قام رجل انجليزي باستئجار ، قارب من أحد الصيادين بالقرب من الشاطئ الهولندى ، تحديدًا بجزيرة والتشرين ، وكان ذلك في أحد أيام شهر يونيو ، وراح يجدف بلا قصد في مواجهة الشاطئ ، وكان يقف بين الحين والآخر ويقوم بغرس قضيب خشبي في غور البحر ، ولكنه لم يحدث أن أدرك ولا مرة قاع البحر ، فقد كان شاطئ البحر في ذلك المكان عميق وداكن .

وهكذا عاد (نورمان فرنسيس) إلى الشاطئ وقد اقتنع أخيرًا بشيء واحد ، هو أن ما حدث معه من أكثر من عشرون عاماً مضت ، كان معجزة حقيقيه ، وأنه هو الذي لا يعرف العوم ، قام بالسير فوق سطح الماء مسافة أربعة أميال !

القصة :
كان نورمان فرنسيس صف ضابط في اليوم التى حدثت به المعجزة ، وكان يبلغ من العمر ثلاثين عامًا ، وكانت قاذفة القنابل الانجليزية التي يعمل علي مدافعها تطير في اتجاه المانيا ، في غارة من الغارات الأخيرة قرب نهاية الحرب ، وعندما انقضت عليها إحدى الطائرات الألمانية المقاتلة ، وفتحت نيرانها ، حتى أسقطت الطائرة الانجليزية في بحر الشمال .

ولكن قبل أن تسقط الطائرة طلب القائد من الطاقم القفز بالمظلات ، فقام نورمان بالقفز ولكن طرف جناح الطائرة أصابه في صدره ، وجرحه أثناء هبوطه منها ، وقبل أن يفقد وعيه استطاع أن يجذب حبل المظلة ليفتحها ، ومن الواضح أن فترة غيبته عن وعيه لم تستغرق سوى بضع ثواني ، لأنه عندما أفاق وجد نفسه على ارتفاع عشرة آلاف قدم يهبط نحو البحر الداكن الواسع .

حاول نورمان أن يغير اتجاه حركته بجذب حبل المظلة ، وعلى أمل أن يهبط على اليابسة لأنه لا يستطيع العوم ، ولكن محاولته بتغير اتجاه المظله فشل ، وبمجرد وصوله إلى سطح البحر ضغط على زر خاص في المظله ليتحرر منها ، ويذكر أنه شعر بالماء البارد والظلمة تحيط به .

المعجزة:
ولكن ما حدث بعد ذلك ظل سرًا يكتمه نورمان لسنوات طويلة في صدره ، فيحكي قائلًا : أعتقد أني كنت على بعد أربعة أميال من الشاطئ ، فتيقنت من موتي ، لكني وجدت نفسي أقف على قدمي على سطح الماء ، بل إذا شئنا الدقة ، فقد كنت أشعر بأنني أقف على ساق واحدة ، ويتذكر أنه دار صوت في عقله يقول له لا تقلق .. ستتم لك النجاة .

وكان يقف على شيء متماسك ولكنه لين ، وقد اكتشف أنه يستطيع السير ، فيقول : كان الماء يصل الى ركبتي فقط ، فأخذت طريقي الى الشاطئ ، خلال رحلتي هذه فقدت إحساسي بالوقت ، إلى أن رأيت بزوغ الفجر ، وأبصرت خط الشاطئ يبعد عني بميلين على الأقل ، واصلت سيري حتى أحسست بالأرض تحت قدمي أكثر صلابة ، ثم اكتشفت أنني وصلت الي رمال الشاطئ .

نجاة :
عندما وصل نورمان إلى الشاطئ ، أبصر على بعد ، طاحونة هواء وبعض البيوت ، فأخذ يحبو على قدميه حتى وصل بعد ساعة من الجهد المستميت إلى أحد البيوت ، وطرق بابها ، ففتح له رجل هولندي عجوز الباب وأدخله الى بيته ، وقام أهل البيت بإعطائه الطعام والشراب والرعاية الصحية المطلوبة حتى استعاد عافيته .

ومن ثم قام الهولنديين بتسليمه الى الألمان ، فقد كانوا لا يستطيعون مواجهة بطش الألمان بتهمة اخفاء طيار انجليزى عندهم ، وقضى نورمان الأيام المتبقية حتى نهاية الحرب في إحدى السجون الألمانية ، ولكن بقيت ذكرى ذلك اليوم محفورة في ذاكرته .

بعد مرور السنين :
وبعد مرور عشرين عاماً من تلك الواقعه ، انتهز نورمان عطلته الصيفيه من عمله كرئيس للعمال في أحد المصانع ، وسافر على نفقته الى هولندا ، ليتحقق من صحة المعجزة التي حدثت له ، فقد كان طوال تلك السنوات يفكر كثيرًا في نجاته الأسطورية ، لقد كان جريحًا ولا يعرف العوم ، وعندما سقط بمظلته فوق بحر الشمال ، ليجد شيء يابسًا تحت قدميه يسير عليه حتى الشاطئ ، فقد كان يظن في بداية الأمر أن حسن حظه ، أوقعه على حاجز رملي مرتفع على سطح البحر .

ولكن دراسته للخرائط البحريه لتلك المنطقة بعد ذلك ، وتجربته العملية التي أجراها بالقارب ، جعلتاه يتأكد من أن البحر الذي اجتازه عميق فعلًا ، وبلا حواجز رملية تحت سطح الماء .

By Lars