تعد السيباستيانيزم إحدى العقائد الفكرية التي انتشرت بين القرنين ، السادس عشر والعشرين وتقوم هذه العقيدة أو الفكر ، على فكرة مفادها بأن الملك سباستيان لم يمت بعد ، وأنه سوف ينهض من رقدته ليخلص البرتغال ، من القبضة الأجنبية وحينها سوف تعود أمجاد البرتغال مثلما سبق في الماضي.
الملك سباستيان هو نفسه الملك جون مانويل ، الذي ولد في عام 1554م ، وتربع على عرش الامبراطورية البرتغالية بالوصاية ، وكانت الامبراطورية البرتغالية في هذا الوقت ممتدة على كافة سواحل إفريقيا وآسيا والأمريكاتين .
بوادر ظهور عقيدة السيباستيانيزم :
قضى الملك سباستيان أو جون مانويل نحبه في عام 1578م ، إثر خوضه معركة وادي المخازن ، وعلى الرغم من صحة تلك الواقعة إلا أن الشعب البرتغالي ، لا يصدق وفاته حتى يومنا هذا ، وظل العديد يقولون بأن سباستيان لم يمت بعد ، وأنه مختف فقط عن أعين المحتلين ، وسوف يعود مرة أخرى ليخلص البرتغال ، واستشرى الأمر بين أبناء الشعب البرتغالي ، فظهر ما عرف باسم عقيدة وفكر السيباستيانيزم .
استمدت عقيدة السيباستيانيزمية قوتها من الغموض الذي أحاط بوفاة عاهل البرتغال ، حيث يعتقد الكثيرون بعدم موته ، وكان المؤرخون والكتاب الإسبان الذي طمعوا في الارتقاء بقدر الملك فيليب الثاني ، ومنحه مشروعية مدعومة من جانبهم ، قد أكدوا في أغلب ما كتبوه بشأن وفاة سباستيان وأسبغوا من الكلمات .
ما يؤكد على صحة أقوالهم ، فقدموا وصفًا دقيقًا لجروح الدون سباستيان ، وعددها ومواضعها في جسده ، في حين فضل عدد آخر من الكتاب أن يصمتوا في ظل ما تم تداوله من أنباء بشأن الملك المختفي ، إما حفاظًا على شرف مهنتهم ، أو لعدم قتل الأمل في نفوس الشعب الذي ينتظر الملك المخلص .
على الجانب الآخر ، قام المؤرخون المغاربة برواية ، مفادها بأن جثة الملك التعس سباستيان قد تم وضعها ليلة المعركة بينهم وبينه ، في صندوق زجاجي ووضع عليه الجير حتى لا تتحل الجثة ، وتم إرسالها إلى القصر الكبير بالمغرب ، حيث أرسلت الجثة هدية من المغرب إلى الملك فيليب الثاني ، وتم تسليم الجثمان في حالة لا يمكن التعرف عليها .
وعقب تنصيب الملك فيليب الثاني رسميًا ، بوصفه ملكًا للبرتغال قام بدفن جثمان سباسبتيان الراحل في صومعة بيليم ، ليرقد جسد سباستيان بين قبري دي كاموس ، وقبر سكودي غاما ، الأول عن يمينه والثاني عن يساره .
وعلى الرغم من الجنازة المهيبة التي أعدت للراحل سباستيان ، إلا أنه في ظروف غامضة ومثيرة ، تناقل الشعب نبأ وجود الملك على قيد الحياة ، وتمسكوا بهذا النبأ الذي أفاض على موت سباستيان نوعًا من القدسية .
الأسطورة :
تروي الأسطورة بأن الملك سباستيان سوف يعود إلى مملكته ، فوق حصان أبيض اللون في يوم ضبابي ، ووصل الأمر إلى اعتقاد البعض بأن الملك قد عاد بالفعل ، قاطعًا البحر وينتظر الآن فوق سطح سفينة ترسو على ضفاف نهر تاجه ، وهو النهر الأطول في شبه جزيرة الأندلس ، ويمر بين البرتغال وإسبانيا ، ولا يزال الملك ينتظر اللحظة الحاسمة حتى يخرج معلنًا عن نفسه .
وتشير بعض المصادر التاريخية إلى قوة تلك الأسطورة مدللين عليها ، بأنه عندما احتل نابليون بونابرت البرتغال عام 1807م ، كان الجنود البرتغال يصيحون في أوج معركتهم مع نابليون بصيحة واحدة قائلين يعيش الدون سباستيان ، وكان حينها قد مر على وفاته مائتين وتسعة وعشرون عامًا! مما يشير إلى توغل الأسطورة في عقول أبناء الشعب البرتغالي بقوة .