تعد الهند واحده من أكثر دول العالم كثافة في عدد السكان وهي عبارة عن جمهوريّة آسيويّة تتكوّن من 28 ولاية ، وتتركز في الجزء الجنوبي من قارة آسيا ، فتتشارك في حدودها مع باكستان من جهة الشمال الغربي ، والصين ونيبال وبوتان من جهة الشمال ، أما بورما وبنغلادش فمن جهة الشرق ومن الجنوب يحدها المحيط الهندي .
وتبلغ مساحتها الكلية نحو (3,166,414) كيلو متر مربع ، وهي بتلك المساحة توجد في المرتبة السابعة بين دول العالم من حيث المساحة ، وللهند مكانة تاريخيّة عريقة اكتسبتها على مر العصور ، والهند من أكثر البلدان التي تعج بتعدد الديانات وتنوع المعتقدات الفكرية .
ويعود الفضل في اكتشاف شبه القارة الهنديةّ إلى الرحّالة البرتغالي الجنسيّة فاسكو دا غاما ، وكان ذلك في عام 1497م حين خرج في أسطوله وقام بالدوران حول إفريقيا من خلال رأس الرجاء الصالح ، والتي كانت معروفة قبل ذلك للمسلمين ولكنهم لم يكونوا بحاجه للالتفاف حوله ، فمدنهم كنت تطل على البحر ، أما البرتغاليون فكانوا مهتمين بالسيطرة على المناطق الموجودة في شرق آسيا وفتحها للتجارة والعمل .
الرحلة الأولى :
وقد كان الأسطول عبارة عن أربع سفن خرجت من لشبونة على كل سفينة 20 مدفع ، سفينة بقيادة فاسكو دا غاما ، والأخرى بقيادة شقيقه باولو ، وفي بداية العام التالي وصل الأسطول إلى الموزمبيق على الشاطئ الشرقي لأفريقيا ، والتي كانت تعد جزءًا أساسيًا من شبكة التجارة في المحيط الهندي.
وعند دخولها قال دا غاما : الآن طوقنا المسلمين ولم يبق إلا أن نشد الخيط ، ولخوف دا غا ما من أن يعاديهم السكان المحليين ادع الإسلام وتمكن من مقابلة سلطان البلاد ، ولكن الأمر لم يمر على المحليين الذين شكوا بأمره وهاجموه غاضبين ، فاضطر دا غاما ورجاله إلى مغادرة البلاد وأبحر مبتعدا بعد أن قصف المدينة بالمدافع انتقامًا منهم .
وقد هدم دا غاما في إحدى حملاته الصليبية على شرق أفريقيا المسلم قرابة 300 مسجد ، وبالتحديد في مدينة كيلوا حينما دخلها ، كما أن التاريخ لن يغفر له إغراق سفينة الحجاج في خليج عمان ، والتي كانت تحمل على ظهرها نحو مائة حاج ناهيك عما ذكره المؤرخون من إحراقه للمراكب المحملة بالأرز والتي قدمت من الهند ، وكان أصحابها من المسلمين !!
وقد اتبعت حملة دا غاما نهج القرصنة فحينما اقتربت من كينيا قامت بنهب سفن التجارة العربية ، وبوصولهم إلى هناك أصبح البرتغاليون هم أول من زار ميناء مومباسا من القارة الأوروبية ، ولكنهم قوبلوا بالسخط وما لبثوا أن غادروها سريعًا إلى ماليندي .
وهناك لاحظت الحملة وجود التجار الهندوس لأول مرة ، وللوصول إلى الهند تعاقدت الحملة مع والبحار العربي المسلم أحمد بن ماجد الذي استطاع بخبرته أن يصل بالحملة إلى كاليكوت وهي ما يعرف اليوم بكوزيكود الواقعة في جنوب غرب الهند .
وفي 20 مايو 1498م استطاع فاسكو دا غاما أن يصل بالحملة إلى كلكتا بالهند ، وهناك تمت بعض المفاوضات مع الحاكم المحلي آنذاك ساموثيري راجا وعلى الرغم من شدتها وعنفها بسبب معارضة التجار العرب ، إلا أن دا غاما استطاع في النهاية أن يحصل على وثيقة مريبة تمنحهم حق التجارة في البلاد ، ولكنه اضطر أن يترك بضائعه ورجاله كضمانة وأمرهم أن يبدأو بالتجارة ريثما يعود .
وفي عام 1499م توفي باولو دا غاما شقيق فاسكو دا غاما أثناء عودتهم وهم بجزر الأزور ، وقد كوفئ دا غا ما بمجرد وصوله للبرتغال وعندما وصل دا غاما إلى البرتغال لإنجاحه خطة دامت ثمان سنوات في طور التحضير ، وتم منحه لقب أدميرال المحيط الهندي ، وتخصيص بعض الحقوق الإقطاعية في ساينز ، كما قلد لقب الكونت دا غاما من قبل مانويل الأول والذي حدد له راتبًا ممتدً له ولأبنائه من بعده يقدر بـ 300.000 ريال سنويًا .
وقد كانت لرحلة دا غاما تلك دور كبيرًا في قوة وهيمنة البرتغاليون ، والذين أدركوا أهمية الشاطئ الشرقي من أفريقيا لمصالحهم ، حيث كانت الموانئ في تلك المنطقة توفر لهم الماء والزاد ، بالإضافة إلى وجود المرافئ التي تيسر عمليات إصلاح السفن ، وكان من نتائجها أيضًا اعتماد الاقتصاد البرتغالي على سلعة البهارات اعتمادا كبيرًا .
الرحلة الثانية :
في بداية القرن السادس عشر تم إرسال بيدرو ألفاريس كابرال إلى الهند ، وفي طريقه إلى هناك اكتشف البرازيل ، وقد وجد أن التجار الذين تركهم داغامًا هناك قد قتلوا ، وقوبل هو نفسه بمقاومة عنيفة جعلته يقصف كاليكوت .
وحينما عاد إلى البرتغال جلب معه الحرير والذهب ليثبت وصوله إلى الهند ، وبعد ذلك بعامين عاد غاما للإبحار ثانية متجهًا إلى الهند وكان هذا عام 1502م ، ولكن هذا المرة بأسطول ضخم شمل عشرين سفينة حربية لتدعيم المصالح البرتغالية وإرساء قواعدها هناك .
وفي طريقه وجد سفينة عائدة بالحجاج من مكة المكرمة ، فسلب جميع بضائعها وحشر الركاب البالغ عددهم 380 حاج في السفينة وأضرم بها النار في فاجعة لن ينساها التاريخ ، وقد ظلت السفينة تحترق لتغرق بعد أربعة أيام ومن لم يمت على متنها محترقًا مات غرقًا .
لم تقف أفعال دا غاما السيئة عند ذلك الحد ، فقد قام بالاعتداء وجمع الإتاوة من ميناء كيلوا في شرق إفريقيا ، كما عمل على قرصنة سفن التجارة العربية ، وحطّم أسطول من كاليكوت يضم تسع وعشرون سفينة مما مكنه من احتلال المدينة ، وبعدها طلب دا غاما من حاكم المدينة أن يُقصي كافة المسلمين من البلاد .
وفي محاولة لإرهابهم ، قام دا غاما بشنق 38 صيادًا ، وقطّع رؤوسهم وأيديهم وأرجلهم بكل بشاعة ، وبعد ذلك رمى بالجثث والأشلاء لتطفوا قريبًا من الشاطيء ، الأمر الذي جعل المدينة تعرض على دا غاما العديد من التسهيلات التجارية مقابل السلام والصلح ، ونتيجة لعمليات النهب والسلب التي قام بها حظى بمكانة كبيرة لدى ملك البرتغال ، ومنح عند عودته لقب كونت فاديغويرا .
الرحلة الثالثة :
ذهب دا غاما للمرة الثالثة إلى الهند عام 1524م ، بعد أن ذاع صيته بقدرته على مسك زمام الأمور ، وكان الهدف من بعثته تلك هو استبدال إدواردو دي مينيزس الذي لم يستطيع السيطرة على زمام الأمور بالهند والمحافظة على أملاك البرتغاليين التي اقتنصوها من السكان المحليين .
ولكن العمر لم يمهله الوقت فمات بعد وصوله إلى كاليكوت بفترة قصيرة ، ودفن جثمانه بكنيسة القديس فرانسيس بمدينة كوتشي الهندية وفي عام 1539م تم جمع بقاياه وإرسالها للبرتغال حيث دفن في فاديغويرا بقبر كبير ، وهكذا انتهت قصة المكتشف البرتغالي الذي أزاح الستار عن جمهورية الهند .