، ورغم قيام العلماء بإزالة الألياف الزجاجية بعد ذلك ، إلا أن أسماك القرش لم تهاجم الأسماك الصغيرة رغم أنها كانت تسبح معها في نفس الخزان ، وظلا الاثنان معًا دون أذى .
والغريب أن تلك القصة تتطابق تمامًا مع مواقفنا الحياتية ، فحينما يفشل الفرد فينا مرارًا وتكرارًا يتخلى عن المحاولة ، ويتولد لديه اعتقاد دائم بالفشل لأنه لم يفلح في الماضي ، ويظن أن كل مرة سيحاول فيها سيفشل أيضًا ، ولكن هذا مجرد حاجز نفسي نصنعه بأنفسنا ، لذا يجب ألا نستسلم ونواصل العمل دون خوف من ذلك الفشل .