دائمًا ما يسبق خيال الكاتب خيالات غيره من البشر ، فتتفتح أمام عقله عوالم لا يراه غيره ، فيرسم قصته على هذا الأساس ، أحداث غير متوقعة ، أشخاص غرباء ، فهو دائمًا لا يقنع بما لديه من معلومات ، ويبحث عن المزيد ، فيبحر بعيدًا إلى الأعماق ويخرج باللآلئ والدرر .
ولكن المحزن في الأمر ، أنه رغم ذلك قد لا ينجح في اجتذاب الناس ، ليروا تحفته التي خرج بها ، فقد تكون أعلى من إدراكهم الشخصي ، وقد يتسبب في هذا انغماسهم بالواقع ، ورفضهم لأي خروج عن المألوف ، ففي عام 1898م نشرت رواية العبث للكاتب الأمريكي موريس مورجان .
والتي تخيل فيها الكاتب وجود سفينة عملاقة تسمى تيتان ، تحمل على ظهرها ثلاثة ألاف شخص ، وفي فاجعة مؤلمة تعرضت للغرق ، وقد كانت تزن 70 طن ، ويصل طولها إلى 240 متر ، ولكن للأسف لم تنجح هذه الرواية لأن الناس لم يتخيلوا في ذلك القرن ، وجود سفينة بهذا الحجم .
ولكن بعد 14 عام فقط ظهرت التياتنيك عام 1912م ، وكانت صورة طبق الأصل لما تخيله مورجان سفينة عملاقة تزن ما يقرب لـ 70 طن ، طولها 240 متر ، غرقت في مياه المحيط ، حاملة على ظهرها ثلاثة ألاف راكب .
ولم تكن هذه هي القصة الوحيدة التي لعبت الصدف بها دورًا كبيرًا ، فقصة ريتشارد باركر لا يمكن أن تتخيل مدى مطابقتها لرواية الكاتب إدجار ألان بو ، والتي كتبها عام 1838م عن بحار شاب يدعى أرثر ، وهي تحمل عنوان : حكاية أرثر غوردن بيم من نانتكيت ، والعجيب في الأمر أن هذه الرواية لم تنجح أيضًا .
في مقطع صغير من تلك الرواية ، نجد بطل الرواية مع آخرين في وسط المحيط على ظهر قارب متهالك ، يعافرون من أجل البقاء ، فلا طعام معهم ولا ماء ، ورغم محاولاتهم المستمرة لاصطياد الأسماك ، إلا أن الجوع يطبق عليهم ، حتى يكاد أن يختطف أرواحهم ، ولكن لأن النفس البشرية لا يعنيها إلا الأنا.
فكر البحارة في البقاء على حساب واحد منهم ، فقرروا أن يقترعوا بعيدان القش ، والخاسر منهم يقتل ويؤكل لحمه من قبل رفاقه الذين معه ، وكان الخاسر في هذا الاقتراع المميت شابا يدعى ريتشارد باركر ، والذي مزقت أعضاءه بسكاكين الرفاق ، لينهلوا منها ما شاؤا.
وبرغم خيالية هذه الرواية ، وقسوتها إلا أنها حدثت على أرض الواقع ففي عام 1884م قام أحد الأثرياء الاستراليين بشراء يخت انجليزي ، وأراد نقله إلى استراليا ، واستأجر لذلك أربعة بحارة ، فكان الإبحار به رحلة محفوفة بالمخاطر ، فهو يخت صغير لا يقوى على طول الرحلة ، ومجابهة صعابها .
خرج اليخت دون أن يصل إلى غايته ، فقد غرق في منتصف الطريق بسبب الأمواج العاتية ، واستطاع الأربع بحارة أن ينجوا بحياتهم على متن قارب إنقاذ صغير ، وظلوا وسط المحيط دون طعام ولا ماء ، تمامًا مثلما تخيل ادجار الان بو ، في روايته الدامية.
وبعد عدة أيام خاف البحارة على نفسهم من الهلاك ، وأخذت تتحرك بداخلهم غريزة البقاء ، فقرروا أن يقترعوا فيما بينهم ليختاروا ضحية يأكلونها ، ولكن للحق إنهم لم يجروا القرعة أبدًا ، فالبحارة الثلاثة البالغين قرروا فيما بينهم أن يأكلوا الفتى ذو السبعة عشر عامًا .
فقد كان مريضًا ، لم يتحمل ألام الجوع والعطش ، وصار جسمه ضعيفًا ، وفعلا أمسك اثنان به وهو نائمًا ، فيما تولى الثالث ذبحه ، وتحول جسده إلى وليمة الإنقاذ بالنسبة لباقي الرجال ، وبعد عدة أيام على تلك الحادثة تم إنقاذ البحارة من قبل سفينة ألمانية ، وتم إيصالهم للشاطئ.
وهناك تم التحقيق معهم والحكم بإعدامهم ، لقتلهم ذلك الفتى ، ولكن بعدها تم تخفيف الحكم بحجة أن الفتى كان مريض ، وسيموت على أي حال ، وهكذا تم إطلاق سراح المتهمين بعد قضاء شهور قليلة في السجن .
وقد أحدثت هذه الجريمة جلبة كبيرة ، وضجة بين أوساط الرأي العام ، لانحدار الأخلاقيات ، وهل يمكن تبرير الفعل السيئ بوجود ظروف استثنائية ، ولكن الغريب في هذه القصة ، والذي يجعلك تتعجب من حدوث الصدفة ؛ ليس فقط تطابق القصة ولكن أيضا تطابق الأشخاص ، فالفتي الذي قتله البحارة في القصة الواقعية ، كان أيضًا يدعى ريتشارد باركر!
فنجان برج الحوت اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…
فنجان برج الدلو اليوم الاثنين 28/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الدلو ماذا يقول فنجانك؟هناك مناسبة…
فنجان برج الجدي اليوم الاثنين 28/10/2024 اكتوبر تشرين الاول برج الجدي ماذا يقول فنجانك؟أنت على…
فنجان برج القوس اليوم مع قارئة الفنجان المتميزة لدينا. من خلال قراءة دقيقة للرموز والإشارات…
فنجان برج العقرب اليوم مع قارئة الفنجان المبدعة لدينا. من خلال تحليل الرموز والإشارات في…
فنجان برج الميزان اليوم مع قارئة الفنجان المميزة لدينا. من خلال تحليل دقيق للرموز والإشارات…