غالبًا ما تكسر الأمراض روح الطفولة النابضة في وجوه الصغار ، ولكن رغم ذلك تظل ملامحهم الطفولية هي كل ما يتبقى لهم ويعبر عن هويتهم ، إلا مع هذا المرض النادر والذي يعرف بمتلازمة هتشينسون جيلفورد بروجيا أو مرض الشيخوخة المبكرة ، وهو عبارة عن حالة تصيب الأطفال فتظهر عليهم أعراض الشيخوخة وتخفي ملامحهم الطفولية تمامًا ومن ثم تودي بحياتهم كما حدث مع لوسي بارك .
قصة الحالة النادرة للوسي بارك :
ولدت لوسي في حالة طبيعية شأنها شأن كل الأطفال الصغار ، ولكن في عمر التسعة أشهر ظهرت عليها أعراض الإصابة بمتلازمة هتشينسون جيلفورد بروجيا ، وهي حالة جعلتها تتقدم في السن أسرع ممن هم في سنها ثمان مرات ، ورغم هذا المرض العضال كانت لوسي تحب الحياة وتبتسم للجميع ، مع إن هذا المرض كان يلازمها وينهش في جسدها بضراوة وقسوة .
فقد كانت لوسي تعاني من ألام شديدة تصاحبها بشكل مستمر ، وهي نفس الألأم المصاحبة لسن الشيخوخة كأمراض القلب والتهاب المفاصل وغيرها من الأمراض التي تصيب المسنين ، وكأن هذا المرض حولها تمامًا لامرأة عجوز ليس لديها شهية للطعام وتتناول الأكل بكميات بسيطة جدًا ، جعلت وزنها لا يزيد إلا بصعوبة بالغة كما أنها خضعت لبعض العمليات وهي في سن صغيرة .
واضطرت أسرة الصغيرة للسفر حول العالم للتعرف على حالات مشابهة لحالة ابنتهم ، ومن الأماكن التي ذهبوا إليها إنجلترا وإيطاليا ، وهناك استطاعت لوسي مقابلة من هم في مثل حالتها وكان هذا اللقاء سببًا كبيرًا في تحسن نفسيتها وتصرفها على طبيعتها ، حيث كانت لوسي فتاة دائمة الخجل تشعر بالخلل الموجود في تكوينها ، لذا لم تستطيع التعامل بأريحية مع الأطفال الطبيعيين ، وهذا عكس ما فعلته حينما رأت أقرانها .
فقد انغمست معهم سريعًا وبدأت في اللعب والانطلاق حتى أنها نست ما يحتمه عليها مرضها من ألام ، وعادت إليها روح الطفولة الضائعة وسط تجاعيد المرض ، ولكن رغم كل هذا لم تستطع لوسي الصمود لوقت طويل أمام هذا المرض الشرس الذي حول فتاة لم تتجاوز الثامنة من عمرها لامرأة في الستين .
وفي مطلع عام 2015م أعلن والديها نبأ وفاة ابنتهم ، وهم كلهم أمل ورجاء في إيجاد علاج فعال لمثل هذا المرض حتى لا يفقد العالم كل يوم لوسي جديدة ، وهكذا رحلت الصغيرة بعد حرب دامت ثمان سنوات مازال العالم يقف عاجزًا أمامها .
ما لا تعرفه عن متلازمة هتيشينسون جيلفورد بروجيا :
هي عبارة عن حالة من الاضطراب الوراثي النادر ، الذي يصيب الأطفال الرضع ويجعلهم يكبرون سريعًا في العمر على عكس أقرانهم الطبيعيين فالطفل في عمر الخمس سنوات حينما تراه ، تظن من وجهه أنه قارب على الخمسين .
وعادة لا تظهر تلك الأعراض بعد الولادة مباشرة ولكنها تتضح جلية خلال العام الأول وذلك حينما يصاب الطفل بمشاكل القلب ويسقط شعره ويحدث لديه بطء في النمو ، ومن أعراضها أيضًا السكتة الدماغية التي قد تؤدي إلى الوفاة الحتمية للطفل المريض .
وقد يتوفى الطفل في عمر مبكر أو يعيش لسن العشرين أو أزيد بقليل ، ولكن متوسط الوفاة في معظم الحالات التي أصيبت بالمرض يحدث في عمر الثالثة عشر ، ورغم إصابة البعض بتلك الحالة النادرة إلا أن الأبحاث مازالت مستمرة ، ولم يتم الكشف عن أي جديد من شأنه أن يفيد في علاج متلازمة الشيخوخة المبكرة التي تقتل الأطفال دون رحمة .