يقول علماء النفس والأطباء النفسيين كذلك ، بأن الشخص يمكنه أن يعيش تحت سيطرة شخصيتين ، نعم مثل مرضى الفصام على سبيل المثال ، وقد يعلم المريض بالفصام أنه مريضًا ولديه تعدد بالشخصيات وقد لا يعلم ذلك أيضًا ، ولكن ماذا عمن يتسبب له الغير في أن يعيش بشخصيتين ، دون أن يدري أنه قد تعرض لتجربة مباشرة ، هذا هو ما حدث مع كاندي جونز أو جيسيكا ويلكوكس .

ولدت جيسيكا ويلكوكس بإحدى المدن ، في ولاية فلادليفيا الأمريكية ، وكانت طفلة وحيدة لأبوين غير متزنين ، فعاشت طفولة قاسية برفقة والد سكير ويعاقر الخمور ، وأم متزمتة ومضطربة نفسيًا جراء سوء معاملة الزوج لها ، والعنف الدائم ، فقد كانت جيسيكا تعاقب لأتفه الأسباب ، ويتم حبسها داخل غرفة مظلمة وباردة وحدها لساعات طويلة .

تلك الظروف بالطبع كان لها تأثيرها على شخصية جيسيكا ، فكانت تخترع وتختلق أصدقاء خياليين ، تلعب معهم وتحدثهم حيث تتحدث معهم بصوتها ، وتتحدث بدلاً منهم بنفسها ولكن بصوت آخر ، وكان من بين تلك الشخصيات شخصية تدعى أرلين ، والتي طالما رافقت جيسيكا في حياتها ولم تستطيع أن تتخلص منها ، عقب انتهاء مرحلة الطفولة مثلما نفعل جميعًا ، فكانت جيسيكا ذات شخصية هادئة ومتفهمة وخجولة ، بينما كانت أرلين تشبه الأم دائما تسخط على من حولها ، وكانت كثيرًا ما تزدري جيسيكا وتنتقص من قدرها ، ولكن جيسيكا كانت تحاول دائمًا كبح جماح أرلين .

نظرًا لتغيب الأم كثيرًا عن المنزل ، وإهمال الوالدين للطفلة ، بدأت جيسيكا في الانتقال بين أقاربها من منزل لآخر ، من أجل رعايتها ولكن هذا لم يحدث ، فقد كانت تعامل بمهانة واضحة ، كما أنها تعرضت للتحرش الجنسي مرات عدة ، ولكنها نجحت في التملص مما حدث ونسيانه –ظاهريًا فقط- لتصير شابة حسناء ، وذكية وجميلة أيضًا .

فقد كانت جونز طويلة القامة ورشيقة القوام ، مما منحها الفرصة لتتصدر صورها مجلات فترة الأربعينات ، ونالت وظيفة في مسابقة ملكة جمال أمريكا في تلك الفترة ، كما استطاعت أن تنال فرصة لتقديم بعض البرامج الإذاعية في هذا الوقت أيضًا .

كانت كاندي قد شاركت في منظمة أمريكية ، تابعة للجيش تعرف بمنظمة USO ، وكانت قد سافرت برفقتهم إلى الفلبين من أجل تقديم خدمات ، ترفع من الروح المعنوية للقوات الأمريكية المرابطة هناك ، ولكن خلال الطريق تعرضت كاندي إلى وعكة صحية وتم علاجها ، وعادت إلى أمريكا مرة أخرى .

بعد فترة من الوقت قابلت كاندي عارض أزياء أمريكي ، وتزوجت منه وأنجبت ثلاثة أطفال  ، وعاشت معه حياة مستقرة ، ولكن عقب مرور عدة أعوام اكتشفت كاندي بأن زوجها ثنائي الجنس ، أي أنه يميل إلى ممارسة الجنس مع النساء والرجال ، وبالطبع نتيجة ما تعرضت له في طفولتها أصرت كاندي على الحصول على الطلاق ، وتم لها ذلك .

بعد الطلاق واجهت كاندي تدهورًا ماليًا ، فقامت بعمل محل للأزياء والرشاقة ، والذي لاقى نجاحًا معقولاً ساعدها ماليًا ، وعادت مرة أخرى لتقديم البرامج الإذاعية .

في أحد الأيام حضر إلى محل عملها أحد رجال الشرطة ، الذين كانت تعرفهم عن طريق المنظمة التابعة للجيش ، وأقنعها الرجل أنه يعمل لصالح مكتب التحقيقات الفيدرالي ، وطلب منها أن تقوم بعمل وطني وهو أن تسمح لهم ، بإرسال وتلقي الرسائل السرية المهمة ، من خلال محل عملها هذا ، وبالطبع وافقت كاندي بدافع الوطنية .

بعد فترة التقت كاندي بمدير إحدى المحطات الإذاعية ، وكان يعمل زميلاً لها قبل أن تتزوج بعدة أعوام ، وعقب لقائهما هذا وقعا في قصة حب وتزوجا عقب مرور شهر من لقائهما ، ولكن لاحظ الزوج عدة أمور على زوجته .

فقد كانت قصيرة النوم وكثيرًا ما كانت تصاب بالأرق الشديد ، ولاحظ الزوج أيضًا تبدل واضح يظهر في شخصيتها للحظات ، وتتغير نبرة صوتها تمامًا لتصبح أكثر عدائية ووحشية ، هنا أدرك الزوج أن هناك خطأ ما بكاندي ، فقام وفقًا لمعرفته ببعض الأمور الماورائية .

بمحاولة تنويم زوجته مغناطيسيًا ، والتي تجاهلت الأمر في البداية ولكنه نجح بكل بسهولة ، ذهل الزوج مما فعله فقد نجح في تنويم كاندي بسهولة شديدة ، وكانت تلك المرة الأولى التي تنعم فيها بنوم هادئ ، لذلك طلبت منه أن يكرر ما فعل وألحت عليه في ذلك بشدة.

قام الزوج بتكرار جلسات التنويم المغناطيسي لكاندي ، ولكن هاله ما استطاع أن يعرفه عنها ، فقد علم ما دار لها أثناء طفولتها وشبابها ، وعلم بأمر العمل من خلال محل الأزياء الخاص بها ، حيث كانت تسافر وتعمل لدى الاستخبارات الأمريكية وهي لا تعلم ، وكانت تسافر بجسدها فقط وإنما بشخصية تدعى أرلين ، نجح الجيش الأمريكي في استخلاصها وتنميتها داخل كاندي ، التي لم تكن تعلم بشأنها شيئًا .

اكتشف الزوج بأن كاندي قد خضعت ، لتجربة تدعى التحكم بالعقل ، ومن قام بها هو الطبيب الذي عالجها إبان إصابتها بوعكة صحية ، عند سفرها للفلبين وعقب طلاقها ، وعندما كانت بحاجة ماسة إلى المال ، التقي بها هذا الطبيب مع رجل آخر ، وأقنعها أنه يجرب بحثًا طبيًا ويرغب في تنويمها مغناطيسيًا في مقابل المال .

وبالطبع وافقت كاندي نظرًا لحاجتها ، وهنا قام الطبيبان باستخراج شخصية آرلين من داخلها ، وجعلا لها ذاكرة منفصلة وقاما بتغذيتها بكل ما يريدا ، ليتم تجنيد آرلين جاسوسة وكانت تتغير كل تفاصيل جونز وشخصيتها ، عندما تظهر آرلين وحتى طريقة مشيتها ، وكلامها ونبرة صوتها ومساحيق التجميل التي تضعها !

عقب تلك الحقائق وظهورها قام الزوج وأحد المؤلفين ، بنشر كتاب وتسويقه ، بشأن عمليات التحكم بالعقل ونشروا تفاصيل ، كيفية التحكم في عقل كاندي جونز ، وبالطبع لم يصدق الكثيرون تفاصيل الكتاب ، ونفت وكالة الاستخبارات الأمريكية هذا الأمر ، ولكن عقب مرور عام واحد تم نشر مقالاً صحفيًا تم فيه ، فضح عمليات التحكم بالعقل وثار الرأى العام ، وقدمت جونز أدلة جديدة على حدث معها .

وهنا اضطر الكونجرس لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق ، وقد أثبتت أن مشروع التحكم بالعقل هو مشروع حقيق ، صرفت عليه الملايين وأن جونز لم تكن الوحيدة التي قامت بتلك المهام .

ظلت جونز في خطر دائم ، وكادت أن تفقد حياتها عندما تعرضت لانفجار غامض ، ولكنها نجت منه بأعجوبة وأصرت على قصتها ، وأنها حقيقية ، حتى وافتها المنية عام 1990م .

By Lars