في عام 1996م ، عثر فريق من الباحثين التابعين لمؤسسة إنترسال إنك الشهيرة Intersal Inc ، بقيادة وإدارة مايك دانيالز على بقايا سفينة قديمة للغاية ، واقعة على عمق أربعة عشر مترًا تحت سطح الماء ، وعلى بعد ميلاً واحدًا من شواطئ كارولاينا الشمالية بالولايات المتحدة.
بلغ طول السفينة التي عُثر عليها أكثر من ثلاثة وثلاثين مترًا ، بينما بلغ طول السارية الخاصة بها حوالي سبعة أمتار ، بالإضافة إلى وجود حوالى واحد وثلاثون مدفعًا جانبيًا على جانبي السفينة ، وكانت المفاجأة أن كلها محشوّة ومستعدة للإطلاق.
وبالمزيد من التنقيب والبحث داخل السفينة ، وجد طاقم الغواصون تمثالاً من الذهب الخالص ، وعددًا من الصناديق الذاخرة بالعملات الفضية والذهبية ، ومجموعة ضخمة من الأطباق والقلادات والأحجار الكريمة ، بالإضافة إلى كم هائل من المخطوطات والخرائط واللوحات ، والقطع الأثرية ، وكأنهم قد وجدوا متحفًا كاملاً على متن السفينة .
ثم اكتشف الباحثون صندوقًا يحتوي على أوراق بها خرائط ، ومدوّن بها أيضًا اسم السفينة وقائدها ، والتي كانت تدعى سفينة الملكة آن أو Queen Anne Revenge ، وكان قائدها واحدًا من أكبر القراصنة الذين سجلهم التاريخ ؛ وهو القائد إدوارد تاتش أو الكابتن بلاكبيرد كما اشتهر .
بالطبع أدى هذا الاكتشاف إلى تكاتف جهود كل من قسم الموارد الثقافية ، الواقع في كارولاينا الشمالية ، مع جهود مؤسسة إنترسال إنك التي اكتشفت الموقع منذ البداية ، بالإضافة إلى معهد البحوث البحرية ؛ وذلك من أجل وضع خطة لاستعادة تلك السفينة البحرية الأسطورية .
وفي عام 1998م تم توقيع اتفاقية تعاون بين الجهات الثلاثة من أجل استعادة السفينة ، وتم إغلاق المنطقة التي عُثر فيها على السفينة باعتبارها ، موقعًا للبحث العلمي رسميًا ، وهنا تم استخدام أكثر من سبعة وعشرين غواصًا مدربًا على مراحل متعددة ، مع أجهزة وكاميرات متعددة الأنشطة من أجل العمل على رحلات الاستكشاف ، في منطقة غرق السفينة يوميًا.
استمر البحث داخل بقايا السفينة منذ عام 1996م وحتى عام 2013م ، ولم يتم استعادة أكثر من ثلث الكنوز المدفونة بها ، وكانت حواليّ مائتان وخمسون ألف قطعة أثرية مختلفة ، في تلك الفترة انضمت إلى مجموعة التعاون ناشيونال جيوجرافيك ، وقامت ببث فيلمًا وثائقيًا عن موقع الاستكشاف ، وتم التعريف فيه بتاريخ قبطان السفينة الكابتن بلاكبيرد ، بالإضافة إلى تاريخ السفينة آن ، وتاريخ كافة القطع الأثرية التي تم استعادتها من السفينة الغارقة.
تاريخ مفقود :
تم بناء سفينة الملكة آن Queen Anne Revenge في عام 1710م ، ثم استولى عليها القبطان بلاكبيرد عام 1717م وحولها إلى سفينته المعروفة ، وتم تزويدها بالمدافع والذخيرة ، إلى جانب طاقم ضخم لقيادتها والعمل عليها ، وجاب بها عبر كل الشواطئ المعروفة بالولايات المتحدة حتى غرب أفريقيا .
انطلق الكابتن بلاكبيرد في رحلات متعددة ، وجمع الكثير من الكنوز خلالها والتي لم يُعرف مصدرها حتى الآن ، ولكن الأمر الغريب في تلك الرحلات أنها كانت كلها خلال عام واحد فقط ، فقد قُتل الكابتن بلاكبيرد في عام 1718م ، ولكن مع وفاته تحوّل إلى أسطورة.
فمن قتل بلاكبيرد ، قام بقطع رأسه وعلّقه على السفينة ، ولكنه بعد ذلك أبلغ أنه قد رأى جسد يركبيرد يطفو على سطح الماء أمامه ثلاث مرات متتالية قبل أن بهيط إلى قاع البحر ، ومع تلك الرواية بدأ من حوله يتحدثون بأن سفينة آن مسكونة بالشياطين ، وأنه إذا ما ظل على متنها أي شخص لفترة أسبوعين متواصلين سوف يبدأ في التعفن وهو حي.
هذا بالإضافة إلى ما ذكره طاقم سفينة بلاكبيرد ، حيث اعترفوا بأنه كان يمنع تواجد أي منهم على سطح السفينة قبل الفجر بساعات قليلة ، وأن سيفه كان يشتعل ذاتيًا قبل بداية أي معركة ، إلى جانب امتلاكه للعديد من الكتب والخرائط لكنوز دفنتها الملائكة على سطح الأرض ، في انتظار للأشخاص المختارين لتخليصها والحصول عليها.
بالإضافة إلى القطع الأثرية الباقية من حضارة القارة الجنوبية ، والموقع الحقيقي لجنة عدن التي خرج منها آدم وحواء ، وعقب وفاة بلاكبيرد تم إعدام طاقم سفينته كاملاً ، ثم اختفت سفينته تمامًا بشكل مفاجئ ، حيث سجلت آخر رحلاتها نحو البحر الكاريبي من أفريقيا ، ولم يتم العثور عليها ثانية إلى أن تم اكتشافها عام 1996م ، أي عقب حوالي 278 عامًا على غرقها.
وكان ظهور السفينة في هذا الوقت والمكان تحيدًا غريب ، وتعد تلك السفينة من أكثر السفن غموضًا على مر التاريخ ، ولكن ليس بسبب السفينة نفسها أو قوتها وإنما بسبب هذا القائد الذي ظهر فجأة ، وأجاد فنون القرصنة والعثور على الكنوز بطرق لم يضاهيه فيها أحدهم .