تنبأ قبل وفاته ، قائلاً بأن هناك ثلاثة أشخاص سوف ينبشون قبره ، وسوف يطاردهم رجال الشرطة ، فيصيبوا اثنين منهم ، ويصاب الثالث بالجنون ، وقد تحققت نبوءته تلك عقب انتهاء أحداث الثورة الفرنسية ، بحوالي أربعة أيام فقط عام 1799م ، أي عقب وفاته بمائتي وثلاثة وثلاثون عامًا ، إنه نوستراداموس العرّاف الأشهر على مدار التاريخ .

ولد نوستراداموس في جنوب فرنسا بمقاطعة سان ريمي دي بروفانس ، عام 1503م لأسرة عادية لا تعمل في البلاط الملكي ، كما اعتقد الكثيرون حيث كانت الأسرة ريفية ، وكان نوستراداموس ابنًا بين أشقاء خمسة ، وهو الأخ الأكبر لهم جميعًا ، وبحلول عام 1512م تخلت أسرته عن ديانتها اليهودية واعتقنوا الكاثوليكية ، وكان نوستراداموس يبلغ من العمر آنذاك تسعة أعوام .

كانت علامات الذكاء الحاد تبدو على ملامح نوستراداموس ، لذلك عهد والديه لجده بتربيته وتعليمه ، فقام جده بتعلييه كل من اللاتينية والعبرية واليونانية ، والعلم السماوي كما أطلق عليه نوستراداموس وهو علم الفلك والتنجيم ، وعقب وفاة جده انتقلت عهدة تعليمه إلى جده الآخر ، ليواصل مسيرة الاهتمام بنوستراداموس ويرسله ، لاستكمال تعلميه بمدينة أفينون القريبة من قريتهم .

أبدى نوستراداموس نبوغًا ملحوظًا وأيد نظرية أن الأرض كروية ، حيث كان قد برع في علم التنجيم ، وكانت النظرية آنذاك لديفيد كوبرنيكوس أي قبل ظهور جاليليو نفسه ، مما جعل الكثيرون يتهمونه بالهرطقة فخشي عليه والداه ، وقاما بإرساله لاستكمال تعليمه في مدينة مونبلييه ، من أجل دراسة الطب ، وكان يبلغ من العمر آنذاك تسعة عشر عامًا .

بالطبع كما هو متوقع لنابغة مثله ، برع نوستراداموس في مجال الطب وابتكر عددًا من الأدوية الفعالة والعلاجات المميزة ، التي قضت على وباء الطاعون الذي اجتاح أوروبا في إحدى الفترات ، وأودى بحياة الملايين من البشر .

ذاع صيت نوستراداموس بين عامة المواطنين ، فتنقل بين المدن في محاولة منه للقضاء على مرض الطاعون بوصفاته الطبية البارعة ، وبالفعل نجح في علاج الكثيرين منهم ، ولم يتقاض منهم فرنكًا واحدًا لقاء العلاج ، مما جعله محبوبًا بين العامة ، ومكروهًا في الوسط الطبي بين زملائه .

ومع مرور أربعة أعوام وحصوله على درجة الدكتوراه في الطب ، كان نوستراداموس يواجه صعوبات بالغة في شرح طرقه الجديدة في علاج الأمراض ، ورفضه لكافة الطرق القديمة مما دفع أساتذته للحقد عليه وكرهه ، خاصة وأن طرقه كانت هي الأكثر صوابًا .

وإبان فترة تواجده في مدينة تولوز ، سمع بوجود أحد الفلاسفة ويدعى سيزار سكاليجر وكان هذا الرجل ذائع الصيت ، فذهب إليه نوستراداموس عقب أن دعاه الرجل للإقامة لديه بمنزله ، ولبى نوستراداموس دعوته ، ليلتقي بالحسناء الراقية ماري جورج ويتزوج منها وينجب طفلين .

بدا أن الحياة قد استقرت بنوستراداموس ، ولكن سرعان ما اختطف الطاعون زوجته وطفليه إثر إصابتهم به ، ثم دخل مع ذويها في عدة مشاكل قضائية ، نتجية مطالبتهم بالمهر الذي أقره على نفسه لها .

تزوج نوستراداموس حوالي ثلاثة مرات عقب وفاة زوجته ، ولكن اختطفهن الطاعون جميعًا عقب زواج نوستراداموس منهن ، بشهور قليلة ، مما جعل الكثير من العائلات يتشاءمون من تزويج بناتهن له ، فكف نوستراداموس عن الزواج .

بدأ نوستراداموس في التنبؤ بالأحداث عقب اتهامه بالهرطقة ، في إحدى الفترات بعد ذلك ، فكان وهو يسير في الطريق رأى راهبًا شابًا ، يعمل في تربية الخنازير فركع فجأة نوستراداموس أمامه وناداه بقداستك ، وعقب مرور عدة أعوام صار هذا الشاب بالفعل باب للفاتيكان عام 1585م ، عقب وفاة نوستراداموس بتسعة عشر عامًا !

لم تكن تلك النبؤءة هي الوحيدة في تاريخ نوستراداموس ، حيث رأى صبيًا من الحاشية أمامه ، فطلب منه أن يرى ظهره ولكن الفتى استحى وهرب منه ، فلحقه نوستراداموس عقب نومه وكشف ظهره ، ثم أبلغ الحاشية بأن هذا الصبي سوف يكون ملكًا لفرنسا ، على الرغم من أن الملكة كاترين كان لديها ولدين ، فكان هذا الصبي ويدعى هنري النافاري هو الملك هنري الرابع بالفعل !

كان نوستراداموس قد ترك في كل منزل زاره نبوءة ما ، وكان هو شخصيًا يقول أنه لا يؤمن بقدراته التنبؤية ، إلا عقب أن تحدث ، فظل يتجول داخل المدينة ويترك بها نبوءاته ، حتى ضرب الطاعون أوروبا مرة أخرى ، فظل يتنقل ليعالج المرضى كما اعتاد من قبل ، ويعمل ليلى ونهار في حين هرب الأطباء الآخرون من مصيرهم هذا .

عقب انحسار المرض عاد نوستراداموس إلى مدينة صالون ، حيث تزوج من امرأة تدعى آن بونسار ، وهي أرملة ثرية واستقر بالمدينة برفقتها ، وهناك اعتزل نوستراداموس الناس ، وعقب مرور بعض الوقت تحول النقرس الذي ظل يعاني منه كثيرًا ، إلى استسقاء فأدرك نوستراداموس بوصفه طبيبًا أن نهايته قد اقتربت ، فأرسل في طلب القس وأخبره أنه سوف يتوفى ، وأن من سيقومان بدفنه أحدهما سوف يموت في نفس اليوم ، والثاني سوف يصاب بالجنون وهذا ما حدث بالفعل !

وتم دفنه وقافًا في جدار كنيسة كوردلييه في مدينة صالون ، وأعيد دفنه مرة أخرى إبان الثورة الفرنسية في كنيسة سان لوران بمدينة صالون أيضًا ، ليظل بها حتى يومنا هذا .

Lars

منشور له صلة

أسباب القولون التقرحي وطرق العلاج والوقاية

أسباب القولون التقرحي وطرق العلاج والوقاية القولون التقرحي هو نوع من أمراض الأمعاء الالتهابية المزمنة…

ساعة واحدة منذ

أسباب الحساسية الجلدية وطرق العلاج والوقاية

أسباب الحساسية الجلدية وطرق العلاج والوقاية الحساسية الجلدية هي استجابة مفرطة من جهاز المناعة تجاه…

ساعتين منذ

أسباب مرض السكري وطرق العلاج والوقاية

أسباب مرض السكري وطرق العلاج والوقاية مرض السكري هو حالة مزمنة تؤثر على قدرة الجسم…

ساعتين منذ

أسباب ارتفاع ضغط الدم وطرق العلاج والوقاية

أسباب ارتفاع ضغط الدم وطرق العلاج والوقاية ,ارتفاع ضغط الدم هو حالة شائعة تؤثر على…

ساعتين منذ

أسباب الغازات وانتفاخ البطن وطرق العلاج والوقاية

أسباب الغازات وانتفاخ البطن وطرق العلاج والوقاية انتفاخ البطن والغازات هي مشكلات شائعة تسبب شعورًا…

ساعتين منذ

أسباب حب الشباب وطرق العلاج والوقاية

أسباب حب الشباب وطرق العلاج والوقاية حب الشباب هو أحد أكثر مشكلات البشرة شيوعًا التي…

ساعتين منذ