ولد دانييل هوم في اسكتلندا ، وشب في أميريكا ، كان يمتلك قدرات خاصة منذ صغره تبهر والديه ، فقد كان له القدرة على تحريك الأشياء من أماكنها من فوق المائدة دون أن يلمسها ، وكان يستطيع إحداث طرقات على جوانب الحجرة المختفلة دون أن يلمسها ، وغيرها من الأشياء التي لا يستطيع غيره فعلها .
ومن هنا أطلق عليه منذ صغره لقب الصبي الساحر ، ولكن كان الناس يعتبرونه مثل الحاوي ، عندما بلغ الخامسة والعشرين من عمره ، سافر إلى أوروبا ، على أمل أن يجد فيها من يقدر موهبته الخاصة ، وبالفعل بعد وقت قصير من الزمن ، اشتهر اسم دانييل في أنحاء أوروبا ، وتدافع المشاهير لحضور جلساته .
وكان من يحضر العروض التي يقدمها باستمرار ، يرجع منبهر فدائمًا كان دانييل الشاب الطويل القامه ، ذو العينين الزرقاوتين ، يقدم ما يبعث الدهشة البالغة في نفوس الحاضرين عروضه .
وكان دائمًا يقدم عروضه في حجرات شديدة الإضاءة ، لأنه كان يحتقر من يصرون على تقديم عروضهم في اضاءة خافته ، وقد شهد الشاعر روبرت براوننج إحدى عروضه ، وقال : شاهدت المنضدة ترتفع عن الأرض مسافة ثلاثة أقدام ، وتحركت لعدة ياردات عبر الحجرة ، شاع بين الكثيرين أن ما يقوم به دانييل ، هو نتيجة استعانته بالشياطين ، وليس لقدرات خاصة يتمتع بها .
ورسخت تلك الفكرة في رأس الجميع وبشكل رسمي ، حينما صدر أمر من الكنيسة الكاثوليكيه بروما بطرده منها بسبب ارتباطه الذي لاشك فيه بالأشباح ، وكانت كل الجلبة التي حدثت حول دانييل تزيد من شهرته أكثر ، ويقوم بعروض أكثر ابهارًا .
فقد قدم عرض وهو يعزف على الجيتار دون أن يلمسه فى أكبر بيوت لندن ، ويوقع على الأوتوجرافات وهو على بعد أكثر من ثلاث ياردات من الورق والقلم ، حين ذلك انتقل الاهتمام به من قبل الباحثين والعلماء .
اختبار موهبته بشكل علمي :
فقد ذاع صيته أكثر وأكثر في دول الاتحاد الأوربي ، فقدم عرض أمام ملكة هولندا وقيصر روسيا ، وقد حدثت محاولة فاشلة لاغتياله من قبل مواطن بلجيكي ، وعند عودة دانييل إلى بريطانيا ، وجد جناحًا محجوز باسمه بإحدى الفنادق الكبري .
ووجد أمامه سلسلة من الاختبارات المنهكة ، وقد جرى الاعداد لها و الاشراف عليها من قبل السير وليم كروكس العالم الكيميائي المشهور ، وكان من بين المراقبين ايرل أوف دانرفين ، ولورد بروام وقد اشترط العلماء الثلاثة أن تكون الاختبارات في وضح النهار ، وبالفعل وافق دانييل على الفور .
في اليوم الأول:
شاهد العلماء ما قام به من عرض مدهش ، فقد أمسك النار بيديه العاريتين ، وأمر ثلاث قطع من الأثاث أن ترتفع عن الأرض واحدة تلو الأخرى ، وأثناء ذلك قام العلماء بفحص المكان على أمل أن يجدو أية خدعه فلم يعثروا على شيء .
في اليوم الثانى:
كتب كروكس في مجلة العلوم قائلًا : شاهدته وهو يرتفع تمامًا عن الأرض ، وهو في شبه حالة غيبوبة ، فمددت يدي تحت قدميه ، ولا مست باطن حذائه فلم أجد أي جهاز أو أي عائق من أي نوع .
التجربة الكبري :
قام دانييل في هذا التوقيت بتجربته الكبري التي أقنعت الثلاث علماء ، بقدراته الخاصة وموهبته ، فبينما كان دانييل في غيبوبته العميقة ، ارتفع في الهواء لمسافة خمسة أقدام ، ثم استدار بجسده في وضع أفقي متجها برأسه إلى احدى النوافذ المفتوحة في الغرفة ، وكان من الواضح أن دانييل ينوي الخروج من نافذة المبنى .
فأسرع اللورد دانرفن لمنع ما قد تصور كارثة حقيقية ، ولكنه تأخر بالفعل ، لأن دانييل خرج من النافذة على ارتفاع أكثر من سبعين قدمًا عن الأرض ، وجسده معلق في الفضاء ، كان الجميع يراقبون بدهشة وذهول ما يرونه.
كانت اثارة العلماء قد بلغت مداها ، عندما عبر دانييل النافذة من الخارج متجها للطابق العلوى ، ومن فرط ذهول العلماء ظلوا صامتين تمامًا ، لعدة ثوان حتى قام دانييل بفتح باب الغرفة وتقدم نحوهم على قدميه بعد أن دخل المبنى من نافذة الطابق العلوى واستخدم الدرج نزولًا اليهم ، ولم يعد بعد ذلك مجالًا لتجارب أخرى.
فقد صرح اللورد دانرفن بعد انصرافه وقال : اذا قام شخص بإخباري بما جرى لا تهمته بالجنون والسكر البين ، لكني الآن أصبحت مقتنعًا بأن شيئًا كهذا يمكن أن يتحقق .
وفاته:
مات دانييل هوم عندما بلغ 53 من عمره ، وقد قضي حياته كلها يقدم عروضًا ، في الجلسات التي كان يعقدها في كل مكان دون أن يتقاضى بنسا واحدًا ، لقاء أي عرض من العروض التي كشفت عن موهبة حقيقة.