الغرائب والعجائب ليست مرتبطة بالكون ، أو الأماكن الطبيعية أو عادات وتقاليد الشعوب فقط ، بل تمتد أيضًا إلى الساحات العسكرية ، والتي على العكس من النظرة العابرة لها ، قد سجلت أحداثًا غريبة ، تختلف بشدة عن الصرامة والوضع الذي يجب أن تكون عليه .

احتفال الجيوش برأس السنة الميلادية وقت الحرب :
وقعت تلك الأحداث بإحدى المناطق الأوروبية ، في عام 1914م إبان الحرب العالمية الأولى ، وعرفت واشتهرت باسم هدنة عيد الميلاد ، حيث كانت الحرب العالمية في أوجها ، وكان قد مات خلالها أكثر من مليون إنسانًا ، ولكن وعلى الرغم من ذلك ، وفي ظل تلك الظروف خرج أحد الجنود من خندقه في ليلة رأس السنة ، وكانت الحرب آنذاك تسمى بحرب الخنادق ، وبدأ الجندي في الغناء ، ليلحق به زملائه من الجنود وقد حملوا الهدايا من سجائر ، لأعدائهم من الفرنسيين والانجليز ، من أجل الاحتفال بأعياد الميلاد !

ولم يتوقف الأمر عند ذلك فقط ، إلا أن الجنود شكلوا فريقين وقاموا بلعب كرة القدم ، وانتهت ليلة عيد الميلاد ، بعد أن غنوا ولعبوا سويًا ، وفي صباح اليوم التالي عاد الجنود ، كل إلى خندقه بعدما اتفق الجميع ، على دفن جثث زملائهم بطريقة تليق بهم .

وتقدر أعداد الجنود الذين خرجوا احتفالاً بليلة عيد الميلاد ، بحوالي مائة ألف جنديًا ، وقامت بريطانيا بمحاكمة العديد منهم ، يتم الاحتفال سنويًا بذكرى هذه الواقعة بليلة عيد الميلاد ، والتي تكررت كل عام ولكن ليس بمثل المرة الأولى ، حيث صارت بريطانيا تخصص الفترة من 6 إلى 14 ديسمبر من كل عام ، باعتبارها أسبوعًا يقام ، لذكرى كرة القدم التي أجريت في ليلة هدنة عيد الميلاد ، التي لعب فيها جنود الحرب كرة القدم سويًا .

وقد أقيم في يوم 13 ديسمبر المنصرم ، مباراة لكرة القدم بين كل من سفارتي ، ألمانيا وبريطانيا إحياء لذكرى الهدنة ، وإيصال رسالة إنسانية للعالم ، حيث كادت الإنسانية أن تتمزق في الفترة التي اندلعت فيها الحرب العالمية الأولى .

لن تستسلم اليابان رغم هزيمتها في الحرب العالمية :
الملازم هيرو أونودا وقائد الفرقة اليابانية ، والتي كان قد تم إرسالها إلى جزيرة لوبانج بالفلبين عام 1944م ، كان قد تلقى تعليمات بشأن الاستمرار في الحرب ، والمواجهة وعدم الاستسلام حتى لو فقد القائد ، كافة جنود وحدته وهذا هو ما فعله أونودا بالفعل!

فبعد أن انتهت الحرب العالمية ، وبدأت الطائرات اليابانية تحلق في الأفق فوق جزيرة لوبانج ، قام قائدو الطائرات بإلقاء رسائل للأحياء من جنودهم ، تخبرهم فيها بأن الحرب قد انتهت تمامًا ، إلا أن أونودا اعتبر ما يحدث ، مجرد خدعة من الولايات المتحدة حتى تفقد جنود اليابان عزيمتهم ، وإصرارهم ولكن أونودا تمسك بموقفه ، وظل على أرض المعركة .

غرابة الموقف تكمن في إصرار أونودا على الاستمرارية ، طيلة 29 عامًا حيث ظل قابعًا في مكانه ، ويرفض العودة للديار وهو لا يصدق بأن الحرب قد انتهت ، بهزيمة جيش اليابان العظيم ، والأكثر غرابة هنا هو أن أونودا اشتبك مع مجموعة من الجنود الفلينيين ، ثم رفض العودة مع بعض أقاربه ممن أرسلتهم اليابان لإقناعه !

تواجد أونودا طيلة تسع وعشرون عامًا ، على أرض جزيرة لوبانج ، وقد اعتبرته السلطات اليابانية ميتًا نظرًا لعدم عودته إلى موطنه ، إلا أنه كان قد تمكن من إنشاء كوخ له وتغلب على ظروف الجوع والغربة وظل صامدًا في كوخه .

وفي أحد الأعوام ذهب مجموعة من طلاب اليابان في زيارة لتلك الجزيرة ، وهناك التقى أحدهم بأونودا وسأله إن كان هو بطل الحرب ، وعندما تأكد بأنه هو أخبره أن الجميع في اليابان ينتظرون عودته ، إلا أن أونودا أخبره أنه لن يعود سوى بعد تلقي الأمر المباشر من قائده يوشيمي تانيجوشي .

من المفارقات الغريبة أن تانيجوشي كان قد ترك الجيش ، وعمل في مجال آخر ، إلا أنه ساعد في عودة أونودا إلى الوطن حيث أرسل له إشارة ، بصوته طلب منه العودة إلى موطنه ، فعاد الأخير إلى اليابان ولكنه لم يستقر فيها ، بل ذهب إلى البرازيل وعمل بها مزارعًا ، حتى توفى عام 2014م عن عمر ناهز الواحد والتسعين عامًا ، ليصبح أحد أغرب وأعظم أبطال الحروب ، والأحداث العسكرية على مر التاريخ .

By Lars