في إحدى القرى الريفية بانجلترا ، سارت الكثير من الشائعات حول شجرة على أطراف البلدة ، تضيء بالليل ويخرج منها نارًا ودخانًا ، دون نار أو شيء فعليّ يمكن أن يراه أحد ، وتكاثرت الأقاويل بشأن تلك الشجرة ، وبالطبع أكل الفضول قلبي مراهقين من البلدة ، وأصر على سبر أغوار تلك الشجرة ، ومعرفة حقيقة ما يدور بشأنها .
عقد المراهقين ويدعيان جون ومايكل ، العزم على الذهاب نحو الشجرة ليلاً ، وكانا يحملان معهما كشافان ضوئيان ، وارتديا ثيابهما وانطلقا نحو الشجرة وجلسا ينتظران رؤية الضوء .
مع حلول منتصف الليل هز كلا المراهقان الآخر ، ليتأكدا أن ما يشاهدانه حقيقي ، فقد اختفت الشجرة فجأة ، قم بدا في الأفق أحد الأغصان أبيض اللون ومضيء ، وفجأة بدأت الأغصان تتجمع وكلها مضيئة ، لتظهر الشجرة مرة أخرى وهي مضيئة بالكامل ، بكافة غصونها وفروعها ، في مشهد مهيب ، وفجأة انفتحت الشجرة من أمامهما وخرج منها شاب وفتاة ، جميلا الطلعة وانطلقا يركضان ، حتى صعدا إلى أعلى الشجرة ، وهما يرقصان سويًا على أنغام موسيقى غير مسموعة ، فغر المراهقان فاهما وهما لا يعيان ما يحدث !
استغرق الأمر حوالي عدة دقائق ، ثم عادت الشجرة إلى هيأتها الطبيعية واختفى الشاب وفتاته ، فنظر المراهقان إلى بعضهما البعض وانطلقا ركضًا نحو منزليهما ، وتدثرا بأغطيتهما دون أن يتحدثا إلى أحد .
لم يتفوه مايكل أو جون إلى أحد بما حدث ، ولم يستطيعا النوم مجددًا ، فخرجا ليلتقيا بمنتصف الطريق ويذهبا مرة أخرى نحو الشجرة ، ليجلسا ويشاهدا ما حدث بالأمس يتكرر اليوم ، وظلا على هذه الحال عدة أسابيع إلى أن سقطا مريضين ، وأحضر ذويهما قس من الكنيسة ، وحينها روى المراهقين ما حدث ، فسألهما القس لمَ لم يقصا ما حدث من قبل على أحد .
فأجاباه نفس الإجابة عندما زار كل منهما على حدى ، فأجابه مايكل بأنه لا يعرف لماذا لم يتمكن من قبل من سرد تلك الرواية ، وأنه الآن سوف يمكوث طالما أخبره بها ، ونفس الكلام سمعه القس من جون ، وبالفعل مات مايكل ثم صديقه ، وكان من يعلم بالقصة هو القس فقط ، والحقيقة هي أن كل البلدة كانت تعرف بالقصة ، ولكنهم تناقلوها فيما بينهم في صمت ، فما هي القصة ؟
قصة العاشقين :
دوروثي سوثورث الشابة الجميلة ، ابنة أحد رجال الحاشية في بلاط الملكة إليزابيث الأولى ، تلك الحسناء ابنة الحسب والنسب ، التي أجرمت حينما أحبت وعشقت ، ولكن هل الحب جريمة ؟ بالطبع لا ولكن اختيارها لم يكن على هوى والدها ، هذا الرجل النبيل الذي رأى في حبيبها ، شابًا فقيرًا من عامة الشعب ، لا يليق بهم كعائلة ولا يجب أن يُسمح لهما بتلك العلاقة .
بالطبع لم يسمح الأب لابنته أن تتزوج ، من هذا الصعلوك وفقًا لرؤيته له ، فماذا فعل ؟ بالطبع ذهب العاشق لطلب يد حبيبته من والدها ، ولكن الأخير نهره وطرده من المنزل شر طرده ، وكانا العاشقان يلتقيان في الغابة كلما سنحت لهما الفرصة ، ولكن البلدة الصغيرة لا يختبئ فيها شيء ، فانتشر خبر لقاءات العاشقين ، حتى وصلت لمسامع الأب فقرر أن يحبس ابنته بالمنزل ، ولا تخرج من غرفتها قط ، وكان الطعام والشراب يقدمان لها من خلف الباب مثل الكلاب .
رقت قلوب من بالقصر للابنة العاشقة ، فكانوا يخرجونها لتلقى الحبيب يوميًا في الغابة ، وعلمت الفتاة بأن والدها سوف يسافر إلى خارج انجلترا بضعة أيام ، فاتفقت مع حبيبها أن يهربا ويتزوجا في مكان بعيد عن بلدتهم ، وقررا اللقاء عند الشجرة التي التقيا عندها أول مرة .
تأهبت الفتاة طوال الليل وهى تحضر ثيابها ، وارتدت فستان زفافها في اليوم التالي ، وذهبت للقاء عشيقها ووجدته ينتظرها أسفل الشجرة ، برفقة صديقين له ، ففرحت للقائه ولكن فجأة ، شاهدته يسقط أسفل الشجرة مخضبًا بدمائه ، بعد أن غرس شقيقها نصل سيفه في قلب الحبيب ، وصديقيه ففقدت وعيها ودفن شقيقها الجثث أسفل الشجرة .
ظلت الفتاة ممتنعه عن الطعام والشراب ، حتى قرر والدها أن تغادر البلاد ثم أرسل بعد فترة بعض النساء ، من العائلة وعندما عدن أخبرنه بأنها كادت أن تنسى ، ولكنها طلبت أن تذهب للشجرة مرة واحدة فقط .
وافق الأب على طلب ابنته ، وتزينت وارتدت ثياب زفافها مرة أخرى ، وذهبت تحتضن الشجرة وتقبل الثرى تحتها ، حيث دُفن حبيبها ، وكان الأب قد ثمل جراء تناوله الكثير من الكحوليات ، فما أن شاهد ابنته بهذا الوضع ، حتى غرس السيف في قلبها ، لتضيء الشجرة فجأة ، وكأنها نار مشتعلة لتنطوي بذلك قصة العاشقين ، وتظل الشجرة تروي قصتهما ليلاً ، حيث قُتلا ودُفنا أسفلها .