تقع قرية آنجيكوني على ضفاف بحيرة آنجيكوني ، الواقعة في منطقة كيفا ليك بالقطب الشمالي ، تلك البحيرة الممتلئة بأسماك السالمون ، وعُرف عن القرية وسكانها حسن استقبالهم لكافة الضيوف الذين يحلون على المكان ، من أجل شراء الفراء ، حيث يمرون بتلك القرية في طريقهم نحو ممارسة مهنتهم .
البداية :
في عام 1930م انطلق صائد الفراء جو لابيل ، نحو عمله لصيد لفراء كما اعتاد ، وفي الطريق بالطبع يقابل قرية آنجيكوني التي طالما ، مر عليها في طريقه إلى عمله ، فقرر الذهاب إليها طلبًا للدفء والراحة لبعض الوقت كما اعتاد ، حيث كان لابيل على علاقة طيبة للغاية بالسكان المحليين بالقرية ، فهم لطفاء وطالما ابتاع منهم الكثير من أسماك السالمون .
عقب أن مر لابيل بالقرية التي اعتاد أن يقبع بها لقليل من الوقت ، ولكنه عندما ذهب إليها وذهب لإلقاء التحية على أصدقائه بها ، لم يتلق أي إجابة ، فالقرية صامتة ولا أحد بها وكأنهم قد ارتحلوا جميعًا في وقت واحد ، المكان يعمه سكون مطبق ولا شيء يمكنه أن يسمعه ، سوى صوت تهشم الثلوج أسفل قدميه أثناء سيره .
أكمل لابيل سيره بمحاذاة النهر ، فوجد القوارب قابعة على ضفاف النهر دون أية حماية ، مما أثار دهشته بشدة ، فسكان الإسكيمو لا يتحركون من قراهم أو أماكنهم سوى بالقوارب ، فهي أساس معيشتهم وحياتهم ، فاستكمل طريقه وهو في حيرة من أمره ويتساءل ، أين ذهب الجميع ؟
أدرك لابيل بأن هناك شيء جلل قد حدث ، فقد أخبرته حنكته الناتجة عن كثرة تجواله ، بأن هناك أمر مريب ، فكيف لا تنطلق أصوات سكان القرية من داخل أكواخهم ، ولا حتى أصوات الحيوانات بها مثل الكلاب على سبيل المثال !
قرر لابيل أن يذهب إلى داخل الأكواخ ويتحقق من الأمر بنفسه ، فكانت دهشته أكبر من السابق ، فبعد أن أزاح مصاريع الأبواب المصنوعة من جلود الحيوانات الثقيلة ، ممنيًا نفسه بأن سكان القرية قد قاموا برحيل جماعي ، إلا أنه ولدهشته وجد في معظم الأكواخ مخزونها الكافي من الطعام والشراب .
بالإضافة إلى الملابس كما وجد أسلحتهم لخاصة إلى جوار الأبواب ! وبالتالي تيقن لابيل أن من بالقرية لم ينزحوا جماعة كما اعتقد هو في البداية ، فإذا كان جميع السكان قد خططوا للمغادرة فبالتأكيد لن يغادروا بأسلحتهم .
وجد لابيل بأحد الأكواخ قدرًا ممتلئ بالحساء ، وآخر تفحم وهو مازال فوق النيران المشتعلة أسفله ، وبتفقد مخازن الأسمالك وجدها بكامل مخزونها وكميتها ، وبما أن لابيل كان صائدًا للفراء فقد تعلّم من مهنته تلك كيفية اقتفاء الآثار ، فظل يجول حول القرية لكي يعرف كيف غادرها السكان جميعًا في لحظة واحدة هكذا ، وأي طريق قد سلكوا حتى خرجوا ، ولكنه لم يجد أي شيء يدلل على الاتجاه الذي سلكوه .
مخزن ماكنزي :
قرر لابيل أن يذهب إلى كوخ العم ماكنزي ، والذي كان عجوزًا متقاعدًا ، حيث كان يعمل بالجيش كولونيلاً ولكنه أصيب في قدمه أثناء العمل ، ومن ثم تقاعد حيث أصيب ببعض العرج ، مما جعله يصنع كوخًا خاصًا به ، يذهب إليه كل من بالقرية للاستراحة والجلوس معه .
كان ماكنزي رغم عمره المتقدم ، قوي البنية وبالتالي ليس من السهل أن يهاجمه أحدهم دون يظهر ذلك في المكان ، لذلك عندما وصل لابيل وجد كل شيء كما هو ، مع وجود لبعض زجاجات الخمر المنكسرة أرضًا ، وخلو المكان من المقاعد التي كان يشغلها السكان عند ذهابهم إليه ، وبين هذا الحطام وجد لابيل مذكرات العجوز ماكنزي .
التقط لابيل المذكرات ، وقرأ آخر ما كتبه ماكنزي بيديه ، حيث أشار إلى سطوع ضوء أزرق غامض في السماء ، دون ذكر شيء آخر ، بالمزيد من التجوال في المنطقة ، وجد لابيل سبعة جثث لكلاب نافقة ، وبفحصها تبين لابيل أن تلك الكلاب قد ماتت جوعًا ، فتعجب كيف لقرية مثل هذه ممتلئة عن آخرها بالطعام والمؤن ، أن تموت كلابها جوعًا دون أن تنبش مخازن الطعام .
ولكن تبين للابيل لاحقًا بأن الكلاب المسكينة قد تم تثبيتها في الأرض ، حتى لا تستطيع التحرك ومن ثم ماتت جوعًا ، ولكن من المدهش أن تموت الكلاب جوعًا في غضون ساعات قليلة فقط من ربطها ولم يمر عليها أيامًا مثلاً .
تحقيقات الشرطة :
ذهب لابيل بعد أن استراح ونام قليلاً ليخبر الشرطة بما رآه ، فاتجهت الشرطة برفقته نحو القرية وفي الطريق ، قابلوا رجلاً يدعى آرماند لورانت وجلسوا ليستريحوا من عناء الطريق ، وسألوه بشأن القرية ، فأجاباهم بأنه قبل عدة أيام شاهد هو وابنيه ضوءً أزرق لامع يأتي من السماء ، ثم أخذ شكلاً اسطوانيًا واختفى فجأة بعدها .
وبمجرد أن وصل رجال الشرطة إلى القرية ، حتى تحققوا تمامًا من رواية لابيل ، ولكنهم عندما ذهبوا إلى المقابر وجدوا ما أثار هلعهم ، فقد كانت المقابر كلها مفتوحة وعظام الموتى متناثرة خارجها بينما حلت محلها القمامة ، عدا قبر آنكي أكايلو مؤسس القرية ، حيث كانت الأرض دافئة حوله وكان القبر مغلقًا لم يمس ، في حين تناثرت شواهد القبور وألقين معكوسة رأسًا على عقب ، وتم تكديسها بترتيب أوحى للجميع بأن ما حدث ليس هجومًا من حيوانات ضارية على أهل القرية .
وأثناء وجودهم في القرية من أجل التحقق مما حدث ، لمح رجال الشرطة ضوء أزرق يلوح في الأفق ، ولم يكن شفقًا طبقًا لوصف من رأوه ثم اختفى الضوء سريعًا ، واستنادًا إلى التوت المتواجد في الأواني ، فإن اختفاء أهل القرية لم يحدث منذ أيام فقط ، بل حدث قبل عدة أشهر ! فيا ترى من أشعل النيران أسفل حساء دهن الفقمة ، التي رآها جو لابيل ؟
لا أحد يدري ، ولا أحد حتى وقتنا هذا استطاع أن يحل لغز قرية الموتى ، كما أطلق عليها الصحفيون آنذاك ، وحتى وقتنا هذا .