هنالك عدد من المدن التي شيدتها الحضارة الرومانية حتى تفوقت على روما نفسها ، من بين تلك البلدان التي لُقبت بروما الصغيرة هي مدينة لبدة الليبية ، والتي تُعد من أفضل وأجمل المدن ذات التصميم الإيطالي خارج إيطاليا ، ومازالت معالمها الجميلة حية إلى اليوم .
تقع مدينة لبدة الكبرى في الشمال الإفريقي وهي من المدن القديمة الواقعة على الساحل المتوسط عند مصب وادي لبدة ، يقع هذا المرفأ على بعد ثلاث كيلو مترات شرق مدينة الخمس وتبعدان عن شرق العاصمة الليبية طرابلس حولي 120 كيلو متر ، وتأسست تلك المدينة التي تحمل في معالمها روما القديمة في القرن السابع قبل الميلاد ، واستقر بها القرطاجيون بعد الفينقيين الأوائل .
تم اعتبارها سوقًا تجاريًا لبيع المنتجات الزراعية لأنها من المدن الساحلية الخصبة ، كما أنها كانت ميناء طبيعي لأنها تطل على سواحل البحر الأبيض المتوسط ، خلال تاريخ المدينة الطويل خضعت لحكم مينيسا حاكم مدينة نوميدا خلال عام 202 قبل الميلاد بعد حرب سميت بالحرب البونية الثانية ، وانشقت المدينة بعد ذلك لكي تصبح حليفة روما في فترة القرن الثاني قبل الميلاد ، مع ذلك احتفظت المدينة بالتقاليد والأعراف البونية حتى اللغة والدستور البوني .
وعمل الحكام الرومان في المدينة قوانين ودساتير تضمن حقوق المواطنة فقد عقد الحاكم الروماني تراجان اجتماعًا لحفظ حقوق المواطنة كاملة ، ووضع الإمبراطور الروماني سيبتيموس سيفيروس القانون الذي يضمن حريتها من الضرائب والأراضي حتى أصبح راعيًا كبيرًا للمدينة ، عمل هذا الإمبراطور على تحسين الميناء ، ولكن مع الوقت تردت الأوضاع وانعدم الأمن حتى بلغت الأوضاع الاقتصادية والأمنية ذروتها حتى الفتح العربي لها عام 632م ، ظلت مركزًا حضاريًا إلى أن سقطت وتردت الأوضاع بها وعلى حلول القرن العشرين واكتشاف المدينة بعدما دُفنت تحت الرمال لسنوات .
تتميز المدينة باحتفاظها للهياكل الثقافية البونية وانتشار المباني على طول الساحل الغربي لناحية الجنوب ، أيضًا احتفظت المدينة بعدد من الحمامات التي ترجع لعهد هادريان ، واكتشفت الكشوف الأثرية عددًا من النصب الأثرية التي تم إنشائها في عهد سيفروس ويوجد بها طريقين أساسيين تتقاطع مع أربعة طرق في تترابليون ثم يتوسطها قوس النصر .
ثم العثور على إثنى عشر قناة مائية بطول 19 كيلو متر بجانب حمامات الصيد الملونة المرسوم عليها رحلات ومغامرات الصيد ، والمباني المتطورة ، ويوجد بها مبنى البازيليكا الذي يقع على الجانب الغربي من الشارع الرئيس تم إنشاءه عام 216 قبل الميلاد بعد موت الإمبراطور سيفروس .
المبنى محاط بالأعمدة المنحوتة التي تصور حياة ديونيزوس وجنود هرقل ، وبجوار المبني يوجد عناصر الفورم المرصوفة بالجرانيت تم إنشائها لتكريم عائلة الإمبراطور سيفروس ، تم اكتشاف والتنقيب على المدينة في القرن المنصرم من قبل عدد من علماء الآثار الإيطاليين ، وهي اليوم مزار سياحي كبير تحوي عددًا من الآثار حُفظت داخل متحف لبدة مع القلعة الحمراء ، وفي عام 1990م تم الكشف عن عدد من المنازل الرومانية مع نظام مياه قوي تحت الأرض .