يذخر التراث الانجليزي بالعديد من الأساطير الساحرة ، بعضها مخيف والبعض الآخر لا يمثل سوى ثقافة شعب ، كتلك الأساطير التي نرويها في وطننا العربي وتتناقلها الأجيال وتختلف أيضًا بيننا ، من دولة إلى أخرى وفقًا لثقافة الشعب .
إنجلترا المعروفة باسم المملكة المتحدة والتي تضم كل من أيرلندا ، واسكتلندا وويلز ، لكل منها طابع خاص ، وأسطورة جديدة ، تُضاف إلى تاريخ الأساطير الذي نرويه جيلاً بعد جيل ، ومن أشهر الأساطير الانجليزية أسطورة الساحر الأبيض ميرلين .
جذور الأسطورة :
تروي الأسطورة أنه خلال فترة القرون الوسطى ، كان أسياد الجحيم يخططون للقضاء تمامًا على السيد المسيح ، وفي هذا الوقت استطاع الشيطان أن يتلاعب بإحدى الفتيات ، حتى سلّمته أمرها وحملت منه ولكنها عقب ذلك أدركت أنها قد ارتكبت إثمًا كبيرًا .
وأصرت بعد ذلك أن تعيش في خدمة ربها فقط بعد أن وضعت صبيًا أسمته ميرلين ، هذا الصبي الذي وًلد بقدرات خارقة نظرًا لتناول أمه جرعات من الماء المقدس ، فصار قويًا ويعمل في خدمة إنقاذ البشر .
ميرلين طفلاً :
في فترة العصور الوسطى ، كان فورتجين ملك بريطانيا يحارب بعض الأعداء ، الساكسونيين وهم قبائل جرمانية كانت تغزو أجزاء من أوروبا لضمها تحت قيادتها ، وفي ذلك الوقت نصحه بعض الكهنة أن يقوم بتقديم أضحيات وقرابين بشرية للآلهة من أجل إنقاذ المملكة .
ففي تلك الفترة من عمر القارة الأوربية ، كانت تشيع الخرافات والأساطير بشكل قوي ، وكان من ما طلبه الكهنة ، هو أن يعمل الملك على تقديم أطفالاً بلا أب للآلهة حتى يستطيع الحفاظ على مملكته ، ولكن هذا الطلب كان صعبًا للغاية فمن أين يأتي الملك بهؤلاء الأطفال ؟
لم يجد كهنة الدرويد ممن نصحوا الملك بالأضحيات ، ضالتهم سوى في ميرلين ؛ وللتوضيح فكهنة الدرويد هم سحرة كانوا يعيشون في أوروبا قبل المسيحية ، وكانت لهم طقوس مفزعة معروفة عنهم في هذا الوقت ، مثل حرق البشر وهم أحياء .
أدرك السحرة أن ميرلين سوف يكون ساحرًا متميزًا وأكثر منهم قوة ، لذا كانت نصيحتهم للملك ليس لدرء الغزاة ، وإنما للتخلص من ميرلين التي سوف تقضي عليهم ، ولكن ميرلين كان قد علم بمكرهم فذهب للمك وأخبره ، بأن الأضحيات البشرية لن تجدي نفعًا فالبرج الذي سوف يتم تشييده ويوضع به البشر ، لن يصمد طويلاً وسوف ينهار نظرًا لوجود تنينان يتصارعان أسفله ، أحدهما أحمر اللون والآخر أبيض ، فاقتنع الملك برواية ميرلين وعدل عن فكرة قتله .
ميرلين والملك آرثر :
آرثر بندراجون ، وفقًا للأساطير الانجليزية القديمة هو ملك ويلزي شجاع ، كان صائدًا للتنانين ومقاتلاً قويًا ومقدامًا لا يشق له غبار ، جمع صفات القائد في شخصيته ، وعندما وقع بالحب لم يعشق سوى امرأة واحدة هي جوينيفير ؛ تلك المرأة التي أصبحت ملكته فيما بعد عندما أصبح ملكًا متوجًا على مملكة كاميلوت التي نجح في تخليصها من يد الغزاة الساكسون .
ولكن لم تسر الأمور على ما يرام طويلاً ، فالزوجة جوينيفير خانت الملك آرثر ، وعشقت أحد أصدقاءه ، وعندما علم آرثر بالأمر تخلص منهما بشكل مأساوي للغاية ، مما تسبب في وفاة آرثر نفسه .
وكان ميرلين هو من تنبأ بولادة الملك آرثر من الأساس ، ثم تنبأ مرة أخرى بانتصاره في حربه ضد الساكسون ، حتى صار فيما بعد مستشارًا خاصًا لآرثر ، ونهاية الملك آرثر غير مؤكده ، حيث يقول البعض بأنه قد قتل أثناء خوضه معركة كاملان عام 537 ميلاديًا .
حيث أرسل إلى كهنة الدرويد جاسوسًا يدعى موردراوت ليقتله ، ولكنه نجا منه وحمله جنوده إلى جزيرة أفالون حيث تمت معالجته ، وأن الشعب الويلزي يؤمن بعودة آرثر في أحد الأيام إلى الحكم ، عندما يكونون في أمس الحاجة إليه .
ويقال بأن الملك هنري الثامن ظل يبحث طويلاً عن قبر الملك آرثر ، حتى وجده ولكنه بنبشه لم يجد جثة آرثر ، بينما يقول البعض الآخر بأنه يتوارى في كهف بعيد ، حيث ينام بعمق وينتظر النهوض ذات يوم ، وكلها أساطير قديمة سيطرت على العقل الانجليزي لسنوات طويلة .
نهاية ميرلين :
هناك عدة روايات بشأن نهاية ميرلين ، حيث يقول البعض بأن الشياطين التابعة لأبيه قد حملته عنوة إلى أسفل نحو الجحيم الأبدي ، بينما تقول أساطير أخرى بأن ميرلين قد وقع في غرام تلميذه له ، تدعى نيفيان وهي شهيرة بسيدة البحيرة .
حيث أرغمته مستغلة حبه لها على تعليمها فنون السحر ، حتى نالت قوة أعلى من ميرلين نفسه ، فقامت بحبسه في كهف مظلم ، فظل هو حبيس الكهف والحب والندم ، وعلى الرغم من كونه ساحرًا قويًا إلا أن انقلاب حبه عليه قد جعله يفقد كل قوته .