إبان القرن السادس عشر تم غزو مدينة الإنكا وحضارتها على يد الأسبان ، في ظروف وحشية حيث قتلوا الآلاف من شعب الإنكا ، ونهبوا ثرواتهم وأجبروهم على التخلي عن عقائدهم ومقتنياتهم وثقافتهم ، وسرعان ما سقطت مدن الإنكا الواحدة تلو الأخرى ، ولم يبقى منها إلا واحدة بحث عنها الكثير من الطامعون في الثروات الطائلة والذهب ، دون جدوى .
ولكن بحلول عام 1911م تم العثور على تلك المدينة الضائعة ، على يد أحد الصبية المنتمين لتلك الحضارة العريقة ، والذي كشف عن أسرار المدينة الأسطورية التي اختفت منذ عقود طويلة ، لتصير بعد ذلك واحدة من أبرز عجائب الدنيا السبع .
لا أحد يعلم متى كان أول ظهور لشعب الإنكا تحديدًا ، ولكن بداية التعرف إليهم كانت في القرن الثاني عشر الميلادي ، وقاموا بتأسيس دولة قوية وحضارة لامعة آنذاك ، في مدينة ألبيرو وعاصمتها كوزكو والتي تقع فوق مستوى سطح البحر على ارتفاع حوالي 3980 مترًا فوقه .
كانت إمبراطورية الإنكا واسعة للغاية وتمتد من جنوب كولومبيا بالشمال ، وحتى الأرجنتين بالجنوب ، ولم يتخيل أحد كيف لهذه الإمبراطورية التي تقبع وتظل وتزدهر مع تلك المساحة الواسعة ، التي قد يصعب السيطرة عليها نظرًا لمساحتها وتباعد المسافات بين مقاطعاتها .
حيث لم يعرف شعب الإنكا الخيول أو العجلات الحربية وغيرها من الوسائل التي عرفتها شعوب أخرى ، ولكنهم صنعوا ومهدوا طرقًا رئيسة تربط بين مقاطعاتهم تلك ، ببراعة منقطعة النظير ، وعملت على تسهيل الانتقال ، والسفر ونقل الأطعمة ، والإفادة بأوامر الحكومة وغيرها بشكل أكثر سرعة .
وقد برع شعب الإنكا أيضًا وكانوا أكثر تطورًا من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المجالات ، حيث برعوا في البناء والتصنيع ، وكانت الأراضي ملكًا للدولة ، توزعها على كافة الأفراد بشكل متساوٍ ، بحيث يأخذ كل فرد داخل الدولة نصبيه منها .
ومع قدوم حفنة من الغزاة الأسبان لا يتعد عددهم أكثر من مائة ثمانية وستون شخصًا ، مع عدد من الأحصنة ومدفع واحد ، استطاعوا أن يهزموا شعب الإنكا ويقومون بالاستيلاء على حضارتهم ومدنهم ، وأحكموا سيطرتهم بقيادة فرانشسكو بيزارو على الإمبراطورية ، وذلك عقب إلقائهم القبض على الإمبراطور واعتقاله .
ونجح الأسبان في السيطرة على الإنكا نظرًا لعدة عوامل ساهمت في إيقاعها بسهولة بين أيديهم ، وكالتي كان من بينها حدوث حرب أهلية بين اثنين من الأباطرة من أجل الحكم ، وانتشار وباء الجدري بين السكان ، والذي قد حصد أعدادًا بالآلاف من شعب الإنكا ، وأخيرًا الأسلحة المتقدمة التي أتى بها الإسبان ، وتكتيكاتهم الحديثة في مواجهة بعض الفؤوس والأسلحة البدائية التي واجههم بها شعب الإنكا .
وعقب سقوط الإنكا كان هم الإسبان هو الحصول على الذهب والفضة ، فقاموا بفرض أمورًا كثيرة على الشعب منها أن ترسل كل عائلة ، أحد أفرادها للعمل داخل مناجم المعادن الثمينة ، وعقب وفاته نتيجة انتشار الأمراض وسوء التغذية ومشقة العمل ، كان لابد للأسرة أن ترسل أحدًا غيره ، وحملت السفن الأسبانية أطنانًا من المعادن الثمينة ونقلتها إلى إسبانيا .
وساهم سوء معاملة الأسبان لشعب الإنكا وقتلهم لهم ، على انخفاض عدد الشعب إلى 90% ! مما دفع الباقين على قيد الحياة إلى الهروب في مملكة الإنكا الضائعة ، حيث لم يعثر عليهم الإسبان قط ، مما جعلهم يتصورون بأن المدينة الضائعة ما هي إلا مجرد وهم خلقته مخيلة جامحة بعض الشيء.
عقب مرور أربعة قرون على تلك الأحداث ، قام أحد الصبية بإرشاد عالم آثار أمريكي إلى مدينة الإنكا الضائعة ، وهي مدينة ماشو بيشو ، التي تقع أطلالها على ارتفاع 2430 مترًا فوق قمة أحد الجبال الشاهقة ، حيث غطتها الكثير من الغابات والأحراش والتي جعلتها بعيدة تمامًا عن الأعين لسنوات طويلة .
تلك المدينة التي أبرزت براعة شعب الإنكا في تركيب الصخور ، والبناء وكانوا يحصلون على المياه بها من الينابيع المترامية حولها ، وكانت تسمى مدينة كاهنات إله الشمس ، وذلك بسبب العظام التي تم العثور عليها بين أنقاض تلك المدينة ، والتي اكتشف أنها تعود للنساء فقط بعد خضوعها للفحص .