قد سمعنا عن أشخاص أنجبوا أكثر من عشرون طفلاً ، وقد نندهش عندما نسمع بأن هناك من أنجب أكثر من خمسون طفلاً ، فهذا رد فعل طبيعي جدًا في مثل هذه الحالات ، ولعل أشهر الأشخاص بشأن هذا الأمر ، هو الهندي زيونا شانا الذي أنجب ، أكثر من أربعة وتسعون طفلاً .
ولكن هل تتوقع أن ينجب أحدهم أكثر من ألف طفل !! بالطبع الرقم مخيف وغريب ، ولكن هذا قد حدث ، مع أحد الملوك والسلاطين الذين حكموا ، دولة المغرب قديمًا ، ويُدعى بالسلطان اسماعيل بن مولاي عليّ الشريف العلوي ، فلنعرف قصته.
البداية ..
حكم السلطان مولاي المغرب بيد من حديد ، في الفترة منذ عام 1726م ، وبدأت فترة حكمه بقطع رؤوس أربعمائة شخصًا ، من المعارضين لحكمه ، وأنهى فترته بمقتل ثلاثون ألف شخصًا ، عُرف عنه أنه كان سياسيًا محنّكًا ، وديكتاتورًا كالوحش المفترس متعطش دائمًا ، إلى الدماء ، وكم قتل من معارضيه بالآلاف ، وعُرف بأنه هو من حصّن المغرب العربي ، من هجمات الأتراك العثمانيين ، فكانت دولة المغرب هي الدولة العربية الوحيدة ، التي لم يمتد إليها الزحف العثماني .
وامتدت ولاية السلطان مولاي من الجزائر ، حتى موريتانيا، كما عُرف عنه علاقاته الجنسية المتعددة ، إما عن طريق الزواج الشرمي ، أو الجواري ، وفي رواية الرهبان الفرنسسين الأربعة ، ممن زاروا دولة مكناس عام 1704م في محاولة منهم لفك الحصار عن الأسرى النصارى ، روي عن السلطان مولاي ، أنه قبل مجئيه إلى مكناس ، كان قد وُلد له أربعون طفلاً!
السلطان الأب ..
يُروى عن هذا السلطان المغربي ، بأنه قد تزوج من أربعة نساء ، وخمسمائة جارية ، وأنجب منهن جميعًا عددًا ضخمًا من الأبناء ، الذين كان يدوّن أسماءهم في دفتر خاص به ، فقد تزوج من المغربية والانجليزية ، والإسبانية .
وكان لكل ابنًا منهم مكانة خاصة لدى والده ، وذلك وفقًا لمكانة أمه لدى السلطان ، ولم يكتف السلطان عند هذا الحد ، إذ أفرد لكل ولد من أبنائه الخدم ، والخيول ، والأراضي الزراعية ، ووهب لهم العطايا ، وعندما انتقلت العاصمة من مدينة مراكش إلى مكناس ، بنى السلطان مولاي قصرًا ، علّه يضم به نسائه وجواريه ، وأبنائه جميعًا ، مستغلاً في ذلك الأمر ، ما كان يملكه من عبيد أفارقه وأوربيون.
ومن الأحداث الطريفة ، التي دُونت بشأن هذا الحاكم وكما وثّقتها المصادر الفرنسية ، أن السلطان مولاي كان قد تقدم لخطبة ، ابنة ملك فرنسا لويس الرابع عشر ، ولكن هذا الأخير رفض نظرًا لاعتبارات دينية وعقائدية ، ولكن الحقيقة أتنه قد رفض لما سمعه عن عائلة هذا السلطان وعدد أبناؤه ، فخشي على ابنته أن تنضم لتلك العائلة. وجدير بالذكر ، أن السلطان مولاي ، لم يكن قد رأى الفتاة من قبل ، وإنما سمع بها من خلال سفيره لدى لويس الرابع عشر.
لم ينعم أبناء السلطان مولاي بحنان الأب ، كما تمتع به غيرهم ، فقد كان السلطان ديكتاتورًا ترتعد الفرائص عند سماع اسمه ، فعلى سبيل المثال ؛ لم يغفر السلطان مولاي تمرّد ابنه محمد ، وأمسك بيده وظل يعذبه ، متجاهلاً توسلاته ، إلى أن أسلم روحه إلى بارئها!
هذا بالإضافة إلى ما رواه ، الأسرى المغاربة والأوربيون عن ابتداع السلطان لطرق تعذيب جديدة ، وبشعة ، وتحدثوا عن مزاجيته والقسوة التي كان يذيقها للمسجونين كافة ، ولكل من سولت له نفسه المساس بهية السلطان مولاي ، أو التمرد عليه.
ماذا بعد الألف طفل؟
لم تكن كثرة إنجاب الأبناء ، أمرًا جيدًا كما اعتقد السلطان ، ولكنها كانت نقمة على المغرب ككل في جميع الأحوال ، فقد تدخل الجيش عقب وفاة السلطان ، واستبد بالحكم ، وظل يعزل في أبناء السلطان من الورثة للحكم ، إلى أن قامت الحروب والثورات المسلحة ، في كافة أرجاء البلاد ، والتي راح ضحيتها العديد من الأبرياء.