في المجتمعات التي لا تهتم بالعلم كثيرًا ، تنضح الخرافات وتبرز كأول تفسير لأية ظاهرة ، وفي العديد من القرون المنصرمة ، والتي لم يكن العلم محورًا مهمًا بها ، انتشرت العديد من الخرافات حول أمور عدة ، أحدها ما يٌطلق عليه الجاثوم ، ماذا يعني ؟ ، وبماذا فسره السابقون في القرون الماضية ؟ .
الخرافة :
في الأزمنة الغابرة ، انتشر بين السكان المحليون في العديد من البقاع ، أسطورة الجاثوم ، ومع تراجع العلم آنذاك ، لجأ الناس إلى تفسير تلك الظاهرة بعيدًا عن العقل ، بشكلٍ يتسق مع معتقداتهم في ذلك الوقت ، ففسره البعض بأنه رمز للشيطان ، أو أنه أحد الأشباح الهاربة من الجحيم .
وتحديدًا في القرن الثامن عشر ، عرف المجتمع الكنسي في العديد من الدول الغربية ، أنه الجاثوم ، هو أحد الملائكة ، وتم طرده من الجنة ؛ نظرًا لشهوته المبالغة ، لذلك اعتقد الناس أن الجاثوم ما هو إلا شيطان مغتصب ، يتجسد للنساء على هيئة رجل ، ويتجسد للرجال على هيئة امرأة .
وتحكي الخرافة ، بأن الشخص الذي يرى الجاثوم أثناء نومه ، يشعر أن الشيطان قد وضع يده فوق فمه لمنعه من الصراخ أو الاستغاثة ، وأنه يشل حركتي الأرجل والأيدي ، لمنع الشخص من الحركة ، وكان المعتقد السائد ، أن الجاثون عندما يأتي لشخصٍ ما ، فإن أهل المنزل جميعًا يغرقون في نوم عميق ، في لحظة ظهور الجاثوم.
ويُطلق على الجاثوم باللاتينية كلمة Incubus ، وتعني الثقل وهي ترمز إلى ثقل الجاثوم على الشخص أثناء نومه ، ومن ثَم منعه من التحرك ، وروى السابقون ، أن الجاثوم يأتي في الوقت بين استيقاظ الشخص ونومه ، ويجثم فوق صدره ، ويشعر الشخص معه بالتخدير التام لكافة أعضائه ، وينفصل تمامًا عن العالم الخارجي ، ويصبح مثل من أصابه الشلل تمامًا ، وترتفع نبضات الشخص ، ودقات قلبه ، ويندمج كل ذلك مع رؤية الشخص لكيان أسود مثل الدخان ، وقد يكون الشخص مفتوح العنين عن آخرهما ولا يرى سواه ، وأحيانًا ما يندمج ذلك مع رؤية الشخص لعددٍ من الكوابيس المزعجة ، حيث تتجسد بها كل مخاوفه.
ويقال أن التخلص من الجاثوم ، لا يحدث سوى بتحريك الشخص لأطرافه ، أو انطلاق صوته ، فالجاثوم لا يستطيع أن يتملكك إن استطعت أنت نفض التخدير عن رأسك ، وقد يفلح الشخص في ذلك ، وقد لا يستطيع .
للعلم رأي آخر ..
في المجتمعات الحديثة وعقب انتشار العلم والمعرفة ، والتوسع فيهما ، تم إخضاع ظاهرة الجاثوم للتحليل والتفسير المنطقي ، فالعقل الآن لا يصدق سوى الحقائق والدلائل الواضحة.
لذلك تم تفسير ظاهرة الجاثوم ، بأنها الشلل أثناء النوم ؛ ويعني اضطراب يحدث أثناء النوم ، قرب المرحلة الأخيرة قبل أن يستيقظ الشخص من نومه ، تلك المرحلة يتعرض فيها الجسم لحالة من ارتخاء العضلات ، عدا عضلتيّ العين الخارجية والحجاب الحاجز .
وقد يحدث أن يتخطى الشخص النائم تلك المرحلة ، متجهًا لمرحلة الاستيقاظ ، ولكن تبقى العضلتين المذكورتين في حالة ارتخاء ، فيشعر الشخص آنذاك بأنه لم يستيقظ وأنه أيضًا في وعيه لما حوله ، ونتيجة لذلك ، قد يرى الشخص بعض الأطياف المزعجة ، يؤدي إلى شعوره بالتوتر والخوف ، وشلل تام لحركة أطرافه.
وما أن يستيقظ الشخص ، ويستطيع تحريك أطرافه ، يبدأ في الدخول إلى نوبة من التعب والبكاء أحيانًا ، نظرًا لشعوره بأنه كان في حالة احتضار ، ولكن تأتي تلك الحالة في الأساس ؛ نظرًا لتعرض الشخص لعددٍ من الضغوط النفسية ، واضطرابات النوم ، والقلق ، وخير علاج لها ، هو الاسترخاء ، والهدوء وعدم استخدام العقاقير التي تسبب حدوث الهلوسة.