بالعودة إلى التاريخ الاسكتلندي القديم ، نجد أن السكان المحليّون بالمناطق القديمة باسكتلندا ، كانوا يقدمون نوع من أنواع الأعشاب التي تنمو في تلك المناطق ، لمن يمر عليهم مسافرًا ذهابًا وإيابًا ، وكان الغرض من تقديمهم لتلك الأعشاب في صورة مشروبات دافئة ، هو حماية المسافرين من الشياطين والتلبس على الطريق ، وكانت تٌدعى تلك العشبة ؛ خمر الشيطان .

وبالانتقال إلى الحضارة الإغريقية القديمة ، قبل أربعمائة عام قبل الميلاد ، نجد نفس العشبة خمر الشيطان ، كانت تٌستخدم لأغراض علاج الاضطرابات الروحية ، والنفسية ، وكانت موجودة باسم آخر ، حيث كانت تٌدعى بهيبريكون ، أو ما هو أعلى من الأشباح .

ومع جولة في المسيحية ، كانت تستخدم هذه العشبة أو النبتة ، بواسطة تلامذة القديس يوحنا المعمدان ، وقد سٌميت النبتة بعشبة يوحنا ؛ نظرًا لأنها كانت قد أزهرت في الفترة التي توفى بها القديس يوحنا ، في الرابع والعشرون من يونيو .

وكانت وقتئذٍ تٌدعى بعشبة القديسين ، واستخدمت هذه النبتة آنذاك ، لأغراض الصفاء الذهني ، وعلاج الاضطرابات النفسية المختلفة ، وإبان وقت محاكم التفتيش ، وكان السكان المحليّون يجمعون تلك العشبة ، ويقومون بحشو فم الساحرات بها من أجل تطهيرهن بها ، من الشيطاني ، والأرواح الشريرة العابثة .

وذلك بعد أن ظهرت تلك النبتة في مدينة القسطنطينية ، وكانت تٌسمى بطارد الشياطين أو مطهّر الأرواح ، وتتميز تلك النبتة لونها الأصفر الأخّاذ ، والبقع الحمراء على أوراقها  ، والتي تحتوي على المركب الفعّال بالزهرة نفسها ، والذي يٌسمى هايبرسين.

تاريخ العشبي الطبي :
وجدير بالذكر ، أنه في عام 1525م ، أفصح طبيب سويدي ، عن اكتشافه لمواد فعّالة في هذه الزهرة النادرة ، والتي لها دور قوي في علاج الأمراض النفسية ، وحالات الاكتئاب ، والقلق ، والتوتر العصبي ، وتنمو تلك الزهرة في أماكن مختلفة بالعالم مثل ؛ أفريقيا ، وأميركا الجنوبية ، وأوروبا وغيرها .

ويمكن لتلك الزهرة النادرة أن تنمو لمدة عامين ، حيث تستخدم الأجزاء الهوائية منها في العلاج ، ويتم حصدها أو تجميعها قبل أو أثناء عملية الإزهار  ، ثم يتم تجفيفها من أجل الاستخدام ؛ وذلك منعًا لتلف المادة الفعالة بها .

ونجد أن تلك الزهرة النادرة والفعّالة ، قد انتقلت عبر الحضارات القديمة ، ومن مكان لآخر تحت أسماء مختلفة ومتعددة ، ولأغراض متقاربة إلى حد ما ، فبين التطهير الروحي ، والعلاج النفسي ، استقر لدى العديد من الحضارات بمختلف ثقافاتها ، فعالية تلك العشبة ، الشهيرة بعشبة القديس يوحنا .

الاستخدام الحالي للعشبه :
وفي الوقت الحاضر نجد أن تلك العشبة منتشرة في جميع أنحاء العالم ، وتُعد من أشهر المستحضرات العشبية مبيعًا ، وذلك إما على هيئة حبوب ، أو مسحوق شاي ، وقد أثبتت أغلب الدراسات السريرية الحديثة فعالية تلك العشبة في علاج مرض الاكتئاب .

ذٌكر هذا النبات تاريخيًا ؛ نظرًا لقدرته على طرد الأرواح ، وتهدئة النفس ، واعتقد السابقون بالحضارات القديمة أن هذا الأمر يساعد في طرد الشياطين والوسواس ، ولكن يعود الأمر للمركبات الفعالة التي تحتويها تلك النبتة ؛ مثل مركب الهايبرفورين ؛ وهو فعليًا المركب المسئول في علاج مرض الاكتئاب ، لقدرته على اختراق الجهاز العصبي للشخص المريض.

وجدير بالذكر أن تلك العشبة ذات القصة المميزة ، تستخدم في علاج حالات ؛ الاكتئاب من الخفيف إلى المعتدل ، ولكنها تتداخل مع الأدوية الخاصة بالاكتئاب ، لذا لابد من الحذر أثناء تناولها ، وكذلك علاج الرهاب الاجتماعي ، والوسواس القهري والتوتر والقلق.

By Lars