قصة القاتل تشارليز شميد “زمار توكسون”

كان تشارليز شميد شاب نحيف وقصير وغالبًا ما كان يضع ماكياجًا مبهرجًا ويحشو حذاءه ليجعل نفسه أطول مما هو عليه حتى يجذب الفتيات، ولكن هذا المظهر الرقيق لشميد لم يكن سبب في حصوله على لقب “زمار توكسون”، ولا حتى أحد إنجازاته فهو لم ينجز أي فعل مفيد خلال حياته تقريبًا،والسبب الوحيد لشهرته هو قيامه بارتكاب جرائم قتل في حق ثلاثة فتيات صغيرات بطريقة وحشية بعد إغرائهن.

ولد تشارلز هوارد شميد في 8 يوليو 1942 لأم غير متزوجة، وسرعان ما تم تسليمه للتبني، حيث قام آل شميد تشارلز وكاثرين ، اللذان امتلكا وأدارا دار رعاية في منطقة توكسون بأريزونا بتبنيه بعد يوم واحد فقط من ولادته.

وكانت طفولة تشارلز بعيدة كل البعد عن الطفولة المثالية، حيث كان شميد على خلاف دائم مع والده حتى انفصل والديه بالتبني في النهاية عندما كان عمره 4 سنوات، ولاحقًا حاول مقابلة والدته الحقيقة لكنها طاردته وطلبت منه ألا يعود أبدًا.

على الرغم من أن مسيرته الأكاديمية لم تكن ناجحة إلا أن تشارلز شميد برع في الرياضة، وفي عام 1960 ، قاد مدرسته الثانوية للفوز ببطولة الدولة للجمباز، حيث تنافس في مسابقة الحلقات الطائرة وطوق الجمباز وفاز بالمركز الأول في المسابقتين، وفاز بالمركز الخامس في لعبة الشريط الأفقي.

في وقت لاحق قال شميد أنه انجذب للعبة الجمباز لأن تلك اللعبة أخافته ففي حالة انزلاقه أو وقوعه ستكون تلك هي المرة الأخيرة في مستقبله، ومع ذلك فقد ترك فرق الجمباز بعد سنة واحدة، وبعد فترة قصيرة تم اتهامه بسرقة بعض الأدوات من متجر مدرسته، عندها غادر الدراسة ولم يعد إليها أبدًا.

ومع عدم وجود عمل أو شهادة ثانوية أو مستقبل ناجح في الأفق غادر تشارلز شقته والدته بالتبني لشقة أخرى كانت تمتلكها، وكانت أيضًا تمنحه مبلغ 300 دولار شهريًا، وق انتقل صديق له يدعى بول جراف ليعيش معه، وصادق كل منهما اثنين أخرين وهما جون سوندرز وريتشي برونز.

وكان الأربعة يقضون كل أمسياتهم في سبيد واي بوليفارد في محاولة لالتقاط الفتيات وشرب الخمر، لكن شميد كان بعيدًا عن الوسامة الكلاسيكية في عصره، فقد كان قصير القامة، وكان كثيرًا ما يحشو حذائه بالخرق والعلب المعدنية ليبدو أطول مما هو عليه.
كما قام برسم شامة على وجهه وصبغ شعره باللون الأسود، في محاولة ليكون أكثر جاذبية وليشبه معشوق الفتيات في ذلك الوقت إلفيس بريسلي بشكل أكبر.

لكن بعد أن اعتقد شميد أنه أصبح أخيرًا جاذب للنساء فكر أن يجرب شيء أخر وهو معرفة شعور قتل شخص ما.

وفي 31 مايو 1964م نفذ رغبته حيث أقنع صديقته ماري فرينش وصديقه جون سوندرز بقتل فتاة تسمى ألين روز وكان تبلغ من العمر 15 عام فقط.

حاولت فرينش أن تقنع الفتاة بالحضور معها في موعد مزدوج مع شميد وصديقه سوندرز، وقام الثلاثة باستدراج الفتاة نحو الصحراء وقام شميد وزميله باغتصابها ثم قتلاها بحجر، وقاما بدفنها في الصحراء وخلال هذا الوقت كانت فرينش تنتظرهما في السيارة وتستمع للراديو.

بعد عام واحد فقط من اختفاء رو، اختفت جريتشن فريتز صديقة شميد البالغة من العمر 17 عامًا وشقيقتها الصغرى ويندي أيضًا، وكما هو الحال مع الضحية الأولى لم يستطع شميد مقاومة إشراك الآخرين والتباهي بجريمته، لذلك أخبر ريتشي برونز عن الجثث وأظهر له مكانهم.

لكن برونز والذي كان قد علم بالجريمة الأولى لشميد أيضًا لكنه لم يخبر أحد، شعر بالخوف تلك المرة من أن يقتل تشارلز شميد صديقته فهرب إلى منزل والديه بأوهايو، حيث أخبرهم بكل ما يعرفه عن جرائم القتل.

وفي وقت لاحق ، كان برونز شاهدًا رئيسيًا في الادعاء عندما تم القبض على شميد في النهاية وحوكم بتهمة قتل الفتيات الثلاث، كما أنه كتب كتاب عن جرائم القتل التي ارتكبها شميد وقال فيه ” كنت شاهدًا أنه فقد عقله، مثل الوقت الذي أمسك فيه قطته وربط في ذيلها حبلًا ثقيلًا، ثم بدأ يضربها في الحائط حتى لطخ الدم الحائط.

تم احتجاز شميد وتصدر عناوين الصحف، وتصدرت أيضًا بلدته توكسون والتي كانت في الواقع تتمتع بسمعة غير مبهجة، ولقبته وسائل الإعلام بلقب “زمار توكسون” اقتباسًا من القصة الشهيرة “زمار هاميلون” الذي كان يستدرج الأطفال ليقتلهم، وذكرت الصحف أنه كان يحصل على المال من تهريب السيارات للمكسيك، وأيضًا من النساء اللاتي كان يتعرف عليهن. [1]

وفي النهاية تمت محاكمته بتهمة قتل ثلاثة فتيات، وكان ريتشارد برونز قد أبلغ الشرطة عن موقع دفن جثتي الأختي جريتشن وويندي، وأيضًا أخبر الشرطة أن شميد قد أخبره بموقع دفن جثة رو بعد فترة وجيزة من اختفائها.

اعتقلت الشرطة أيضًا كل من جون سوندرز وماري فرينش وكان كل منهما يبلغ 19 عام فقط حينها، وقد شهد 30 مراهق أخر أنهم سمعوا شميد وهو يتفاخر بقتل الفتيات.[2]

وبعد المحاكمة أدين شميد بارتكاب جريمة قتل في عام 1966م وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 50 عامًا لقتل رو.

كما أدين بتهمة القتل المزدوج للأختين فريتز وحصل على عقوبة الإعدام عن تلك الجريمة، لكن عندما ألغت المحكمة العليا في أريزونا عقوبة الإعدام تم تخفيف حكم شميد إلى السجن المؤبد.

وبعد محاولة فاشلة للفرار من السجن، تعرض شميد للطعن مرارًا وتكرارًا من قبل زملائه السجناء في 20 مارس 1975م، وفقد عينه وكليته في الهجوم وتوفي بعد 10 أيام.

لكن قصة تشارلز شميد ظلت حية في الثقافة الشعبية الأمريكية فقد تم اقتباس القضية الوحشية في القصة القصيرة التي نشرت للكاتبة جويس كارول أوتس عام 1966 “إلى أين أنت ذاهب وأين كنت؟”، وفي عام 1985 تم إصدار فيلم Smooth Talk كمعالجة لنفس قصة أين أنت ذاهب.