قد يبدو اسم شقائق النعمان غريبًا وجميلًا في نفس الوقت ، وكلمة شقائق هي جمع كلمة شقيقة ولكنها عُرفت بصيغة الجمع ؛ وشقائق النعمان تُطلق على أكثر من معنى ؛ فهي تُطلق على أحد الحيوانات البحرية كاسم له ، وكذلك هي أحد أنواع الأسماك ، كما أنها اسمًا لواحدة من أروع الزهور البرية ، والتي تعتبر سببًا رئيسيًا ظهور وتواجد الاسم .

الأصل في الحديث عن شقائق النعمان يرجع لتلك الزهرة الجميلة التي تعد بأنها واحدة من الأعشاب ذات الساق الرفيعة المنتصبة ، ولها أوراق متفرعة وتبدو كأنها مقطعة ومسننة .

ويبقى للاسم رونقه الخاص الذي يثير الدهشة والكثير من التساؤلات حول هويته وأصله ، وفي الحقيقة قد أفرغ التاريخ مساحة لذكره وتوضيح السبب الرئيس لهذه التسمية ؛ حيث نبتت تلك الزهور الجميلة فوق قبر النعمان بن المنذر وهو أشهر ملوك الحيرة الذى دخل في صراع مع الفرس في معركته الشهيرة ذي القار ؛ وذلك لأنه رفض تسليم نساء العرب لملك الفرس ؛ مما أدى إلى مقتله في تلك المعركة تحت أقدام الفيلة التي دهسته .

جاءت تلك الزهور الجميلة ذات الألوان المتعددة لتخلد ذكرى النعمان بن المنذر ؛ حيث رفقها العرب باسمه ، وتعتبر شمال أفريقيا والأماكن المعتدلة في آسيا وأوروبا هم الموطن الأصلي لشقائق النعمان ؛ كما تنتشر تلك الزهور في بلاد الشام .

وتتميز زهور شقائق النعمان بتعدد ألوانها مما جعلها مميزة وجذابة ؛ حيث تشتهر بانعكاس ألوان الطيف نظرًا لكثرة ألوانها ؛ ومن بين الألوان الأبيض ، الزهري ، البنفسجي ، الأرجواني ، القرمزي ، والأحمر وهو أكثر الألوان تميزًا وجاذبية.

لم تكن شقائق النعمان جميلة الشكل فقط ، ولكنها لها استخدامات ذات فوائد هامة جدًا في مجال الطب والعلاج بالأعشاب ؛ فوُصفت كمهدئ عام للجسم ، ومسكنة للآلام ، كما تساعد في علاج السعال والربو والهياج العصبي والكثير من الأمراض الأخرى ، وعادة تُستخدم كشراب بعد غليانه في الماء لمدة ربع ساعة وتصفيته فيما بعد .

وُضع اسم شقائق النعمان في دستور الأدوية البريطانية عام 1949م ؛ ومن بين الأقوال الهامة في مجال العلاج بشقائق النعمان ما ذكره ابن البيطار قائلًا : “إذا مُضغ النبات اجتذب البلغم ، وعصابته تنقي الدماغ من المنخرين وتجلو الآثار الحادثة في العين ..”

تميزت تلك الزهور بالشكل الرائع والفوائد التي لا حصر لها ، ولكنها لم تتوقف عند هذا الحد بل زاد رونقها وبريقها في الأدب العربي والعالمي ؛ فذُكرت كاسم لمسرحية سورية هامة ؛ وهناك عمل روائي عالمي هام تحت اسم” رفاق شقائق النعمان ” وقد كتبه هنري ترويا وهو عمل جمع بين التاريخ والأدب ؛ حيث تقص حقبة مليئة بالحروب والصراعات في فرنسا وذاك بعد سقوطها على يد الروس .

لم يسلم الشعر أيضا من ذكر شقائق النعمان ؛ حيث ذكرها إيليا أبو ماضي في مطلع قصيدته ” روحي فداك” في قوله : (لما رأيت الورد في خدّيك وشقائق النعمان في شفتيك) ، وهناك أيضا قصيدة تحمل نفس الاسم للشاعر سمير سنكري ؛ كما ذكرها محمود درويش في شعره ، وغيرهم من الشعراء والأدباء .

وجدت زهور شقائق النعمان مكانتها في القلوب والعقول ؛ حيث اتخذت لنفسها مكانة عظيمة في الشكل واللون والعلاج ؛ كما نالت حظًا وفيرًا في الأدب العربي والعالمي والحضارة الإسلامية ؛ كما ورد ذكرها كثيرًا في الحكايات الشعبية.

ارتبطت تلك الزهور بالجمال والغزل والشوق ، وعُرفت علميًا باسم “الشقّار الإكليلي”، وتعني الشوق والانتظار ، وعرفت في سوريا ولبنان باسم الدحنون أو الحنون ، ويعتبر لونها الأحمر القاني هو الأشهر والأجمل .

خلدت زهور شقائق النعمان اسم النعمان بن المنذر ؛ كما خلدت نفسها على مر الزمان في كل مكان ليذكر اسمها تعبيرًا عن الحب والشوق والجمال .

By Lars