للقتلة والسفاحون ، طريقتهم في القتل والتمثيل بالضحايا ، وكما شاهدنا في كل القصص المتعلقة بهؤلاء ، نجد أن الطفولة عليها عاملاً كبيرًا ، في تنشئة الشخص ، وتكوينه وفكره الذي ينتهي في آخر المطاف ، إما بتشكيل عقلية نافعة للمجتمع ، أو قاتل وسفاح ، يخش منه المجتمع ويسعى للزج به في غياهب السجون ، للتخلص من شروره .
طفولة راميرز :
ولد ريتشارد راميرز عام 1960م ، في مدينة الـ باسو الأميركية ، التابعة لولاية تكساس ، وكان ينتمي لأسرة فقيرة ، وهو الطفل السادس بين أشقائه ، وكان والده جوليان راميرز يعمل شرطيًا بالمكسيك ، حتى انتقل برفقة عائلته الصغيرة ، إلى الولايات المتحدة ليعمل في إحدى محطات القطارات .
وكان عنيفًا مع أطفاله جميعًا ، ويعرّضهم للضرب والتعنيف المباشر كل يوم ، بينما كانت الأم وتدعى مارسيدس راميرز ، عاملة بأحد المصانع ، وكانت سيدة متدينة وطيبة ، حاولت بذل ما بوسعها لتأمين حياة كريمة ، وهادئة لأطفالها إلا أنها اكتشفت فيما بعد ، أنها قد فشلت في مهمتها .
كان راميرز طفلاً هادئًا ، أحبته عائلته ، واعتنت به شقيقته الكبرى حتى النهاية ، ولكن مع ضيق المعيشة وطباع الأب ، عانى هذا الطفل من الكثير من المشكلات النفسية ، خاصة مع معيشته في وسط ، تنتشر به المخدرات والبطالة والفقر .
ولعل بعض المواقف التي تمر بنا في مرحلة الطفولة ، يكون لها أثرًا قويًا على تحويل الشخص ، من كائن مسالم إلى وحش كاسر ، وفي أكثر من حالة للقتلة المتسلسلين ، كانوا قد تعرضوا في طفولتهم إلى جروح بالرأس ، تبدلت بعدها شخصيتهم ، وقد تعرض راميرز وهو في الثانية من عمره ، لسقوط شماعة ملابس فوق رأسه ، احتاج إلى ثلاثة عشرة غرزة بالرأس ، لشجب هذا الجرح الغائر ، وفي عمر السادسة صدمته أرجوحة أثناء لعبه بالمتنزه ، ليسقط مغشيًا عليه ، وعانى بعدها من نوبات صرع متكررة .
علاقات أسرية قادت راميرز إلى الهاوية :
كان ابن عم راميرز ، واحدًا من ضباط القوات الأميركية الخاصة ، يدعى مايك وله الكثير من الميول السادية ، عندما عاد من فترة الخدمة ، كان راميرز في هذا الوقت ، يبلغ من العمر عشر أعوام ، وقتها بدا مايك في عرض صور له ، وهو يغتصب سيدات فيتناميات ، وصورًا أخرى وهو ممسك برؤوسهن بعد قطعها ، وغيرها من الصور المقززة ، التي ساهمت في تشكيل وجدان راميرز ، خاصة بعدما بدأ مايك تعليمه فنون القتال ، وكيفية السرقة والهروب وسلخ وتقطيع أوصال الضحايا !
كان راميرز قد تعلم من مايك ، إدمان المخدرات فبدأ يتجه إلى السرقة ، لتوفير المال اللازم لشرائها ، فطرده والده من المنزل ، ليمكث في فترة مراهقته بإحدى المقابر ، ويذهب خلسة إلى المنازل القريبة ليسرقها .
بعد فترة احتضنته شقيقته الكبرى ، وأخذته إلى منزلها ليبدأ زوجها في تعليمه كيفية التلصص على الآخرين ، وبعد أن كان راميرز يكتفي بالتلصص على جيرانه من السيدات ، بدأ في التعدي عليهن أثناء اقتحم المنازل ، وصار له سجلاً ذاخرًا ، بالتحرش الجنسي والمخدرات وهو بعمر السادسة عشر عامًا .
جرائم راميرز:
كانت أولى جرائم راميرز غير المسجلة لدى الشرطة ، قتله واغتصابه لطفلة تبلغ من العمر تسع أعوام ، وتسكن بالقرب من منزله ، حيث تبين وجود جثة الطفلة أسفل المنزل بالقبو ، وقد تعرضت للضرب المبرح والاغتصاب ، ثم قتلت شنقًا ، واتجهت أصابع الاتهام حينها إلى راميرز ، صاحب السجل الجنائي المتفرد ، إلا أن أول حالة تم تسجيلها منسوبة إليه ، كانت للضحية جيني العجوز ذات الـ 79 عامًا ، التي دخل إليها من النافذة ، وبحث في المنزل عما يسرقه ، ولكنه لم يجد شيئًا ، فقام بطعنها بالسكين في صدرها ، ثم نحر عنقها واغتصب جثتها وانصرف .
وكانت الضحية الثانية في المرآب تضع سيارتها ، فلمحت راميرز بالمرآة الذي أطلق الرصاص عليها ، لترفع يدها فتصيبها الرصاصة ، بدلاً من رأسها ولكنها سقط أرضًا متظاهرة بالموت ، ليحملها معه راميرز إلى الشقة ، ولم يكن يدري بأن هناك زميلة لها بالسكن ، وقد اختبأت الأخيرة بالمطبخ .
وخرجت بعدها ظنًا منها أن راميرز قد هرب ، إلا أنه عالجها برصاصة أردتها قتيلة في الحال ، كانت الضحية قد استفاقت لتجد يدها جرحت فقط ، فنهضت مسرعة للهروب ، ولكنها رأت راميرز يسير خلفها ، فجلست في المرآب تبكي ، ولكنه لدهشتها تركها وانصرف .
لم تكن الضحية بحالة تسمح لها بالحديث ، فأبلغت الشرطة بمواصفاته ، وكان هو قد انطلق في حالة غضب شديد ، وقام بإطلاق الرصاص على رأس الضحية الثالثة ، وحصل على سيارتها وانطلق بها هاربًا ، دون أن يبالي بتلك التي ماتت ، منذ دقائق .
لم تتوقف جرائم راميرز ، فقد قتل زوجين بعد اقتحام منزلهما ، وخرج هاربًا ليقتل اثنين آخرين ، ثم ينطلق نحو منزل ثالث ، حيث قيد سيدة وابنها ذو العشر أعوام ، وسرق كل ما بالمنزل من أشياء ثمينة خفيفة الحمل ، وعاد يغتصب السيدة ، ثم تركها حية ، وكانت هي الوحيدة التي أدلت بمواصفات دقيقة عن راميرز .
توالت جرائمه وأصاب الرعب كافة المنازل في كاليفورنيا ، ليتحير رجال الشرطة خاصة وأن راميرز ، لم يكن يخطط لجرائمه ، بل كان يسير بعشوائية شديدة ، ليقتحم منزل شقيقتين تبلغان من العمر 83 و 891 عامًا ، ليغتصب إحداهما ، ويتركهما في حالة يرثى لها ، وقد اكتشف الجيران ماحدث لهما بعد يومين ، ونقلتا للمشفى ، حيث ماتت واحدة ونجت الثانية .
واصل راميرز جرائمه ، حتى آخر جريمة ارتكبها ، وأثناء خروجه لمحه طفل صغير وارتاب في هيئته ، فقام بتسجيل أرقام السيارة التي قادها راميرز ، واحتفظ بها ، ليسلمها إلى رجال الشرطة ، فور قدومهم إلى المنزل عقب أن استغاثت بهم الضحية ، التي لحسن حظها تركها راميرز حية .
بدأ رجال الشرطة في تعقب السيارة المسروقة من الأساس ، وعلى الرغم من حرص راميرز على عدم ترك أية أدلة خلفه ، إلا أن رجال الشرطة ، استطاعوا الحصول على بصمة واحدة فقط ، تركها راميرز لتقودهم إلى سجله الإجرامي ، ويتم تعميم صوره في كافة أنحاء كاليفورنيا .
كان راميرز قد ترك السيارة ، وذهب لزيارة شقيقه في ولاية أخرى ، وكان يتابع أخبار جرائمه بالصحف بشغف شديد ، ولكنه لم يفطن إلى أن الشرطة قد عممت صوره ، سوى بعد أن عاد إلى كاليفورنيا ، وانتبه إلى نظرات الناس له ، حيث وقفت سيدتان أمامه ، وقالت إحداهما أنه القاتل .
فبدأ الناس يطاردونه ، خاصة بعد أن حاول قتل سيدة والحصول على سيارتها ، إلا أن الرجال أمسكوا به ، وأفلت منهم وركض بين الأزقة ، ليتم محاصرته في أحد الأركان ، وضربه أحدهم بعصا معدنية على رأسه ، وكال له الجميع اللكمات ، وخلصه رجال الشرطة من بين أيديهم بأعجوبة .
الاعتقال والمحاكمة :
في النهاية تمت محاكمة هذا القاتل عقب مرور ثلاث أعوام ، من القبض عليه خاصة مع طول الإجراءات في لوس أنجلوس ، وتم الحكم عليه بتسع عشر حكمًا بالإعدام ، لم يتم تنفيذ أي منها ، ومات راميرز في النهاية عن عمر ناهز 53 عامًا ، على فراشه بإحدى المستشفيات ، نتيجة إصابته بسرطان الغدد الليمفاوية ، وهو لا يشعر بأي ندم عما فعل .