مع اختراع الطباعة تغير العالم حرفيًا ، كانت بداية لعهد جديد من عهود التكنولوجيا الحديثة ، المخترع هو الألماني يوهانز جوتنبرج (Johannes Gutenberg) ، ولد فى مدينة ماينتس الألمانية ، عام (1398م – 1468م) ، ورغم اختراع يوهانز جوتنبرج وسيلة جديدة للطباعة ، فهو لم ينجح بتحقيق شهرة لنفسه بسبب ذلك الاختراع ، رغم أنه يعد مخترع الطباعة الحديثة .

بداية القصه :
فى أوائل القرن الخامس عشر ، كان يوهانز جوتنبرج يعمل فى دار سك النقود بصنع القوالب التى تختم بها النقود ، فى مدينة ماينز فى ألمانيا ، ولقد كان جوتنبرج عاملًا مجتهدًا ، ومعروف عنه كثرة اقتراضه للنقود ، فقد كان يعمل على مشروع له ، يستهدف به الثراء بسرعة .

وفى عام 1430م ، سافر جونتنبرج إلى مدينة ستراسبورج ليعمل هناك عند جوهرى لثقل الأحجار ، فلما لم ينجح المشروع بدأ جوتنبرج بالبحث عن عمل آخر ، وفى عام 1448م عاد مرة أخرى جوتنبرج إلى مدينة ماينز ، ليعمل بفكرة جديدة ، فقد فكر بطبع الكتب ، حيث كانت جميع الكتب فى ذلك الوقت مكتوبة بخط اليد ، وهذا يجعلها باهظة التكاليف ، غالية الثمن .

فقد كانت بعض الكتب تطبع على ألواح خشبية تحفر فيها الرسوم والحروف ، وتختم بها الصفحات ، وقد عرف الصينيون تلك الطريقة وقاموا باستخدامها منذ قرون بعيده ، رغم أنها كانت طريقة بطيئه ومجهدة أيضا ، لأن كل حرف كان يحفر بالخشب كان يحفر باليد ، ثم تعد الكتل الخشبية بعدد صفحات الكتاب ، وهذا يتطلب وقت كثير ومال كثير .

وتذكر جوتنبرج أن فى الفترة التى عمل بها جوهريا ، كان يحفر أول اسم من أسماء عملاءه على حجارة الحلى ، وكانت تستخدم هذه الحجارة لختم أسماء أصحابها ، عن طريق شمع لين رقيق يسكب سائلا فوق الوثائق ، ويترك حتى يجف أو يغمس الختم فى الحبر ثم يختم به الورق .

الاختراع :
وخطر لجوتنبرج فكرة ، أنه اذا صنع عددًا من الحروف منفصلة ، عن بعضها البعض لاستطاع أن يجمع منها كلمات ثم يقوم بجمعها ، وبعد الانتهاء منها يجمعها مرة أخرى لتكوين كلمات جديدة وجمل جديدة وهكذا .

واستخدم جوتنبرج فى بداية الأمر حروفًا من المعدن ، ووجد أنه من الضروري أن يصقل الحروف بعد صنعها لكي تتساوى بروزها بدرجة واحدة ، ولكنه اضطر إلى ضغطها بقوة عندما غمسها بالمداد لكي يطبعها ، فانبعجت منه الأحرف وتغيرت عن صورتها الصحيحة الأولى .

وبالرغم من نجاح الفكره حقًا حيث استطاع طباعة صفحات بحروف جمعها فى كلمات أكثر من مرة ، إلا انه لم يستطع استخدام جميع الحروف إلا لطبع بعض صفحات ، وكرر جوتنبرج محاولاته فقام باستخدام قوالب الرصاص بدلًا من قوالب الرمل ، وكانت النتيجة جيده حيث لا يتطلب الرصاص الضغط باليد ، كما فى الصقل على الرمل ، ولكن ورغم سرعة صب الحروف ، بقيت مشكلة أن الحروف تتلف بالضغط مستمرة .

وهنا قام جوتنبرج بمحاولة أخرى وهي أن يستخدم مركبات القصدير والرصاص لصناعة الحروف ، ولقد استطاع بالفعل طباعة أشياء قليلة ، حتى نضبت أمواله تمامًا ، كان ذلك فى حوالى عام 1450م .

حينها وجد جوتنبرج مصرفي ثري يدعى (جوهان فوست ) استطاع أن يقترض منه مبلغًا يكفيه للعيش لسنوات طويلة ، وقد اقترن حصول جوتنبرج على الأموال بانتهائه من طبع كتابه الأول ، كان مكتوب باللغة اللاتينيه عن كيفية إعداد الخطب ، وكان على الذين يبيعون الكتب ، أن يقوموا بجمع الصفحات يدويًا فى كتاب واحد .

وقد سر جوتنبرج بنجاحه وأعطاه هذا النجاح شجاعة وجرأة ، حتى أنه قام بطباعة الكتاب المقدس ، وكان هذا عملًا جريء حيث أن الكتاب المقدس كتاب متعدد الصفحات ، ولم يكن جوتنبرج وقتها ، قد انتهى بعد من كل التفاصيل اللازمة لصنع الحروف التي سوف يستخدمها .

وبعد خمس سنوات من اقتراض جوتنبرج للمال ، طالبه المصرفي فوست بسداد المال المقترض ، ولم يكن هذا السداد مستطاع ، فكيف لجوتنبرج أن يمتلك الأموال من طباعة الكتب ، وعدد قليل من الناس هم الذين يستطيعون القراءة .

وتم رفع الأمر أمام القضاء حينذاك ، واضطر جوتنبرج كوسيلة لأداء الدين أن يعطى للمصرفي آلة الطباعة والأحرف وكل أدواته وأوراقه ، وكان المصرفي فوست مهتمًا بالحصول على مال أكثر من حصوله على أدوات للطباعة .

فقام بإعطاء ما تسلم من جوتنبرج إلى صانع قوالب آخر يدعى (بيتر شو بيفر) ، وكان رجلًا ماهر فى صناعته ، حيث استطاع تحسين فى طريقة صنع الحروف لدرجة أن البعض يري أنه لا يقل أهمية فى تحديث الطباعه عن جوتنبرج .

وفى عام 1465م ، تم منح جوتنبرج وظيفة فى البلاط الملكي من كبير أساقفة مينز ، مع كسوة جديدة من الثياب كل عام ، وكان هذا ليس له علاقة بالطباعة ، ولم يعمر جوتنبرج طويلًا ، حتى أنه لم يفكر فيه أى فرد كمخترع كبير ، لدرجة أننا لا نعرف ما هي سمات وجهه وهل تزوج أم لا ، ولكننا ندرك تمامًا أنه من الصعب تصور هذا العالم دون العمل الذي قام به المخترع يوهانز جوتنبرج .

By Lars