لعلنا قرأنا الكثير من قصص ، القتلة المتسلسلين ، حيث عاش أغلبهم في المملكة المتحدة ، الأمر الذي قد يدفعنا للتساؤل ، بشأن العلاقة التي تربط ، بين المملكة المتحدة وظهور القتلة المتسلسلين فيها ، خاصة أن أغلبهم سفاحو نسوة ، منهم من قتل سيدات مسنات وآخرون قتلوا فتيات ، ولكن يبقى في النهاية لكل منهم قصته وطريقته في تنفيذ جرائمه أيضًا. وبيتر توبن أحدهم .
تم تسجيل بيتر توبن كأحد أشهر القتلة المتسلسلين ، في تاريخ المملكة المتحدة ، وأخطرهم كذلك وكان بيتر ، قد سافر إلى العديد من الأماكن ، واستخدم أكثر من أربعين اسمًا مستعارًا ، تجنبًا لإلقاء القبض عليه ، وتمت إدانته بمقتل ثلاث نساء ، في انجلترا ومهاجمة مراهقتين ، وعندما تم إلقاء القبض عليه ، كان بعمر الستين عامًا ، وهو ما تسبب في بلبلة للسلطات ، فهذا يعني أنه قد يكون متورطًا ، في جرائم أكثر من ذلك.
جرائم بيتر توبن :
هاجم بيتر توبن فتاتين في عام 1993م ، كانتا في الرابعة عشر من عمرهما ، قام باستدراجهما لشقته في هامبشاير ، ثم خدرهما واغتصب الفتاتين ، وقبل أن يغادر منزله ، طعن إحداهما بالبطن ، ثم قام بفتح الغاز وأغلق الباب والنوافذ خلفه بإحكام ، ولكن استفاقت الفتاتان ونجتا من موت محتم ، وأبلغتا عن بيتر ، وتمكنت الشرطة من التعرف على مواصفاته.
إثر العثور على بيتر ، تم محاكمته بشأن اعتدائه على الفتاتين ونال حكمًا بعشر أعوام ، وعقب إطلاق سراحه في عام 2004م ، كان وقتها بيتر يبلغ من العمر ثمانية وخمسين عامًا ، واستقر في شقة له باسكتلندا.
لم يكن بيتر يملك منزلاً مستقلاً ، فبدأ يتردد على مائدة تابعة لإحدى الكنائس ، تقع في جلاسكو ، حتى بدأ العمل بها تحت اسم مستعار ، وهو بات ماكلولين ، في هذا الوقت تعرف إلى فتاة شابة ، تبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا ، وهي بولندية الأصل وتدعى انجيليكا ، وما تسبب في تقاربهما أنها كانت تعيش ، بالنزل المجاور للكنيسة.
لم تمر سوى خمس أيام ، حتى اختفت الفتاة دون أثر يذكر ، وبتكثيف البحث عنها ، تبين وجود جثتها مدفونة تحت ألواح الأرضية ، بكنيسة القديس باتريك التي كانت تجاورها ، وبالمزيد من التحقيقات أكد شهود العيان على رؤيتها حية منذ أيام ، وأكد آخرون مشاهدتهم لها برفقة ماكلولين ، الذي ما أن تم تضييق الخناق عليه ، حتى فر هاربًا ولكن بتتبعه عثر عليه رجال الشرطة ، واقتيد للمحاكمة مع أدلة دامغة ، على ارتكابه لتلك الجريمة البشعة ، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وكانت انجيليكا قد ماتت بطريقة بشعة وعنيفة للغاية ، حيث كشف فحص الطب الشرعي ، عن وجود إصابات شديدة بالرأس وكدمات نتيجة الضرب ، بأماكن متفرقة بالجسد ، وتعرضت الفتاة للاغتصاب ، وتم تقييدها وطعنها تسعة عشر طعنة ، قبل أن تُدفن أسفل أرضية الكنيسة ، وأنها كانت مازالت على قيد الحياة أثناء الدفن.
ماضي بيتر العنيف :
بدأ المختصون وعلماء النفس ، في دراسة جريمة انجيليكا ، ليكشفوا النقاب عن ماضي بيتر السابق ، ذلك أنه من النادر جدًا أن يرتكب رجل ، في منتصف العمر جريمة وحشية مثل هذه ، دون سلوك سيء سابق ينذر بما ارتكبه ، وأن هذا السلوك المنحرف يبدأ في نهاية المراهقة ، أو بداية العقد الثاني من العمر.
الكشف عن جرائمه وهو في هذا السن ، كان أشبه بالمفاجأة المدوية لرجال التحقيقات ، فهذا يعني أنه مارس جرائمه طيلة أربعين عامًا ، خاصة مع مقارنة الجرائم ، وملابساتها ببعضها البعض ، ولعل هذا هو ماكشف عن جثتي فتاتين كان بيتر ، قد قتلهما ودفنهما في باحة منزله الخلفية.
وأعيد على إثر هذا الأمر ، فتح ا لتحقيقات بقضية فيكي هاميلتون ، التي وقعت في عام 1991م ، حيث كانت الفتاة تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا فقط ، واختفت أثناء انتظارها لمرور الحافلة ، في غرب لوثيان على مسافة أقل من ميل واحد ، من منزل هذا السفاح ، لتقع فريسة له فيقتلها عقب اغتصابها ، وينتقل إلى كينت.
وبتفتيش المنزل القديم ، عثر رجال الشرطة بالفعل على بقايا جثة الفتاة ، وتم محاكمة بيتر مرة أخرى ، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة للمرة الثانية.
وللمفاجأة أثناء تفتيش منزل بيتر ، لرفع رفات فيكي تم العثور على بقايا جثة امرأة أخرى ، وهي دينا ماكنيكول البالغة من العمر ثمانية عشر عامًا ، حيث اختفت في عام 1991م ، أثناء ذهابها لحضور حفل موسيقي ، ولكنها لم تعد مرة أخرى.
وقد تبين أن دينا تم تخديرها بنفس المخدر ، الذي وجده الأطباء في بقايا جثة فيكي ، وتم تقديم بيتر للمحاكمة مرة ثالثة عام 2009م ، وفي خلال خمسة عشر دقيقة ، تم الحكم على بيتر بالسجن مدى الحياة للمرة الثالثة ، مع توصية بعدم إطلاق سراحه.
كشفت التحقيقات أن زوجة بيتر السابقة ، كانت إحدى ضحاياه أيضًا! نعم فقد قام بيتر بطعنها وتركها تنزف لتموت ، ولكنها استطاعت أن تتغلب على الألم ونجت بنفسها ، وذهبت للمشفى لتلقي العلاج ، ثم اختفت تمامًا ، لتظهر فجأة أثناء محاكمة بيتر ، وتشهد ضده عقب مرور عشر أعوام من هذا الحادث.
وفي عام 2010م ذهبت سيدة إلى قسم الشرطة ، لتحرر محضرًا ضد بيتر ، متهمة إياه باختطافها واغتصابها في جلاسكو ، عندما كان عمرها 15 عامًا فقط ، في عام 1968م ، حيث التقته في أحد الملاهي ويدعى بارولاند ، وعرفها بنفسه أن اسمه جيم ماكلولين ، وطلب منها في نهاية السهرة ت، حديد موعدًا لملاقاته مرة أخرى ، إلا أنها رفضت وغادرت.
تعقبها بيتر بعد مغادرتها للملهى ، ثم جرّها إلى شارع مظلم جانبي واغتصبها ، وكاد أن يقتلها لولا مقاومتها الشرسة للنجاة بحياتها ، وتركها بيتر خوفًا أن ياتي أحدهم على صراخها ، وعلى الرغم من قدم الواقعة ، إلا أنها كانت ما تزال تترك آثارها على وجه باتريشيا ، ولكن لم تتم إدانة بيتر للأسف ، لعدم كفاية الأدلة على الرغم من استخدامه لنفس الاسم ، الذي بدّله أكثر من مرة وظل اسم العائلة ثابتًا ؛ أي ماكلولين.
وكانت تلك هي آخر القضايا التي قُدمت ضده ، وظل بيتر يتباهى بقضاياه وأعماله، أمام المسجونين الآخرين ، وأنه قتل أكثر من 48 فتاة وسيدة ، بعد اغتصابهن جميعًا ، وهو يواجه الآن ، ثلاث أحكام بالسجن مدى الحياة ، مع توصية بعدم إطلاق سراحه قط.