يعود العديد والعديد من الحضارات المنسية في العالم منها تلك المملكة المغمورة مملكة ميتاني ، عُرفت المملكة عند الآشوريين والسكان المحليين باسم الهانيجالبات ، وامتدت من شمال العراق حتى الشام وتركيا وكانت دولة عظيمة المكانة والشأن ، يوجد عدد من السجلات عبارة عن مرسلات بين كل من الملوك الميتانيين وملوك آشوريين ومصريين وتم العثور على كتاب لتدريب الخيل .
تشير جميع الأدلة التي تم العثور عليها أنها كانت من الممالك المزدهرة في الفترة ما بين 1500 إلى 1240 قبل الميلاد وكانت قوية حتى عام 1350 قبل الميلاد حتى أنها صُنفت من الممالك العظمى القوية ، وحكم الميتانيون المناطق التي تقع شمال نهري دجلة والفرات من 1475-1225 قبل الميلاد ، وعلى الرغم من اختلاف اللغة إلا انهم استخدموا لغة السكان المحليين ، قد كانوا من أصول هندو أوربية وأطلقوا على أنفسهم الماريانو وعبدوا آلهة فيدية كإندار وأروانا وتزاوجوا من السكان المحليين.
أما العاصمة فكانت تسمة واشوكاني وتقع في منابع الخابور وهي أحد روافد نهر الفرات وتُقسم الكلمة لقسمين باش بمعنى الخير وكاني وتعني المنبع لذلك تم ترجمتها منبع الخير ، يُعتقد أن تلك المملكة ما زالت مدفونة في تل حلف في الشام ، تحكمت المملكة في طريق التجارة أسفل الخابور حتى مملكة ماري وأعلى الفرات ومنطقة أعلى نهر دجلة حتى منبع نينوى ، وكانت المملكة من حلفاء ممالك كيزواتنا وموكيش وأوغايت ونيا .
سمحت طبيعة الأرض بازدهار الزراعة مع وجود نظام ري صناعي قاموا بتربية الحيوانات وخاصة الخيول ، وسجلوا أول اختراع لهم هو اختراع الأله الحربية التي تعمل بعجلات خشبية ، أيضًا سيطر الميتانيين على الملك بقيادة الملك باراتارنا في حلب لما لها من أهمية جغرافية على سواحل البحر الأبيض المتوسط فأثار ذلك حفيظة تحتمس الثالث ملك مصر ، وشاركوا في معركة مجدو ووقفوا بجانب ملك قادش ضد تحتمس الثالث .
ولكن انتصر تحتمس مما أدى لمهاجمته لمنطقة ميتاني فخربوا عدد من المدن في المناطق الواقعة على ضفاف النهر وتمكن المصريون من السيطرة على الشأن الداخلي للملكة وتحالف الملك شاوشتاتار مع تحتمس الرابع في نهاية القرن الخامس عشر قبل الميلاد ، وكانت ميتاني في أوج ازدهارها في منتصف القرن الرابع عشر قبل الميلاد بفضل العلاقات الودية مع مصر وقام الملك الميتاني توشراتا بتزويج ابنته تادوخيبا من أمنحوتب الثالث وبعد وفاته تزوجت ابنه أمنحوتب الرابع المعروف باسم أخناتون .
وتم رسم حدود النفوذ بين المملكتين بموجب هذا الزواج فأحكم الملك قبضته على شمال الشام ، ودخلت الأسرة الحاكمة بعد ذلك في صراعات مع السلطة ورأى الملك الحيثي سوبيلولييوما الأول الظروف مناسبة لاحتلال عاصمة الميتانيين والتدمير النهائي لهم بعد اثنى عشر معركة ، وجاءت نهاية الميتانيين بغزو الحيثيين لكركميش آخر الحصون واغتيال توشراتا وأصبحت ميتاني بعد ذلك تابعة لإمبراطورية الآشورية ولكن ليس واضحًا ما حدث على وجه التحديد قبل حُكم توداليا الرابع ومعركة نيهاريا والتي أدت لانهيار الدولة الحيثية ، وأصبحت المملكة تدين بالولاء للآشوريين ودفع الضرائب لهم .
ولم يُعاود بناء المملكة ثانية من الممكن أن تكشف لنا البعثات الأثرية للتنقيب عن أشياء جديدة تخص تلك المملكة المغمورة .