قصة بشر القاتل بالقتل من روائع القصص البوليسية ، التي حدثت بالواقع في إحدى قرى العراق ،
والقصة منها العبرة والعظة لكل معتبر ، وتدور أحداث القصة كالتالي .
ثلاثة فلاحين ودواب ومال :
كان ثلاثة رجال من الفلاحين ، يسيرون ليلاً من قرية على نهر ( الخازر) الذي يقع في منتصف الطريق بين الموصل وعقرة ،
متجهين نحو قرية في منطقة عقرة ، وكان معهم بعض الدواب والماشية وبعض المال .
إخبار الشرطة بالحادث :
كان أهلهم في قريتهم الجبلية ينتظرون وصولهم إلى القرية في منتصف الليل ، ولكنهم لم يصلوا إليها في الوقت المعين ،
وأصبح الصباح ولم يصل الرجال الثلاثة إلى القرية ، فأخبر أهلهم مختار تلك القرية ، فركب حصانه ويمم شطر عقرة ، وأخبر الشرطة هناك بالحادث .
بحث الشرطة :
وامتطى مفوض الشرطة ، ومعه بعض رجاله في سيارة مسلحة ، وساروا على طريق عقرة نهر الخازر المبلطة ،
وكانوا يتوقفون في القرى يسألون عن الرجال المفقودين .
العثور على الجثث :
واستمر تفتيش الشرطة خمس ساعات ، ثم عثروا على الجثث الثلاث للرجال الثلاثة ، محروقة في جوف واد سحيق ،
ولم يجدوا أثرًا لدوابهم وماشيتهم ونقودهم ، وابتدأت الشرطة تطارد الجناة ،
وبعد أيام عثروا على قسم من دواب وماشية الثلاثة المقتولين في حوزة أخوين شقيقين فألقوا القبض عليهما .
الأخوين الشقيقين المتهمين :
وجرى التحقيق مع المتهمين ، وكانا معروفين بارتكاب جرائم القتل والسرقة والسلب ،
وبعد التحقيق الدقيق قدما إلى المحكمة العسكرية العرفية ، كانت سوابق هذين المتهمين تشير إلى أنهما اللذان ارتكبا تلك الجريمة الشنعاء .
اعترافات المتهمين في جريمة القتل :
وكان عثور الشرطة على قسم من دواب وماشية القتلى ، عند المتهمين دليلاً ماديًا على ارتكابهما جريمة القتل ،
وعندما وقعا في فخ الشرطة ، تكاثر عليهما الشهود ، فاعترف أحدهما وهو الصغير أنه ارتكب جريمة القتل ، بينما أصّر الثاني على الإنكار !
قضاة المحكمة العسكرية العرفية واعترافات المتهم :
وتداول قضاة المحكمة العسكرية العرفية بأمر المتهمين ، فكان من رأي الأكثرية أن الأخ الصغير اعترف
بعد أن رأى أن الأدلة على ارتكاب جريمة متواترة لا سبيل إلى التخلص منها ، لذلك أراد أن يتحمل العقاب وحده باعترافه ويخلص شقيقه من العقاب .
قصة بشر القاتل بالقتل
وأخيرًا حكمت المحكمة على الشقيقين بالإعدام شنقًا علنًا حتى الموت ، ثم أرسلت بالدعوى إلى المراجع العليا للتصديق.
التصديق على تنفيذ الحكم في ميدان عام :
كانت جريمة بشعة حقًا ، استفزت الرأي العام ، فكانت حديث المجالس ، وقد وصلت إلى أسماع الناس في كل مكان ،
وكانت السلطة العليا تحرص على تطمين الناس وإدخال الأمن إلى نفوسهم وتهدئة روعهم ، فصدقت على الحكم بسرعة ،
وأقرت تنفيذ الحكم على الشقيقين في ميدان عام مزدحم بالسكان ، ونشرت الصحف تصديق الحكم على الشقيقين ،
وأذاعت محطة الإذاعة الخبر ، وتسامع الناس بموعد تنفيذ الحكم بهما ومكانه ، فأقبلوا زرافات ووحدانا ليشهدوا مصرع الجانيين.
موعد تنفيذ حكم الإعدام ومكانه :
وفي عصر يوم من أيام أواخر الخريف عام 1952م ، كان المسئولون عن السجن يقيمون مشنقة خشبية في ساحة (باب الطوب) في مدينة الموصل ،
فانتشر الخبر انتشار النار في الهشيم ، وسمع من لم يسمع بخبر العزم على تنفيذ حكم الإعدام بالمجرمين ، صباح يوم غد ، وسمعت بالخبر كما سمعه الناس .
وعزمت على أن أشهد تنفيذ حكم الإعدام بهما ، وحرصت على ألا تفوتني الفرصة ،
فقد كان وقع الجريمة في نفسي شديدًا ،
وكنت أسهر في ليلة التنفيذ مع الضباط في النادي العسكري ،
وإذ بجندي من جنود الانضباط العسكري (الشرطة العسكرية) يسلمني رسالة رسمية من آمر موقع الموصل ،
فلما قرأت الرسالة علمت منها رغبة آمر الموقع ، أن أحضر إلى السجن ممثلاً للجهة العسكرية لأبلغ المجرمين موعد تنفيذ حكم الإعدام ومكانه .
وفي السجن حين حضرت لتبليغ المجرمين ، وجدت ممثلاً عن المحكمة العسكرية العرفية ، ومدير السجن ، وطبيبًا ،
وممثلاً من المحاكم المدنية ، وممثلاً من الإدارة المحلية ، ووجدت ملفًا ضخمًا للدعوى فيها أوراق بيضاء وحمراء وصفراء … إلخ .
وكانت الأصول المتبعة أن يحضر ممثلون كل الجهات العسكرية والمدنية والإدارة المحلية ، وطبيب عسكري ،
ليوقع كل واحد منهم على تلك الأوراق بعد تبليغ المزمع تنفيذ حكم الإعدام بهما ، والإجراءات الشكلية كانت تجري كالمعتاد ،
وقد ذهب كل ممثلي تلك الدوائر الرسمية ، ومعهم ملف الدعوى الضخم إلى زنزانة المجرمين ، وهناك وجدوا شيخًا من شيوخ الدين ينتظرهم .
أصحاب الدار :
وفتح السجان باب الزنزانة ، فإذا بالمجرمين شابين قويين مفتولي العضل متمالكين أعصابهما إلى أقصى الحدود ،
ودخلنا الزنزانة فاستقبلنا المجرمين بترحاب وأريحية كأنهما أصحاب الدار ! وكأننا ضيوف عليهما ،
كانا هاشين باشين هادئين غير متذمرين ، وكانا مؤدبين غاية الأدب غير مكترثين بالأمر كله ،
وكانا طبيعيين حتى لقد تحرجنا من قراءة الحكم عليهما وبقينا واجمين صامتين لمدة من الزمن لا ندري كيف نبدأ الحديث .
لا نريد شيئًا من البشر :
وأخيرًا قرأنا عليهم الحكم ، وأخبرناهما بأن الإعدام سينفذ بهما في صباح غد علنًا ، في ساحة باب الطوب ،
فاستمعا إلى كل ذلك بشجاعة وصبر عجيبين ! سألناهما كالمعتاد : ماذا تريدان ؟ وهل لديكما ما تقولان ؟
قالًا : لا نريد شيئًا غير الشاي وعلبتين من الدخائن ، وقالًا : نريد رحمة الله وغفرانه ، ولا نريد من البشر شيئًا .. وتضاحكا ،
وأخذ كل منهما يشجع أخاه ، قال الصغير للكبير : لقد ارتكبت أنا الجريمة ، فشاركتني أنت في العقاب ،
وما كنت أريد لك هذا المصير ، ظلمًا وعدوانًا ، وقال الكبير للصغير : لا تحزن ! صحيح أنني لم أشترك معك في قتل الثلاثة رجال ، ولكنني قتلت غيرهم كثيرًا ، فأنا اليوم أؤدي ما في عنقي من ديون .
قصة بشر القاتل بالقتل
وسرد الأخ الصغير قصته كاملة على الحاضرين ، فكان مجمل ما قاله : أنني اليوم أقرب ما أكون إلى الله ، وسأكون غدًا ضيفه ،
إن أخي هذا لم يشارك في قتل الثلاثة رجال ، ولم يشهد قتلهم … لقد كنت وحدي ومعي بندقيتي في حفرة بالقرب من قارعة الطريق ،
فلما مرّ بي الثلاثة رجال مع دوابهم وماشيتهم انتهزتها فرصة سانحة .
وقررت ألا يفلت من يدي هذا الصيد الثمين ، كنت أراهم ولا يرونني فصوبت بندقيتي على رأس أحدهم ،
ثم أطلقت النار فأرديته قتيلاً ، وارتبك الاثنان الباقيان وامتدا على الأرض بالقرب من مكمني ، فأطلقت النار على الثاني ،
فأرديته قتيلاً ، ونهض الثالث من مكانه وهرب متعثرًا ، فعاجلته برصاصة استقرت في رأسه فمات على الفور .
قتل وسلب وحرق :
وجمعت الدواب والماشية وفتشت جيوب القتلى ، وسلبت ما كان معهم من نقود ،
ثم قدت الدواب والماشية إلى بطن الوادي القريب من الطريق ، ثم ربطتهم بالحبال ، وعدت إلى الجثث في محاولة إبعادهم عن الطريق ،
وسحبت الجثث إلى بطن الوادي لأنني خفت أن يراهم عابر سبيل فيخبر أهل القرى بالحادث ،
فيتنادى سكانها فيلقوا القبض على الدواب والماشية قبل أن أستطيع الفرار بها وتدبير أمرها ،
وحينما استقرت الجثث في بطن الوادي ، جمعت بعض الأخشاب والأعشاب اليابسة ،
ووضعتها فوق الجثث ، وأوقدت فيها النيران لإخفاء معالم الجريمة إلى الأبد !
قصة بشر القاتل بالقتل
وكان وادي الموت سحيقًا ، وكانت النيران تلتهم الجثث فلا يراها أحد ، وكانت أقرب القرى إلى ذلك الوادي تبعد ثلاثة أميال ، وسقت الدواب والمواشي إلى قريتي آمنًا مطمئنًا ، فوصلت إليها في منتصف الليل ، فربطتها بالقرب من القرية ، وذهبت إلى شقيقي هذا ، وأخبرته بالحادث ، فأسرع معي إلى مكان الدواب والماشية ، فاستقتاها بعيدًا وأخفيناها في شعاب الجبال .
تحت شجرة البلوط الضخمة :
ولما علم رجال الشرطة بالحادث ، تعقبوا آثار الدماء ، فعثروا على بقايا الجثث ، ثم استطاعوا بقدرة السماء أن يعثروا عليها في أعماق الوديان ، وحين ألقت الشرطة القبض علينا ، كنا نائمين بالقرب من عين من عيون الماء تحت شجرة ضخمة ، من أشجار البلوط ، ولو كنا يقظين لما استطاعت أي قوة من قوى الدنيا إلقاء القبض علينا .
الاعتراف والإنكار :
واقتنع قضاة المحكمة أنني وشقيقي قتلنا الرجال الثلاثة ، ولم يفد معهم اعترافي بالجريمة ، وإصرار شقيقي على الإنكار ! لقد ظنوا أنني أضحي بنفسي من أجل شقيقي ، وأنني أريد أن أنقذه من حبل المشنقة ، وما علموا أن اعترافي هو الحق وأن إنكاره هو الحق أيضًا ..
تنفيذ حكم الإعدام :
في صباح اليوم التالي ، كانا الشابان يتسابقان بخطوات ثابتة ورصينة لصعود سلم المشنقة ، وعلى السطح تحت حبلين يتمرجحان تعانق الأخوان ، وقال الصغير للكبير : أطلب منك العفو ، فأجابه الكبير : إنك لم تقترف ذنب بحقي ، فأنا المذنب بحق نفسي … وبعد لحظن كانا جثتان هامدتان ، يتلاعب بهما الريح ، وكانت تحتهما امرأة عجوز تنهل الدموع من عينيها غزيرة .
قصة بشر القاتل بالقتل
كان الذين شهدوا تنفذ حكم الإعدام يزيدون على عشرة آلاف نسمة : رجالاً ونساءً ، وشيوخًا وأطفالاً ، ولم يكن بين الحاضرين من يشاركها أساها ، ولم يكن بينهم من يشاطرها الحزن ، ولا شماتة في الموت ، ولكن الجريمة كانت أفظع من مقابلتها بغير شماتة قاسية .
وتحلق بعض الناس حولها يصبون لعناتهم على المصلوبين ، ولكن المرأة العجوز وكانت أم المجرمين اللذين لا تزال تتأرجح جثتهما على حبل المشنقة ، تسربت من بين الحشود الغاضبة ، بعد أن ألقت عليهم درسًا لا يزالون يذكرونه حتى اليوم ولا أخال أنهم سينسونه في يوم من الأيام .
بشر القاتل بالقتل :
قالت الأم الثكلى : إنني لا أملك إلا الحزن عليهما ، فهما فلذتا كبدي ، ولكنني كنت متيقنة منذ زمن بعيد أن مصيرهما سيكون القتل بالرصاص أو الصلب على أعمدة المشانق .
وكم كنت أتمنى أن يموتا شهيدين دفاعًا عن بلادهما ، أو في أرض فلسطين ، إذًا لرفعت رأسي عاليًا بهما ، لقد كنت قول لهما : أن الموت مصير كل حي ، ولكن شتان بين أن يموت المرء شريفًا ، وبين أن يموت جللًا بالخزي والعار !! لقد كنت أقول لهما : بشر القاتل بالقتل … واليوم أرى مصرعهما بعيني ، فإذا كانت الحدود مطهرات ، فليكونا عبرة لغيرهما من الناس .. ومضت المرأة العجوز هائمة على وجهها ، فهل من معتبر ؟ أم على قلوب أقفالها ؟.
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…
فنجان الابراج اليوم مع قارئة الفنجان المميزة. انضموا إلينا لاكتشاف ما تخبئه لكم النجوم من…
abraj alyawm نعرض لكم في هذا المقال أحدث توقعات الأبراج اليومية ونصائح الحظ الفلكي. اكتشف…
توقعات الأبراج اليوم | حظك اليوم - مرحباً بكم في أبرز التوقعات اليومية لجميع الأبراج.…